يعد منتزه عين فيتال من أفضل المناطق السياحية بمدينة إفران، وهو لا يبعد عن وسط المدينة إلا بحوالي ثلاثة كيلومترات. منتزه عرف على الدوام بمياهه العذبة الصافية، التي تنساب وسط أشجار متنوعة، وارفة الظلال. غير أن حال منتزه عين فيتال اليوم، والذي لا يزال يجذب آلاف السياح كل عام، لم يعد كما كان حتى وقت قريب، إذ نضبت مياه شلالاته، وأصبح عرضة للإهمال والفوضى ومرتعا للنفايات، مما يهدد مستقبل هذا الكنز الإيكولوجي الفريد، ويجعل مصيره على كف عفريت. فوضى وإهمال "أزور عين فيتال كل نهاية أسبوع وفي العطل، وقد كان هذا المنتزه غاية في الروعة، لكنه أصبح الآن متسخا، ويعيش على إيقاع الفوضى"، هكذا وصف محمد الحلو من فاس منتزه عين فيتال، مضيفا بنبرة غاضبة "يأتي الناس إلى هذا المكان الجميل من كل المدن بحثا عن الراحة، وعلى المسؤولين الاهتمام بهذا الإرث الطبيعي حتى لا يضيع". "أصبح هذا المنتزه في حالة يرثى لها، فليست هناك عناية به من طرف المسؤولين وسط غياب تام للمشرفين على النظافة وتنظيم الزوار"، تقول سعاد استيتو من مدينة أزرو، متسائلة: أين الماء والخضرة؟ قبل أن تضيف أن الكثير من الزوار بحاجة إلى من يرشدهم إلى الطريقة الصحيحة للحفاظ على البيئة. أما قريبتها الشابة حسناء استيتو، فقالت إنها تعشق عين فيتال، وتأتي لزيارتها باستمرار من مدينة أزرو رفقة أفراد أسرتها. وأضافت "لم تعد هذه العين نظيفة كما كانت من قبل، كما أن المسؤولين لم يعودوا يولون اهتماما لنظافة مدينة إفران وعين فيتال على الخصوص، التي تعد من أروع الأماكن بالمغرب". من جانبه، أوضح عبد الإله رجحي، سائح من مدينة تيفلت، أنه اختار زيارة مدينة إفران وعين فيتال لتمضية ما تبقي من عطلته الصيفية، بعد أن علم بالاكتظاظ الذي تعرفه شواطئ الشمال. وأضاف متحدثا للجريدة "هي منطقة باردة وجميلة، وتعرف إقبالا كبيرا للزوار، ولكن يجب الاعتناء بها، لكونها وجهة للسياحة الجبلية من المستوى الرفيع". شهادات من أهلها "لقد تم تخريب هذا المنتزه، وإفساد ما يزخر به من مؤهلات طبيعية، بعد أن ترك عرضة للفوضى من طرف بائعي الأكلات والشاي والخيالة، وحان الوقت لإعادة هيكلة عين فيتال لتعود إلى سابق عهدها"، يقول علي عرقوب من ساكنة مدينة إفران، قبل أن يقاطعه ابن مدينته عادل الصناع قائلا: "هذا الموقع معروف لدى جميع المغاربة بنظافته، لكن حاليا تغير كل شيء، فلم تعد هناك مياه نقية ولا عشب أخضر، والروائح الكريهة والأزبال هي التي تعم المكان". من جهتها، أوضحت رئيسة جمعية "مهر عين فيتال للسياحة الإيكولوجية وحماية البيئة بإفران"، أوفقير للا عائشة، أن جمعيتها تساهم في تنظيم حملات للنظافة وسط المنتزه بصفتها إحدى الجمعيات المستفيدة من توفير خدمة ركوب الخيل للزوار داخل المنتزه. وأضافت أوفقير أن "العين بحاجة فعلا للعناية، لكن على الزوار الاهتمام بنظافة المكان، فنحن بحاجة إلى مساعدتهم للتغلب على آفة الأزبال، خصوصا أن المنتزه أصبح يعرف اكتظاظا كبيرا في السنوات الأخيرة مقابل تراجع صبيب السواقي التي أصبحت تنبعث منها روائح غير مقبولة". مستشار: عشوائية وغموض من جانبه، أوضح حسام أبدو، عضو مجلس جماعة إفران ونائب رئيس مجموعة الجماعات الترابية البيئة بإفران، أن مجلس جماعة إفران وافق قبل ثلاث سنوات على إحداث شركة للتنمية المحلية من أجل الرقي بمنتزه عين فيتال وعصرنته، "لكن للأسف تم التراجع في آخر لحظة عن هذا المشروع بسبب غياب الإرادة السياسية وبعد النظر"، يضيف أبدو. وأرجع عضو مجلس جماعة إفران فشل إحداث شركة التنمية المحلية إلى ما وصفه بضعف قسم الجماعات المحلية بعمالة إفران الموكول إليه مواكبة مثل هذه المشاريع، وغياب الكفاءات والأطر بهذا القسم، الذي قال إنه لا يزال يشتغل بالطرق الكلاسيكية. وأضاف نائب رئيس مجموعة الجماعات الترابية البيئة بإفران قائلا: "للأسف، كما توقفتم خلال جولتكم بالمكان على الحالة الكارثية التي صار عليها منتزه عين فيتال، والتي هي نتيجة لكثرة المتدخلين، فهذا الفضاء تابع قانونيا للملك الغابوي، غير أننا نجد الجماعة المحلية تشرف على تسييره، إلى جانب تدخل السلطة المحلية والجمعيات المحلية والجماعات السلالية". عضو مجلس جماعة إفران، الذي أكد أنه يمارس المساندة النقدية للأغلبية المسيرة لمجلس الجماعة، أشار إلى أنه يتم استنزاف جيوب الزوار دون الارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، عبر نهج مقاربات من كل الجهات المتدخلة دون أن يتحقق شيء على أرض الواقع، مضيفا أن المنتزه سقط في العشوائية، وتحول إلى ما يشبه أحد المواسم أو الأسواق الأسبوعية. وكشف أبدو أنه سيتوجه بسؤال "حول ما يكتنف مصير عين فيتال من غموض إلى رئيس جماعة إفران والوزارة الوصية وكذا كتابة صاحب الجلالة". وأضاف "هذه مدينة ملكية، وعين فيتال إرث بيئي يجب أن لا يسيّر بعبث. تُطرح الكثير من الأسئلة حول هذا الفضاء، ونحن بحاجة للإجابة عنها". للإشارة، فإن الجريدة قامت بربط الاتصال برئيس الجماعة الترابية لإفران لأخذ توضيحاته بخصوص واقع منتزه عين فيتال، لكن هاتفه ظل يرن دون رد.