أعاد النّاس ترتيب حياتهم وفق ما فرضته الطّوارئ الصحية، و"ما جرى به العمل" من تدابيرها الوقائية، واعتادُوا ضبط خروجهم إلى الشارع بأوراق موقّعة تحدَّد فيها حاجاتهم بتدقيق. في شارع ابن الهيثم بحي الانبعاث في مدينة سلا، منظر لم يكن معتادا إلى وقت قريب: حواجز يراقب فيها رجال القوات المساعدة والشرطة رخص الخروج، بكمّامات بيضاء، بينما يرفرف العلم الوطني من إحدى النوافذ. ابتداء من الساعة السادسة، موعد بداية حظر التجوّل، ينتشر الأمنيّون في أزقة معروفة بهشَاشتها في سلا، يتحدّثون مع النّاس طالبين منهم دخول بيوتهم في جولة أولى، تليها ثانية يُعتقَلُ فيها رافِضو الانصياع للحجر، فدورياتٌ تستمرّ الليل بطوله. على بعد دقائق من هذا المشهد، يجتمع ممرّضون وأطباء، قرب سبّورة فيها تفاصيل متابعة حالة المصابين بالفيروس، وتواريخ دخولِهِمُ حجرَ مستشفى مولاي عبد الله في سلا، يبادِلون بعضَهم بعضا الحديثَ عن دخول الحالات الجديدة وخروج المتعافية منها، ومعيش المصابين وحاجاتهم. وكان ليوم الجمعة طعم خاصّ: صور سيلفي، وشارات نصر، وتصفيقات، وابتسامة بادية على مُحَيَّا من أنزلوا لوهلة كمّماتهم، بعدما خرجت ثلاث حالات شُفِيَت من "الفيروس"، ونُقِلَت إلى فندق من فنادق المدينة للتّحقّق من تعافيها التام، قبل أن تستبدل بسقف منزلها سقفَ مواقع الحجر الطبي. ممرّض شاب من بين المتعافين تحدّث عن ظروف الحجر بإيجابية كبيرة، وثمّن معاملة العاملين بالمستشفى، الذين أجابوا بأريحية على كلّ الأسئلة التي يطرحها الإنسان، وقد "تكون تافهة عندما يكون خائفا". وأضاف المتحدّث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّه نُقل إلى المستشفى بعدما اتصل إثر ظهور أعراض الإصابة عليه بالرقم المخصّص للمساعدة الطبية الاستعجالية "141"، وإخباره أنّه خالط حالة ثبتت إصابتها بالفيروس. ويزيد الممرّض المتعافي أنّه بعدما ثبتت إصابته مخبريا أُخبِرْ بذلك غُدوَةَ، وسئل عمّن خالطهم، ونقل إلى قاعة خاصّة بالحالات المصابة، إذ طُمئِنَ بالحديث عن تبشير شبابِه بشفاء قريب، وأُعطيَتْهُ ثلاث وصفات طبية كان يتناولها مرّتين في اليوم. وقال المتحدّث إنّه طُبِّبَ سبعةَ أيام طلَب منه فيها عمال التّعقيم والتنظيف ب"أن يرتاح فقط"، ثم نقل بعد ذلك إلى فندق من فنادق الحَجر، ليمكث فيه أسبوعين آخرين للتّحقق من تعافيه التام، قبل إعادته إلى بيت عائلته. وبنبرة ملؤها العرفان، يقول المصرّح: "أحسست وكأن عائلتي هناك"، وكان هناك "تركيز على الجانب المعنوي أكثر من الوصفات الطبية الموصوفة"، ثم يضيف: "ولو أن الأمر ليس وكأنّك ببيتك. لكن، على الأقل، تجد أناسا عندهم عاطفة، فترتاحُ نفسيا".