في أوّل مهمّة رسمية له داخل مجلس المنافسة، حملَ إدريس الكراوي، الذي عيّنهُ الملك محمد السادس مؤخراً رئيساً للمجلس، عدداً من التوصيات إلى الحكومة بشأنِ تحرير أسعار المحروقات، داعياً إيّاها إلى "القيام بإصلاحات تنبني على أربع رافعات تهم جميع مستويات سوق المحروقات حتى تصبح أكثر تنافسية وانسجاماً مع الأهداف الوطنية الاستراتيجية". وانطلقَ مجلس "الكراوي" في توصياته المرفوعة إلى حكومة سعد الدين العثماني من تحليل مشروعية طلب الرأي الموجه إليه من لدن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، وكذا بناءً على دراسة المجلس لمدى جدوى تطبيق مشروع تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة. وفي أولى توصياتهِ، دعا المجلس الاستشاري إلى تطوير المنافسة في مقطع منبع السوق، معتبراً أن "تعزيز المنافسة في سوق المحروقات لن يمكن إنجازه بالعمل فحسب على مستوى المقطع البعدي للسوق بواسطة تقنين أسعار التقسيط والهوامش"، بل كذلك ب "العمل على المستويات الأخرى لسلسلة القيمة من أجل الحصول على مسلسل تنافسي مندمج يشمل أيضاً منبع القطاع". واعتبر المجلس أن "إعادة الامتلاك الوطني لنشاط التكرير تكتسي أهمية بالغة؛ فبالإضافة إلى أنها تساهم في استعادة التوازنات التنافسية، تمكن البنية المكلفة بالتكرير من لعب دور سلطة مضادة تجاه المتدخلين المهيمنين في مقاطع الاستيراد، والتخزين، والتوزيع بالجملة". ولهذا السبب، أوصى المجلس ب "وضع ترتيبات عملية لتشجيع الاستثمار في صناعة التكرير الخاص أو في إطار شراكة عمومية-خصوصية". وفي ما يخصُّ تعزيز القدرات الوطنية للتخزين، قال المجلس إن "التشريع الحالي يفرضُ أن يكون الاستيراد وتوزيع المحروقات مرتبطين بالتخزين، غير أن إنشاء قدرات التخزين وتدبير المخزونات يؤدي إلى تكاليف مالية ولوجستيكية هامة يمكن أن تؤثر سلباً على ولوج متدخلين جدد للسوق، مع منح الأفضلية للمتدخلين الكبار". وبحسب مجلس المنافسة، "يمكن بلوغ هذا الهدف عبر وسائل أخرى أكثر تنافسية، وبتطوير مهنة المخزن المستقل. وتكمن هذه الفكرة في تشجيع الاستثمارات في قدرات التخزين من طرف الأغيار المستقلين، الذين تتمثل مهنتهم الرئيسية في تخزين المواد النفطية، وسيوضعُ رهن إشارة الموزعين بالجملة أو المستوردين للمواد المكررة مقابل أجر عن خدماتهم". كما أوصى المجلس ب"وضع ترتيبات لتيسير مساطر إنشاء قدرات جديدة للتخزين، أو توسيع القدرات الموجودة، وانفتاح القطاع على المستثمرين المحتملين في قدرات التخزين، بواسطة إقرار إطار تشجيعي يوضح الرؤية للاستثمار في هذا المقطع". أما على مستوى تطوير المنافسة في سوق التوزيع بالتقسيط، ومن أجل تحسين السير التنافسي للأسواق بالتقسيط، فقد أوصى المجلس الحكومة ب"استبدال نظام الرخص المطبق على محطات الوقود بنظام عاد للتصريح وإلغاء إلزامية التوفر على شبكة من 30 محطة وقود، وتسجيل إنشاء محطات للوقود مستقلة، وكذا حذف قاعدة التسلسل المكاني بين المحطات". إضافة إلى ذلك، أوصى مجلس المنافسة بإخضاع سوق المحروقات إلى آليات مبتكرة للتقنين القطاعي، مماثلة لتلك المطبقة على مستوى صناعات الشبكات، على غرار قطاع الاتصالات. وفي هذا الإطار، أوصى المجلس بإسناد الضبط التقني والاقتصادي لسوق المحروقات إلى الهيئة الوطنية لتقنين الطاقة من أجل مواكبة القطاع والارتقاء به إلى نضج تنافسي، مع تعزيز استقلاليته، مقراً بأنَّ قطاع المحروقات يحتاج إلى إصلاح شامل يجيب على الاختلالات ذات الطبيعة البنيوية التي تمس جميع مكونات القطاع، معتبراً أن حماية القدرة الشرائية للمستهلكين وتموين السوق وتنافسية القطاع وجاذبية الاستثمار تظل رهينة بتحقيق هذا الإصلاح البنيوي الشامل.