البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن    نشرة إنذارية.. زخات مطرية مصحوبة بتساقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية قوية    إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج "حوارات"    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده و جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة        كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب            وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تاركا نتوشكا" تجترّ مرارة تأخر التنمية في حضن الأطلس الصغير

تقع الجماعة الترابية "تاركا نتوشكا" في المنطقة الجبلية لإقليم اشتوكة آيت باها، بسلسلة جبال الأطلس الصغير، وتبعد ب 106 كيلومترات عن مدينة أكادير، وب45 كيلومترا عن مدينة آيت بها، حاضرة الدائرة الجبلية، تحدها كل من جماعات سيدي عبد الله البوشواري، آيت ودريم، آيت مزال، تيزي نتكوشت، تنالت وأوكنز، ومن بين أهم ما تُعرف به هذه المنطقة واحة (تاركا باللغة الأمازيغية) ممتدة الأطراف، تزيدها أشجار الزيتون والموز وتناسق المستغلات الزراعية وسطها نظارة، بالإضافة إلى المنابع المائية الجارية التي تستهوي الزائر.
تُعدّ الجماعة الترابية "تاركا نتوشكا" ثاني أقدم جماعة ترابية بالمجال القروي لإقليم اشتوكة آيت باها بعد جماعة تنالت، كانت في السابق فرعا تابعا لتنالت، وتنتمي إليها إداريا قبائل أيت ويكمان، تيوازوين، إمديون، أيت باحمان، إمكوين، أيت وغان، أزور إغالن وإساكن، قبل أن يتم إحداث جماعة أوكنز سنة 1992، التي شملت بعض هذه القبائل.
وبحسب بعض الإحصائيات التي اطلعت عليها هسبريس، ف"تاركا نتوشكا" تُعتبر الجماعة الترابية الأولى في المنطقة الجبلية بقبائل آيت صواب من حيث عدد السكان مقارنة بالجماعات المنتمية إلى المجال الترابي نفسه، وذلك راجع إلى ضعف نسبة الهجرة بهذه الجماعة، عكس المناطق المجاورة التي تشهد نزوحا لساكنتها نحو المدن المغربية وخارج البلاد بشكل ملفت.
سكان الدواوير المتناثرة في جبال تاركا نتوشكا يعتمدون أساسا على الفلاحة البورية، يدل على ذلك ارتفاع نسبة الحرث البوري لحبوب الشعير، بالإضافة إلى جزء من الزراعة المسقية المنتشرة على ضفاف الوديان وداخل الواحة "تاركا"، التي تشهد زراعة الشعير والذرة والجزر وغير ذلك، إلى جانب زراعة بعض الأشجار المثمرة، والقاسم المشترك بين كل هذه الزراعات هو كونها بيولوجية، تستفيد من الجريان الدائم لمياه المنابع.
ويقول الحبيب الأشقر، فاعل جمعوي بالمنطقة، إنه بالإضافة إلى أنشطة الزراعة المتنوعة، رغم أنها معيشية فقط، ف"الساكنة المستقرة تمارس تربية المواشي، حيث تنشط عمليات الرعي محليا، إلى جانب تربية النحل، وما يدل على ذلك تواجد عدد من التعاونيات النشيطة، التي أحدثت طفرة في المجال التعاوني على صعيد اشتوكة آيت باها، ومنها ما تجاوزت مبادراتها وأنشطتها حدود الوطن نظرا لجودة منتجاتها المحلية، من عسل وأعشاب طبية وعطرية ومستخلصاتها وغير ذلك".
تاركا نتوشكا، وغيرها من الجماعات الترابية في المجال الجبلي لاشتوكة آيت باها، مازالت تعيش تحت وقع معيقات تنموية تشمل مختلف المجالات. وبحسب الحبيب الأشقر، فإن من أبرز ما تعانيه ساكنة تركا نتوشكا، "مركز صحي يفتقد إلى أبسط الشروط، بناية متآكلة، وموظف يتغيب كثيرا، والخدمة الصحية تغيب عادة يوم السوق الذي يصادف يوم الأحد حيث العطلة الأسبوعية، رغم برمجة وزارة الصحة لمركز صحي في انتظار الوعاء العقاري بمواصفات عالية وطبيب ضمن أطره، وهناك بتيوازوين مركز صحي من تشييد وبناء المحسنين، لكنه لا يقدم أية خدمة للساكنة لغياب الأطر الطبية".
وفي قطاع التعليم، قال الفاعل الجمعوي ذاته: "في تراب الجماعة ثلاث مجموعات مدارس بفرعيات، إلا أن التعاقد مؤخرا أفرغ المؤسسات من الأساتذة، بالإضافة إلى ما خلفته الحركة الانتقالية الأخيرة، والبنايات أغلبها من صنف المفكك تفتقر إلى الطلاء والتزيين والمرافق الصحية والإصلاحات، خاصة الفرعيات البعيدة عن الطريق الرئيسية"، مضيفا: "هذا مع استحضار تبخر مشروع المدرسة الجماعاتية، التي تمت برمجتها منذ 2010 ووفرت الجماعة الوعاء العقاري لكن المشروع تبخر ولم يخرج إلى الوجود إلى الآن".
مركز الجماعة ظل لسنوات مفتقرا إلى أبسط البنيات التحتية والأساسية، رغم احتضانه لمقر الجماعة الترابية، وملحقة إدارية تابعة لقيادة تنالت. وتشكل الفيضانات إحدى أهم مهددات هذا المركز؛ إذ إنها "تهدد السوق المحلي بشكل كبير، وقد حدث أن غمرت المياه والسيول والأوحال مركز سوق تركا نتوشكا، مخلفة خسائر فادحة في الممتلكات، وكان آخرها السنة الماضية"، يقول الحبيب الأشقر، مضيفا: "رغم برمجة مشروع حماية السوق من الفيضانات، إلا أن تنزيله مازال بعيد المنال، وفي حاجة ماسة إلى إرادة النخبة السياسية التي تسير المجلس الجماعي".
من جانب آخر، لم تستطع الجماعة الترابية استغلال المجال البيئي والمائي الذي حبا الله به هذه المنطقة، فالواحة وحامة عين تاركا نتوشكا، إلى جانب مركز السوق، فضاءات تفتقر إلى البنيات التحتية والاستقبالية، إضافة إلى انتشار ظاهرة تلوث المجال البيئي، إلى جانب تجدد الحرائق التي تأتي على الغطاء النباتي وتدمر الأشجار وتشوه المنظر العام، كل ذلك يفوت على المنطقة وساكنتها فرص الاستثمار في مجال السياحة البيئية، وبالتالي ضياع فرص شغل وموارد مالية أبناء المنطقة في أمس الحاجة إليها.
ولم يُخف الفاعل الجمعوي ذاته تذمره مما وصفه ب"اعتماد الولاءات الحزبية في برمجة وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية وتوزيع الدعم على الجمعيات من طرف المجلس الجماعي، فتغيب العدالة الاجتماعية والديمقراطية التشاركية في أساليب المدبرين للشأن المحلي، ويشمل ذلك مجال تبليط المسالك المؤدية إلى المداشر والماء الشروب واستغلال سيارة الإسعاف، وغيرها، معتمدين سياسة إقصائية ضد كل من يجاهر بانتقاد طرق تدبير الشأن العام"، على حد تعبيره.
وفي معرض رده على واقع التنمية على صعيد الجماعة الترابية تاركا نتوشكا، نفى عبد الله بوحشمود، رئيس الجماعة، أن يكون المجلس قد نهج أية سياسة إقصائية ضد ساكنة الجماعة، موضحا أن "مشاريع ربط 8 دواوير بالماء الشروب قيد الإنجاز، في انتظار المشروع الضخم الذي سيشمل كل الدواوير، وذلك بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية، وسيتم التزود انطلاقا من سد يوسف ابن تاشفين".
وبخصوص ما يتهدد السوق من فيضانات، قال المسؤول الجماعي إن "الدراسة أُنجزت، وننتظر تمويلا من جهة سوس ماسة، من أجل حماية المركز، كما ستشهد الجماعة إنجاز طريق سياحي بتمويل من الجهة لتسهيل الولوج إلى الواحة، أما الحرائق فتتجاوز إمكانياتنا، ويستوجب التصدي الاستباقي لها مجهودات قطاعات متعددة كالفلاحة، وبخصوص فك العزلة عن المنطقة، عبر بناء الطرق، فالجماعة ماضية في هذا التوجه، بدعم من عدد من الشركاء".
وعن قطاع الصحة، صرح رئيس الجماعة لهسبريس بأن "المعاناة تبقى قائمة، وقد وضعنا رهن إشارة الساكنة سيارة إسعاف بشراكة مع مندوبية الصحة من أجل ضمان نقل الحالات الاستعجالية إلى المستشفيات، ولم تفِ مندوبية الصحة بوعدها في بناء مركز صحي في المستوى، رغم توفيرها لبقعة لهذا الخصوص". أما المدرسة الجماعاتية، "فسترى النور قريبا، بعد أن وفرنا الوعاء العقاري لبنائها، ومن شأن هذا المشروع أن يحد من الهدر المدرسي ويساهم في استقرار الأطر التعليمية".
هي إذن جماعة فقيرة من حيث الموارد المالية، لكنها غنية بمؤهلاتها وعنصرها البشري، لكن واقع التنمية مازال في حاجة إلى كثير من الجهود، كما أن انتشار بعض الظواهر التي أضحت لصيقة بهذه الجماعة، كممارسة القمار بشكل علني واستقطاب الظاهرة لغرباء من مختلف مناطق سوس، يجعل من المقاربة الأمنية المعتمدة محليا محل تساؤل، ناهيك عن معاناة الساكنة مع غياب خليفة للقائد بالمركز، على الرغم من تواجد بناية ومسكن وظيفي، ما يضطر معه المرتفقون إلى قطع مسافات طويلة لأجل الحصول على أبسط وثيقة، وكل ذلك في انتظار تدخل ذوي الاختصاص وشركاء الجماعة لتجاوز كل هذه الإكراهات والمعيقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.