وسط موجة غضب عارمة في الأوساط الرياضية المغربية ودهشة انتابت كثير من المتابعين لكرة القدم الأفريقية، أكد سعيد الناصيري، رئيس نادي الوداد البيضاوي المغربي، أن ناديه لن يستسلم لما حدث معه في نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، وسيتخذ الإجراءات القانونية تجاه هذه الأحداث التي شهدتها المباراة. ويتجه الوداد حاليا إلى تصعيد الموقف ورفع ملف نهائي "الأزمة" إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والمحكمة الدولية للتحكيم الرياضي (كاس) للطعن في فوز الترجي التونسي باللقب الأفريقي على حساب الوداد. وتؤكد كل المؤشرات أن الأحداث التي شهدتها مباراة الإياب بين الفريقين، مساء الجمعة، ستأخذ أبعادا أخرى خلال الفترة المقبلة، لاسيما أنها ألقت الضوء مجددا على أزمة حقيقية تشهدها الكرة الأفريقية، وخاصة جانب التحكيم. وقرر أحمد أحمد، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، دعوة اللجنة التنفيذية بالاتحاد إلى اجتماع طارئ في الرابع من يونيو الحالي لمناقشة الأمور والأحداث التنظيمية التي شهدتها مباراة أول أمس، والتي ستظل محفورة في تاريخ الكرة الأفريقية بعدما اعتبر الحكم الغامبي باكاري غاساما، الذي أدار اللقاء، فريق الوداد منسحبا، وأعلن انتهاء المباراة بعد توقف دام نحو ساعة ونصف الساعة. وإزاء هذه الأحداث التي شهدتها المباراة، التي أقيمت فيها 60 دقيقة فقط قبل توقفها، قرر رئيس "كاف" دعوة اللجنة التنفيذية إلى الاجتماع الطارئ من أجل مناقشة هذه الأحداث. وكان الفريقان قد تعادلا 1-1 ذهابا في الرباط، لكن مباراة الإياب لم تكتمل، حيث رفض الوداد استكمال المباراة إلا بعد لجوء الحكم إلى نظام حكم الفيديو المساعد (فار) إثر إلغاء هدف للفريق في الدقيقة 60. وبعد ساعة ونصف الساعة من التوقف، قرر الحكم إنهاء المباراة بانسحاب الوداد واحتساب اللقاء لصالح الترجي. وتوقفت مباراة الإياب مساء الجمعة منذ الدقيقة 60 بسبب إصرار لاعبي الوداد على أن يلجأ الحكم الغامبي إلى نظام "فار" للتأكد من صحة هدف للفريق رفض الحكم احتسابه. وسجل وليد الكرتي الهدف للوداد بضربة رأس ألغاه الحكم بداعي التسلل. وخلال فترة التوقف أمام نحو 60 ألف مشجع معظمهم من أنصار الترجي، ألقيت من المدرجات زجاجات المياه باتجاه لاعبي الوداد والطاقم التدريبي للفريق. أزمة غير مسبوقة وحرص رئيس "كاف" وعدد من مسؤولي اللعبة في البلدين والناديين على النزول إلى أرضية الملعب في محاولة لحل الأزمة وسط احتجاجات كبيرة من التونسي فوزي البنزرتي المدير الفني للوداد ولاعبيه. وتجاوزت فترة توقف اللعب ساعة ونصف الساعة، وأشارت أنباء واردة من الملعب في البداية إلى أن السبب الرئيسي في عدم اللجوء إلى نظام "فار" هو وجود عطل بالنظام، فيما أكدت تصريحات بعد انتهاء المباراة بأن السبب هو أن جزءا من نظام "فار" لم يصل إلى رادس. وأكد معين الشعباني، المدير الفني للترجي، وخليل شمام، قائد الفريق، أن الحكم أكد لقائدي الفريقين قبل بداية اللقاء أن تقنية "فار" لا تعمل، وأنهما وافقا على اللعب طبقا لهذا الوضع. ونفى الناصيري هذا تماما، مؤكدا أن فريقه لم يكن على علم بعدم تشغيل تقنية "فار"، كما أكد لاعبو الوداد أن عبد اللطيف نصير قائد الفريق لا يتكلم الإنجليزية أو الفرنسية. وكان نادي الوداد قدم شكوى إلى "كاف" قبل أيام ضد الحكم المصري جهاد جريشة، الذي أدار مباراة الذهاب بملعب الفريق يوم الجمعة الماضي، حيث أكد الوداد أن جريشة ألغى هدفا للفريق، وتغاضى عن احتساب ضربة جزاء له، مما أسفر عن انتهاء المباراة بالتعادل 1-1 . وأسفرت الشكوى عن إيقاف جريشة ستة شهور من قبل "كاف" واستبعاده من إدارة مباريات مونديال الشباب (تحت 20 عاما) المقام حاليا ببولندا بقرار من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا). لكن مباراة أول أمس فجرت أزمة حقيقية لن يستطيع اجتماع تنفيذية "كاف"، يوم الثلاثاء المقبل، احتواءها، حيث يعتزم الوداد تصعيد الموقف ضد "كاف" وضد طاقم التحكيم أمام "فيفا" و"كاس"، وهو ما وضح في تصريحات الناصيري التي حملت اتهاما ل"كاف" بالتحيز للترجي. وقال الناصيري، عن "كاف"،: "إذا كانوا يريدون منح الكأس لأي طرف، فإن هذا لا يجب أن يحدث بهذه الطريقة"، نافيا أن يكون فريقه انسحب من المباراة. وأوضح الناصيري، في تصريحات إذاعية، "سنتجه إلى التحكيم الدولي ونتقدم بالطعون القانونية... ما حدث يتحمله "كاف" وليس نادي الترجي... طالبت برحيل رئيس "كاف"". هدف صحيح ولم تتوقف ردود الفعل حول المباراة على المسؤولين والمتابعين في تونس والمغرب فقط، بل امتدت إلى أماكن عدة، حيث أدلى عدد من نجوم اللعبة وخبراء التحكيم برأيهم فيما حدث. وذكر حارس المرمى المصري المخضرم عصام الحضري، على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، "ما حدث في مباراة الترجي والوداد في نهائي دوري أبطال أفريقيا سيكون له مردود وتبعات سيئة في العالم حول سمعة الكرة الأفريقية. أفريقيا ما زالت تعيش في عالم منعزل عن كوكب الأرض". وأشار مواطنه اللاعب السابق أحمد حسام (ميدو)، نجم أياكس الهولندي وروما الإيطالي ومارسيليا الفرنسي سابقا، في تغريدة أخرى على "تويتر"، "نهائي دوري أبطال أفريقيا يعكس العبث الذي تعيشه الكرة في أفريقيا.. الجميع يتطور من حولنا ونحن للأسف نزداد تخلفا.. طبيعي ألا يتأهل أي منتخب أفريقي للدور الثاني في آخر كأس للعالم!! مهزلة بكل المقاييس، وللأسف لن يحاسب أحد". وذكر المعلق الرياضي الجزائري الشهير حفيظ دراجي، في تغريدة أخرى، "فضيحة كبيرة في نهائي دوري أبطال أفريقيا تفقد النهائي نكهته وطعمه!! المهزلة تقتضي اتخاذ قرار شجاع بإعادة المباراة غدا لأن اللاعبين خرجوا من المباراة وتقتضي استقالة رئيس الاتحاد الأفريقي الذي تلاحقه فضائح هذه الأيام". وأثارت المباراة جدلا تحكيميا هائلا ليس على مستوى صحة الهدف الذي سجله الكرتي، والذي اتفق معظم المتابعين على صحته، وأنه لم يكن بحاجة أيضا إلى اللجوء إلى تقنية "فار" من أجل التعرف على صحته، وإنما كان الجدل لما قدمه الحكام من تعامل مع الموقف. وكشف الحكم الدولي السابق المصري فهيم عمر أنه من غير المنطقي تحميل حكم مباراة الإياب باكاري غاساما مسؤولية الأحداث كلها وحده. وأوضح عمر، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، أن "النهائيات لها ظروفها وخصوصيتها، فهناك حضور للمكتب التنفيذي ل"كاف" ولجنة الحكام ورئيس "كاف" نفسه واللجنة المنظمة، وكلهم دون شك شركاء في الأمر". وأضاف "هدف الوداد البيضاوي المغربي صحيح مليون بالمائة، ولا يستحق حتى الرجوع إلى تقنية "فار"، ولكن من سمح بلعب المباراة دون وجود تلك الخاصية فهو يستحق دون شك الحساب لأنه أطاح بالعدالة وتكافؤ الفرص، فطالما لعبنا المباراة الأولى التي أقيمت بالمغرب تحت تقنية الفيديو، فيجب أن تكون مواجهة الإياب بالشكل نفسه". وأكد مواطنه الحكم الدولي المصري السابق محمد فاروق أن غاساما أخطا في مواجهة الإياب حينما استكمل المباراة دون وجود تقنية "فار"، خاصة أن كرة الهدف واضحة لا تقبل الشك. وقال: "ما حدث كان أمام أعين رئيس "كاف" واللجنة التنفيذية ولجنة حكام "كاف"، وأعتقد أن الأمور كلها ستخضع للتحقيق".