في سهل اشتوكة آيت باها، وعلى طول الطريق الوطنية رقم 01، توجد جماعة بلفاع، في موقع استراتيجي أبرز ملامحه تواجدها بين مدينتين: الأولى هي أكادير، المدينة السياحية المتشبعة بمظاهر الجدة والحداثة. والثانية هي تزنيت، المدينة الحبلى بعبق التاريخ وعمق الأصالة والحضارة. وقد جعل هذا الأمر موقع جماعة بلفاع يتمتع بنوع من التفرد والتميز، ساهم بشكل كبير في تسريع نموها وتطورها من خلال استقطابها يدا عاملة نشيطة وحركة تجارية غاية في الأهمية. وتمتدّ جماعة بلفاع، التي تم إحداثها سنة 1959، على رقعة جغرافية شاسعة تقدر ب 259 كيلومترا مربعا، تحدها شمالا جماعتا إنشادن وآيت عميرة، وجنوبا جماعتا رسموكة وماسة، وشرقا جماعة آيت ميلك، وغربا جماعات سيدي وساي، ماسة وإنشادن، ويبلغ عدد سكانها، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، ما يقارب 27.592 نسمة، بزيادة تقدر ب 2.31 بالمائة. ويشهد مركز جماعة بلفاع طفرة عمرانية ورواجا تجاريا متميزا، بفعل استقطابها يدا عاملة مهمة، لما تُتيحه الضيعات الفلاحية الكثيرة من فرص الشغل. كما ساهم موقع مركز الجماعة وتصميمه في انتعاش الحركة التجارية، ولعل الصيت الذي اكتسبه سوق "أحد بلفاع" على المستوين الإقليمي والجهوي، على الأقل، كأحد أكبر المرافق الاقتصادية بسوس ماسة، أنعش حجم التعاملات المالية، على الرغم من وضعيته الكارثية الحالية، وما يواكب انعقاده من مظاهر الفوضى. عمرانيا، أمكن إحداث عدة تجزئات سكنية بقلب مركز بلفاع بفعل تهافت ساكنة المناطق المجاورة على الاستقرار به، مما أدى إلى توفر رصيد عمراني بمعالم حضرية، فرض إحداث مؤسسات تعليمية وصحية وإدارية، تستجيب لحجم الاستقرار السكاني في المركز وحاجيات ساكنة دواوير الجماعة. لكن يبدو أن عدة إشكالات متعلقة بالبنية التحتية الأساسية لا تزال تنتظر التنزيل، حيث يواصل القاطنون به اجترار المعاناة مع النفايات المنزلية والتطهير السائل وتهالك الأزقة والشوارع. وبعيدا عن مركز هذه الجماعة، الذي لا يزال في حاجة إلى مزيد من التأهيل والمرافق والبنيات الأساسية من أجل أن يرقى إلى مستوى بعض المراكز المجاورة، تشهد دواوير ومداشر هذه الجماعة ممتدة الأطراف تحولات تنموية، أسهمت فيها دينامية العمل الجمعوي، إلى جانب وقع العمل الجماعي خلال العقدين الأخيرين، حيث تم إنجاز شبكة طرقية مهمة، ورُبطت المساكن بالكهرباء والماء، وأُحدِثت النوادي الثقافية والنسوية وغيرها من المرافق الموازية، وكل هذه الخدمات ساهمت في فك العزلة عن هذه المناطق. وفي تصريح لهسبريس، قال الحسين أزوكاغ، رئيس المجلس الجماعي لبلفاع، إن "المجلس الجماعي بذل مجهودات كبيرة للنهوض بالسوق الأسبوعي لأحد بلفاع، سواء على مستوى تسوية الوضعية القانونية للعقار المحتضن لهذا المرفق الاقتصادي المهم أو من حيث تأهيله وتنظيمه وجعله في مستوى تطلعات الساكنة المحلية ومرتاديه من مختلف جماعات الإقليم والمناطق المجاورة، وهو ما سيكون منطلقا لتنفيذ وأجرأة مجموعة من المشاريع المرتبطة بالسوق، والتي تروم تأهيله وترقيته إلى مستوى سوق جهوي بامتياز". وبخصوص مشروع التطهير السائل، قال المسؤول الجماعي: "لقد تمت المصادقة على اتفاقية الشراكة لإنجاز مشروع التطهير السائل بمركز بلفاع في 15 نونبر 2018، وهي اتفاقية وقعت بين عدة متدخلين، وتم بذل العديد من الجهود لتفعيل هذا المشروع الحيوي، الذي من شأن إخراجه إلى حيز الوجود أن ينعكس إيجابا على الساكنة المحلية، ويضاعف الاستثمارات بالمركز، ويجعلها نقطة جذب واستقطاب للفئات النشيطة بمختلف المناطق المجاورة". "هذه الوسائط المختلفة وآليات الفعل التنموي المتنوعة، التي يكمل بعضها البعض، كانت ولا تزال خارطة طريق تم تفصيلها في برنامج عمل الجماعة للولاية الانتدابية الحالية، والتي كان العنوان الأبرز فيها هو تأهيل السوق الأسبوعي لأحد بلفاع، إلى جانب رفع رهان وتحدي تنفيذ مشروع التطهير السائل بمركز بلفاع"، يضيف أزوكاغ. وعن تفاقم مشكل النفايات المنزلية، سواء بالمركز أو بعض الدواوير، أوضح رئيس جماعة بلفاع أنه "بالرغم من كون مطرح النفايات وتدبيره ليس من اختصاص المجلس الجماعي لبلفاع، وإنما هو اختصاص حصري لمجموعة الجماعات "بيئة سليمة"، فإن هذا الأمر لم يجعل الجماعة مكتوفة اليدين بخصوص تقديم الدعم والمواكبة والتدخل، إن لزم الأمر، للقيام بالإجراءات اللازمة لتنظيم هذا المطرح وتأهيله، حيث عمدت إلى وضع البقعة الأرضية رهن إشارة هذه المجموعة وتسويرها في إطار مشروع حظي بالموافقة في إطار اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما تمت مضاعفة أسطول الآليات الجماعية التابعة للمرأب الجماعي ووضعها رهن الإشارة دون أي قيد أو شرط". أما بخصوص البنية الطرقية، فقال المسؤول الجماعي إن "المجلس أدرك منذ البدء أن نجاحه في كسب رهان خلق وإحداث وتوطيد منظومة طرقية متطورة من شأنه المساهمة بنسب عالية في إنجاح عمله كمجلس منتخب، على اعتبار الأهمية البالغة التي تكتسيها هذه المنظومة في تسريع وتيرة الفعل التنموي، وتوفير كافة سبل تحقيقه، والنجاح في النهوض به، ومن هذا المنطلق عملت الجماعة على إنجاز العديد من المحاور الطرقية. أما فيما يتعلق بالطرق الفلاحية، فقد عمد المجلس إلى توجيه العديد من الملتمسات إلى الجهات المعنية، وقد تلقينا وعودا من المصالح الإدارية الجهوية لوزارة الفلاحة بإعادة بناء هذه الطرق في إطار التشارك مع الجماعات الترابية التي توجد داخل نفوذها الترابي". جماعة بلفاع لم تشكل الاستثناء على مستوى واقع الخدمات الصحية بعدد من مناطق المغرب، حيث لا يزال النقص في الموارد البشرية والخدمات والأدوية يطغى على المركز الصحي لبلفاع. وفي هذا الصدد يقول أزوكاغ: "بالرغم من كون القطاع الصحي يعتبر قطاعا حصريا للوزارة المعنية، غير أن هذا الأمر لم يمنع المجلس من التفكير في بدائل جديدة وصيغ محتملة من شأنها المساهمة في حل بعض الإشكالات المرتبطة بهذا القطاع، ومنها إدراج مناقشة هذا الوضع في العديد من دورات المجلس، آخرها الدورة العادية لشهر ماي 2019، التي ستعرف دعوة المدير الإقليمي لوزارة الصحة إلى مناقشة الوضع الراهن وتحدياته وآفاقه المستقبلية". "ولم يكتف المجلس بالمناقشة والمحاججة والترافع، بل تجاوز ذلك الى مرحلة المبادرة، حيث تمت المصادقة على إنجاز مستوصف صحي بمنطقة آيت بوهروة بدوار آيت بوعامر، ومستوصف بمنطقة الحرش بدوار إمجاض، إضافة إلى توجيه ملتمس لترقية المركز الصحي لبلفاع إلى مستشفى محلي وتزويده بوحدة للمستعجلات، لوجوده على طول الطريق الوطنية رقم 01، التي تعرف مجموعة من حوادث السير، غير أن هذه الطلبات والملتمسات لم تلق الآذان الصاغية من قبل الجهة الوصية على هذا القطاع، بدعوى قلة الأطر الطبية، علما أن الجماعة أخذت على عاتقها في إطار المشاريع سالفة الذكر عملية توفير الأوعية العقارية والبناء والتجهيز"، يضيف رئيس الجماعة. بلفاع إذن جماعة حقّقت الشيء الكثير في مجال فك العزلة عن الدواوير التابعة لها، كما نزّلت مشاريع ومرافق بمركزها كما في مداشرها، لكن يبدو أنها لا تزال تحتاج إلى المزيد من التأهيل، وتنزيل مزيد من البنيات الأساسية وتنظيم السوق اليومي ورفع مظاهر العشوائية عنه، إلى جانب التفكير في تجاوز حالات الاختناقات المرورية وتصريف مياه الأمطار التي تحول المنطقة إلى برك مائية، ناهيك عن الإسراع بتأهيل السوق الأسبوعي كمرفق اقتصادي هام، وكل ذلك وغيره سيجعل هذه الجماعة معادلة صعبة في خريطة الجماعات السهلية باشتوكة وسوس عامة. ويرى رئيس الجماعة، الحسين أزوكاغ، أن "هناك إرادة قوية لدى مجلس الجهة والسلطات الإقليمية والجهوية لإنجاز النفق المروري على مستوى مركز بلفاع، ومساعي ترافعية لترقية بلفاع إلى مجال حضري، وتعزيزه بباشوية، وبمركز للشرطة للاضطلاع بالأدوار الأمنية، وتسهيل عملية الحصول على البطاقة الوطنية لكل ساكنة دائرة بلفاع- ماسة، وتيسير عمليات السير والجولان".