في وقتنا الراهن، يعرف عالم التربية والتعليم تحولات جذرية وكثيرة في مناهج وطرق التعليم والتدريس متمثلة في إبداعات وابتكارات واعدة. مصادر تربوية آنية تستدعي تعلما ذاتيا للمتعلم، وفي هذا السياق تأتي ما يسمى "بالبيداغوجية المقلوبة" حيت تصبح العملية التعلمية مقلوبة إذ يقوم المتعلم بالتعرف واكتساب المعارف بالبيت عن طريق الانترنيت، والفيديوهات، وكل وسيلة من شأنها مساعدة المتعلم على اكتساب المعرفة المطلوبة وامتلاكها، وعند ولوج الفصل يقوم المتعلم صحبة المعلم بإنجاز تمارين ودعم لدمج تلك المعرفة المكتسبة خارج الفصل، لهذا فهي بيداغوجية نشيطة. بجامعة هافارد قام بعض أساتذة العلوم الفيزيائية باعتماد منظومة "التعلم الذاتي" عن بعد، متبوعا بمرحلة "بناء المعارف بشكل تعاوني" عن طريق الأقران، وفي هذه المرحلة يتم التعلم بحضور المتعلمين. وهذا ما جعل الطلبة متحملين للمسؤولية في تحضير المحتوى قبل الدرس، إذ أصبحت مهمة الطلبة القراءة والأنشطة المعرفية. ثلاث مبادئ تظهر هنا جليا: التفاعلية داخل الفصل والذي يترجم بتقاسم المعارف، التقويم التعاوني بين الأقران، وكذا البناء التعاوني للمعارف المكتسبة/ وهنا لم يعد المعلم مصدر المعرفة الوحيد والمحتكر لها. هذه المبادئ والمقدمات تعد أساس الأعمال لبركمان (Bergmann) وسامس (Sams) أستاذي الكيمياء بالثانوي بإحدى المدارس بكولورادو. تجاربهما انتشرت بشكل واسع عن طريق كبسولات على الأنترنيت وبعض مشاهد الفيديوهات للتلاميذ، لاحظ الأستاذان أن التفاعلات داخل الفصل أصبحت غنية وديناميكية، مما جعلهما يرصدان مشاكل الفهم، وأيضا المهارات الموجودة في أعلى درجات تصنيف بلوم، كما بالنسبة لهذين الأستاذين ليس فقط استثمارا لوقت الحاضر ولكن أيضا يحفز التلاميذ على التعلم. كما ظهرت في 2007 عبارة «Classe inversée» "الفصل المقلوب" كجهاز معرف حسب لوبران (2016) Lebrun كمجموعة منسجمة مكونة من مصادر (مادية وبشرية) ولاستراتيجيات وطرائق وفاعلين في سياق للوصول إلى هدف محدد، المفهوم التقليدي للدرس أصبح مقلوبا: المتعلم يتكلف، عن بعد، بجزء كبير عن ما يكتسبه داخل الفصل. *باحث متخصص في ديداكتيك الرياضيات