يبدو أن الخوف من ارتفاع نسبة العزوف السياسي بشكل غير مسبوق خلال الاستحقاقات المقبلة، دفع وزارة الداخلية إلى جس نبض الأحزاب السياسية المغربية بخصوص إمكانية فرض التصويت في انتخابات 2021. مصادر حزبية متطابقة كانت قد كشفت عن لقاءات أجرتها وزارة الداخلية، في الأسابيع الماضية، مع بعض قادة الأحزاب السياسية لتدارس مسألة التصويت الإجباري التي تعود إلى الواجهة مع اقتراب كل سنة انتخابية في المغرب. مصدر حكومي رفيع كشف لجريدة هسبريس الإلكترونية أن اللقاءات التي أجرتها وزارة الداخلية مع مكونات سياسية جاءت في إطار فتح مشاورات حول موضوع التصويت الإجباري. وأوضح المصدر ذاته، في تصريحه، أن وزارة الداخلية "لم تتخذ أي قرار بعدُ في اتجاه إعداد مشروع قانون يُلزم المغاربة بالتصويت"، مشيرا إلى أن هذا "الأمر سابق لأوانه". مسؤول آخر أقر، في دردشة مع هسبريس، بأن هاجس الدولة خلال الانتخابات المقبلة هو مسألة العزوف، خصوصا في صفوف الشباب. وكانت أحزاب معارضة قبل الانتخابات الجماعية لسنة 2015 اقترحت ضرورة إقرار التصويت الإجباري، في خطوة تهدف إلى الحد من ارتفاع نسبة العزوف. وتضمّن الاقتراح، الذي تقدم به كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، فرض عقوبات تصل إلى 500 درهم على الذين لم يدلوا بأصواتهم خلال الانتخابات. حزب العدالة والتنمية، بدوره، سبق أن رفع مذكرة إلى وزارة الداخلية قبل الاستحقاقات الجماعية الماضية، تضمنت اتخاذ إجراءات زجرية ضد المتخلفين عن التصويت عبر التنصيص على إجبارية التصويت. ويأتي تحرك الداخلية بعد أن كشفت إحصائيات أن نسبة مشاركة الشباب المغربي في الانتخابات الماضية في المدن الكبرى لم تتعد 20 في المائة، وأن حوالي 70 في المائة من الشباب لا يثقون في الأحزاب السياسية. وسجلت الانتخابات التشريعية لسنة 2016 مشاركة سياسية ضعيفة بلغت 43 في المائة؛ إذ صوت في الانتخابات ستة ملايين و750 ألفا من أصل قرابة 16 مليون مغربي مسجل في اللوائح، وفق أرقام صادرة عن وزارة الداخلية. ويرتقب أن يثير موضوع التصويت الإجباري جدلا داخل المشهد السياسي المغربي بين من يعتبره آلية لتكثيف المشاركة في العملية الانتخابية وتمكين المغاربة من ممارسة حقهم، وبين من يرى فيه إجهازا على حرية التعبير ل"حزب المقاطعين".