تخلق التغيرات المناخية، في ظل ما تتسم به منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط من مناخ جاف وندرة مياه، تحديا مضاعفا أمام جهود المملكة لتحسين أمنها الغذائي من خلال تأثيرها على الإنتاج الزراعي، هي إحدى الخلاصات التي خرج بها التقرير الصادر عن صندوق النقد العربي. التقرير، الصادر الأحد، أشار إلى أن حصة الفرد من المياه المتجددة تتراوح في المغرب بين 500 و1000 متر مكعب عام 2017، علما أن هذه الحصة لم تتجاوز حد الندرة المائية الذي تقدره المنظمات العالمية ب1000 متر مكعب، ما يجعل المغرب معنياً بالتحديات المطروحة على مستوى الموارد المائية. وأوضح "التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2019"، الذي قدّم تحليلا وافيًا للتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها منطقة ال MENA سنة 2018، أن التغير المناخي والنمو السكاني سيؤدي إلى انخفاض حصة الفرد من المياه المتجددة بحوالي عشرين في المائة بحلول عام 2030 في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط. ولفت المصدر عينه إلى أن بلدان ال MENA تستخدم الموارد المائية بنسبة مرتفعة تصل إلى 77 في المائة، وهي نسبة عالية للغاية بالمقارن مع النسبة العالمية التي تُقدر بحوالي 7.5 في المائة. الأكثر من ذلك هو أبرز التقرير أن هذه النسبة تصل في بعض دول المنطقة إلى أكثر من 200 في المائة تُغطى باستنزاف المياه الجوفية. وتستخدم بلدان المنطقة 84 في المائة من الموارد المالية للأراضي الزراعية، و9 في المائة مخصصة للاستخدام المنزلي، بينما 7 في المائة للاستخدام الصناعي والتجاري. كما نبّه التقرير فواعل المنطقة إلى الأعباء المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة نتيجة شحّ المياه. وتبعا لذلك، سيكون تأثير التغير المناخي "قاسيا"، بتعبير صندوق النقد العربي، على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاعتمادها الكبير على الزراعة المطرية؛ الأمر الذي سيؤثر على أمنها الغذائي الذي أصبح يواجه تحديات كثيرة، حيث توقع ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء والصيف، وكذلك نقص كميات الأمطار السنوية، وازدياد شدة الزخات المطرية وتسببها في زيادة وتيرة الفيضانات والسيول الجارفة. على الصعيد الاقتصادي، أشار التقرير إلى أن نسبة الفقر بالمغرب تصل ل 4.8 في المائة خلال 2018، لافتا إلى التقدم الملحوظ في مجالات مكافحة الفقر وتعميم التعليم والرعاية الصحية وتمكين المرأة، من خلال التطور الإيجابي المنتظم لعدد من المؤشرات الاجتماعية؛ من بينها معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الشباب والبالغين. وعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي طرأت على عدد من المؤشرات الاجتماعية، فإن صندوق النقد العربي يؤكد أن تحديات عديدة ما زالت تواجه بلدان شمال إفريقيا؛ أبرزها ارتفاع معدلات النمو السكاني، والحاجة إلى إصلاح التعليم وزيادة طاقته الاستيعابية، إلى جانب انتشار البطالة لا سيما بين المتعلمين. وبالحديث عن معدلات الاستثمار، أدرج التقرير المغرب ضمن بلدان المنطقة التي تعاني من فجوة بشأن تمويل الاستثمار من الادخار المحلي الإجمالي، حيث سجل هذا المعدل 23.6 في المائة؛ ما يعني أنه احتاج إلى مصادر تمويل الاستثمار المحلي، خصوصا عبر التمويل الخارجي.