بشكل مطرد، تناسلت، نهاية الأسبوع الماضي، مطالب إنشاء لجنة لمراقبة عمليات البناء التي تتم داخل المملكة، بعد واقعة انهيار عمارة معدة للسكن بمدينة القنيطرة، دون أن تؤدي لتسجيل حالات إصابات أو وفاة في صفوف المواطنين، بالرغم من موقعها الحيوي، حيث جاورت ولاية الأمن والسوق المركزي، اللذين يشهدان توافد السكان من أجل التبضع أو تسجيل الشكايات وتفقدها. ولم تصمد العمارة التي لم تنته الأشغال بها، لتسقط يوم السبت الماضي أمام اندهاش المارين، خصوصا أن بقايا البناء تفرقت على طول الشارع بسبب غياب سياج حديدي يفصل منطقة البناء عن المحلات المجاورة للعمارة، بالرغم من تنصيص قوانين التعمير على ضرورة تسييج البنيات في طور التشييد حماية لمصالح المواطنين. وتساءلت العديد من الجمعيات الحقوقية حول مدى احترام الشروط القانونية والتقنية المنصوص عليها في قانون التعمير أثناء بناء العمارة، والتأكد من قدرة مرتكزاتها على تحمل الطبقات، التي بلغ عددها الستة. ناقوس الخطر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، أورد أن "سلطات مدينة القنيطرة لم تأخذ العبرة من سقوط عمارة مماثلة بحي المنال"، مشددا على أن الحادث "يدق ناقوس الخطر بخصوص جودة مواد البناء، ومدى مراقبة قطاع حيوي بات يشكل الخطر على حياة المغاربة". وأضاف الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "البلاد بحاجة إلى مؤسسة تتبع قطاع البناء عن كثب، فأغلب المنعشين العقارين يتحايلون على القانون ويستخدمون مواد مغشوشة؛ فالمواطن يضطر غالبا إلى إعادة تأهيل الشقة التي اشتراها، ويجد داخلها شقوقا كثيرة قبيل انقضاء 10 سنوات من الضمان القانوني". وأوضح المتحدث أن "فعل البناء كان من بين أولى الأنشطة التي مارسها الإنسان، فقانون حمورابي الذي يعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد، كان واضحا إذا ما انهارت البناية فيعيدها المنعش على نفقته، وإذا ما حصلت وفيات فالعقوبة تصل إلى الإعدام"، مؤكدا أن "القطاع يعيش فوضى عارمة، في ظل غياب تام لوزارة الإسكان". وشدد رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك على أن "القطاع العقاري تسيره ذئاب بشرية تتاجر بالدولة والمستهلك"، مطالبا ب"محاسبة باني عمارة القنيطرة، فطريقة سقوطها خطيرة وتبرز غياب الجودة"، مسجلا أن "بناء عمارة يقتضي توفير متخصصا في 92 مهنة لضمان الحماية والأمان الكافيين". فتح تحقيق من جهته طالب المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان بفتح تحقيق لكشف ملابسات انهيار عمارة مكونة من سبعة طوابق في طور البناء بشكل مفاجئ، يوم السبت 3 غشت الجاري، بشارع الإمام علي بمدينة القنيطرة. ودعا المنتدى، في رسالة وجهها إلى مجموعة من المسؤولين، إلى مراقبة مدى احترام الشروط القانونية والتقنية المنصوص عليها في قانون التعمير أثناء بناء العمارة، والتأكد من قدرة مرتكزاتها على تحمل تلك الطبقات. وطالب المصدر ذاته بضرورة الكشف عن أسباب غياب العازل بين جداري العمارة المنهارة والبنايات والمحلات المحاذية طبقا للضوابط المعمول بها في هذا الشأن، "مما جعل محلا تجاريا ضحية للانهيار كذلك". كما دعا إلى تحديد المسؤوليات في هذا الانهيار، "خاصة صاحب المشروع، والمهندس المعماري، والمهندس البلدي، والمهندس المختص المكلف بمراقبة جودة الحديد المستعمل، ومديرة الوكالة الحضرية القنيطرةسيدي قاسمسيدي سليمان، ومسؤولي التعمير بالعمالة". ولم يفت المنتدى، في رسالته، الدعوة إلى التأكد من مدى توفر ملاءمة الدراسة الجيوتقنية مع المشروع، "وهل هناك بحث وتدقيق يتعلق بأساس الأرض، إضافة إلى وجود تصور من عدمه حول مقاومة المشروع للزلازل؟"، ومدى قانونية الرخص، "وهل تم اللجوء لمكتب للمراقبة وتدابير البناء بالإسمنت المسلح وحصول تغييرات هامة خلال البناء؟، وهل هناك أخطاء في بداية تنفيذ المشروع وعيوب في وضع الحديد والإسمنت وتقطعات في البناء وتغطية سيئة للإسمنت ووضع سيئ للقضبان الحديدية وقوة الإسمنت المستعمل واختلالات أخرى؟".