بعد ثلاث سنوات من إطلاقه، حقق برنامج "المدارس المُحتضَنة"، وهو ثمرة شراكة بين مؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط ووزارة التربية الوطنية، نتائج لافتة، سواء من حيث تجديد وتقوية البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، أو في الشق المتعلق بتحسين مستوى التحصيل العلمي لدى التلاميذ وتطوير كفاءة الأطر التربوية. تم إطلاق برنامج "المدارس المحتضنة" في سنة 2016، وهو برنامج تتولى بموجبه مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، الساهرة على تنفيذ الأعمال الاجتماعية للمجمّع، احتضان مؤسسات تعليمية بالقطاع العمومي، بهدف تحسين ظروف تمدرس التلاميذ، حيث قامت بتجديد أو بناء وتجهيز عدد من المؤسسات التعليمية، وإنشاء نواد خاصة، وتكوين الأطر التربوية. ومكّن البرنامج إلى حد الآن من مواكبة أكثر من 15.600 تلميذة وتلميذ على صعيد 31 مؤسسة تعليمية محتضَنة بخمسة أقاليم هي ابن جرير، الجديدة، خريبكة، آسفي واليوسفية، ويستهدف البرنامج 60 مدرسة في أفق 2020. ويركّز برنامج "المدارس المحتضنة" بشكل أكبر على تطوير واكتشاف مواهب التلاميذ وتنمية روح الإبداع لديهم، عبر إنشاء نوادٍ للتنشيط المدرسي في المؤسسات العمومية، تجاوز عددها إلى حد الآن 150 ناديا، كما مكّن البرنامج من استفادة 200 مدرّس ومدرّسة من برامج للدعم البيداغوحي. وتقام في النوادي المدرسية أنشطة ثقافية كالمسرح والفن، وأنشطة توعوية وتحسيسية تروم الرفع من وعي التلاميذ بعدد من القضايا ذات الأهمية كالحفاظ على البيئة، والتربية على المواطنة والقيم المجتمعية، إضافة إلى الأنشطة الرياضية. مسؤولو المكتب الشريف للفوسفاط ووزارة التربة الوطنية عبّروا عن رضاهم عن النتائج التي حققها برنامج المدارس المحتضنة حتى الآن؛ إذ قال صهيب عبد الهادي، الكاتب العام لمؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، على هامش لقاء حول هذا الموضوع في مراكش، إن البرنامج حقق نتائج مهمة على كافة المستويات، وفي مقدمتها تحسين ظروف تعلم التلاميذ والحد من الهدر المدرسي. ما جاء على لسان المسؤول بالمكتب الشريف للفوسفاط أكّده عدد من الفاعلين التربويين من مديري المؤسسات التعليمية الذين شاركوا في اللقاء، إذ أبرزوا أن المؤسسات التعليمية التي يشرفون على إدارتها سجّلت انخفاضا كبيرا في التسرب المدرسي منذ بدء العمل ببرنامج "المدارس المحتضنة"، وفي المقابل ارتفعت نسبة النجاح في صفوف التلاميذ بشكل لافت. وموازاة مع تطوير واكتشاف مواهب التلاميذ وتحفيزهم على التحصيل العلمي، تولي مؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط عناية خاصة للرفع من كفاءة الأطر التربوية؛ إذ استفاد أزيد من 200 أستاذ وأستاذة من تكوينات حول المناهج البيداغوجية الجديدة وطرائق التعامل مع التلاميذ. وأكد صهيب عبد الهادي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط تطمح إلى توسيع نطاق برنامج "المدارس المحتضنة"، بعد النتائج الإيجابية التي سُجلت في مرحلته الأولى، وقال: "سنكون سعداء باقتسام هذه التجربة مع كل الفاعلين الذين يودون الانخراط في هذا الورش الوطني المهم، كمساهمة من المؤسسة في دعم وتحسين المنظومة التربوية بالمغرب". وتندرج الشراكة الاستراتيجية بين وزارة التربية الوطنية ومؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط، التي بموجبها تحتضن هذه الأخيرة مجموعة من المؤسسات التعليمية، في إطار تنزيل مقتضيات القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين، الذي ينص على إبرام شراكات بين الوزارة الوصية على القطاع وبين الجماعات الترابية والمقاولات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص. وأبرز يوسف بلقاسمي، الكاتب العام لقطاع التربية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أن برنامج "المدارس المحتضنة" يروم تحقيق مجموعة من الأهداف، في مقدمتها تنمية وتأهيل المؤسسات التعليمية المحتضنة لتوفير الظروف المناسبة للتعلم، وتقوية قدرات الأساتذة والفاعلين الآخرين، كجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، والمجتمع المدني. ونوّه بلقاسمي بالنتائج التي حققتها الشراكة بين وزارة التربية الوطنية ومؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط، التي مكّنت من إعادة تهيئة مجموعة من المؤسسات التعليمية، وخلْق نواد همّت جميع مناحي الحياة المدرسية، مبرزا أن الطرفين يسعيان إلى الانتقال إلى مستوى آخر من الشراكة لإثمار مزيد من النتائج الإيجابية. وأضاف المتحدث في تصريح لهسبريس أن "هذا البرنامج يعطي الإمكانية للأطر التربوية وللتلاميذ للتعبير عن آرائهم، والمساهمة في الإبداع والتجديد، كما أنه يمكّن من تطوير مهاراتهم للارتقاء بأداء المدارس المحتضنة، والرفع من التحصيل الدراسي لدى المتعلمات والمتعلمين، مشددا على أن "نجاح هذا العمل سيكون له أثر إيجابي جدا، وسيعزز مكانة المدرسة المغربية".