عندما تجمعت الحشود خارج المسرح المزين بالزخارف الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية في شارع بورقيبة بتونس العاصمة، بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تحقيق قيس سعيد فوزا ساحقا بالانتخابات الرئاسية في ساعة متأخرة من مساء الأحد 13 أكتوبر، حسمت أمل البحريني أمرها على أنها ينبغي أن تكون هناك. وأظهرت استطلاعات آراء الناخبين عقب خروجهم من مراكز الاقتراع، أن حوالي 90 في المئة من الناخبين الشباب يؤيدون سعيد، الذي فجّر فوزه موجة من الإثارة شبهتها أمل البحريني وكثير من الطلاب الآخرين خارج جامعة المنار يوم الاثنين 14 أكتوبر بانتفاضة 2011 التي كانت مصدر إلهام لثورات الربيع العربي. وقالت الطالبة سندة طوالي "فكرني بأجواء الثورة من غير الغشم والقهرة والعنف في قلبنا، بالعكس هدي طريقة أخري، بالعكس عملت نوع من التضامن بين التوانسة وفرحة مشتركة ما بينهم". وتمثل قضايا الاقتصاد والفقر والبطالة موضوعات ساخنة ومُلحة وخصوصا بالنسبة للشباب، الذين يزيد معدل البطالة بينهم عن المعدل على مستوى البلاد. وكان كثير من الشباب الذين صوتوا لصالح سعيد يوم الأحد، أطفالا عندما خرج آباؤهم وإخوتهم الأكبر سنا إلى الشوارع للمطالبة بالحقوق السياسية. والآن، بعد سنوات من المصاعب الاقتصادية والحكومات الائتلافية التي تضم الكثيرين من الساسة القدامى البارزين في عهد بن علي، ساعد الشباب في انتخاب رجل كان يسير مع المحتجين في ليالي الثورة وأيامها عام 2011. وتقول أمل البحريني، التي كانت في الثالثة عشرة من عمرها في ذلك الوقت ، إنها كانت تشاهد أحداث الثورة على شاشات التلفزيون. وكانت البحريني تتحدث أمام كلية العلوم في حرم فرحات حشاد بجامعة المنار القابعة فوق تل يطل على العاصمة التونسية. وكان ملصق صغير لسعيد ظاهرا خلفها على جدار سور قريبة وكان جميع الطلاب الذين قابلتهم رويترز من أنصاره. وبالنسبة لعشرات الطلاب الذين تحدثت إليهم رويترز في الجامعة يوم الاثنين، فإنهم لم يتأثروا بأي شيء قاله سعيد عن الاقتصاد لكن الذي أثار إعجابهم هو سمعته الطيبة وطهارة يده. وقالت أمل البحريني "هو نظيف ويمثلنا. نحن نعرف جيدا انه ليس لديه عصا سحرية ولا يمكنه تغيير الوضع الاقتصادي ولكنه يقف مع الحق وإذا يشوف حاجة مش كويسة هكا ولا هكا يوقفها". وقال طالب يدعى محمد علي "برنامج ما كان واضح واحنا ماخترنهوش علشان برنامجه اخترنا الأغلبية علشان نظافة أيديه واخترنا علشان كده طلع في الجولة الثانية. كان برنامجه، مفيش برنامج، وعود واهية بدون برنامج. ويحظى سعيد بدعم كل من الاسلاميين واليساريين في البلاد على حد سواء. وله آراء اجتماعية محافظة ويركز برنامجه على إعادة تشكيل السياسة بدعم الديمقراطية المباشرة. وعلى النقيض من سعيد، كان لدى خصمه نبيل القروي منصة دعائية كبيرة، إذ يمتلك محطة تلفزيونية خاصة، وله علاقات بحكومة بن علي القديمة ويواجه محاكمة بتهم فساد ينفيها.