يلعب جهاز التفيش دورا طلائعيا في إصلاح القطاع وتجويد أدائه وتحسين مردوديته وفعاليته، وباعتباره حلقة أساسية ومكونا محوريا للمراقبة والتدقيق والتتبع والتأطير وتقويم الأعمال والأنشطة مقارنة مع الأهداف المتوخى تحقيقها، وتقييم تدبير المصالح المركزية واللاممركزة، فإنه أصبح في حكم اللازم تمكينه بالوسائل والموارد الكفيلة لاضطلاعه بمهامه على أحسن وجه. واستحضارا لموقع هذا الجهاز الاستراتيجي في منظومة التربية والتكوين، فقد أناطت وزارة التربية الوطنية بالمفتشية العامة للشون الإدارية والتربوية القيام بهذا الدور الجوهري، وحدّد لها المرسوم في شأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية مجموعة من المهام المرتبطة بالشأن التربوي والإداري. وفي هذا الإطار، يقوم المفتش العام المكلف بالشؤون التربوية ب: تحليل وإبداء الرأي حول القضايا التربوية المتعلقة بسياسة التربية والتكوين في حدود اختصاصات وزارة التربية الوطنية. تقديم الاقتراحات المتعلقة بتحديد الاختيارات والتوجهات التربوية الوطنية بطلب من الوزير أو بمبادة منه. القيام باختصاص الجوانب التربوية للمصالح المتدخلة في المجال التربوي التابعة للوزارة أو الخاضعة لوصايتها، وخاصة المصالح التربوية ومصالح الخريطة المدرسية والتوجيه والمكتبات المدرسية واقتراح التدابير لتحسين فعاليتها. اقتراح جميع التدابير القمينة بضمان جودة العملية التعليمية. الإشراف على بعض الدراسات في المجال التربوي بطلب من الوزير. أما المفتش العام المكلف بالشؤون الإدارية، فقد أنيطت به المهام التالية: تحليل وابداء الرأي حول القضايا ذات الطابع التنظيمي المتعلقة بسياسة الوزارة في المجالين الإداري والمالي، وفي مجال تدبير الموارد البشرية. القيام بالدراسات والتحريات الهادفة إلى تقييم القدرات التدبيرية لمصالح الوزارة والمصالح الخاضعة لوصايتها في المجالين الإداري والمالي، وفي مجال تدبير الموارد البشرية، مع العمل على اقتراح التدابير لتحسين فعاليتها. تقويم أنماط التنظيم الإداري وطرائق عمل المصالح المركزية للوزارة والمصالح الخاضعة لوصايتها. الإشراف على عمليات افتحاص المصالح الإدارية والمالية والمصالح المكلفة بتدبير الموارد البشرية والمصالح الخاضعة لوصايته. تحليل وقياس وتقييم مدى تحقق الأهداف المسطرة في عقود البرامج التي تم الالتزام بتنفيذها بين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والوزارة. ولأجل تمكين وتعزيز المفتشية العامة للشؤون الإدارية والتربوية بالموارد البشرية الكافية للنهوض بأدوارها الطلائعية، تنظم وزارة التربية الوطنية، كلما دعت الضرورة، مباراة لتكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي والمفتشين التربويين للتعليم الثانوي التأهيلي ومفتشي المصالح المادية والمالية والمفتشين في التخطيط والتوجيه التربوي. وتلعب هذه الهيئة بمختلف أنواعها دورا بارزا في الرفع من جودة أداء المنظومة التربوية، وتحسين العملية التربوية والتكوينية، وتطوير الوظائف الأساسية للمدرسة، وتفعيل مقتضيات الإصلاح. وفي سبيل تنظيمها وتأطيرها، عملت وزارة التربية الوطنية على إحاطة هذه الهيئة بترسانة قانونية وتنظيمية مهمة لمساعدتها على أداء مهمتها بشكل فعال، وإصدارها في إطار تنظيمي خاص بها متضمنا مجموعة من المراسيم والمذكرات والوثائق ودليلا مهنيا للتفتيش. وباستقرائنا لهذه المعطيات السابقة، يتضح أنه لا يوجد إطار: مفتش إداري ضمن هيئة التفتيش بالوزارة، لترجمة برنامج وأهداف المفتشية العامة في شقها الإداري، على نحو تتحقق معه الحكامة في التدبير والمردودية في النتائج والجودة في العمل ونجاعة التدخل. وأمام غياب هذا الإطار (مفتش إداري)، تبقى مهمة مراقبة الشأن الإداري بالمنظومة التربوية رهينة التكليفات في إطار اللجان، وغالبا ما يقوم بها المفتشون التربويون ومفتشو المصالح المادية والمالية ومفتشو التخطيط والتوجيه التربوي والمتصرفون ومنسقو التفتيش... والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف يمكن لهذه الفئات مراقبة الشأن الإداري في ظل التكوين المقدم لها من طرف مركز المفتشين في مجال تخصصها غير الكافي للإحاطة بالمجال الإداري بشكل دقيق، لا سيما وأنّ هذا المجال يعجّ بالمستجدات ومختلف التحولات التي يعرفها المغرب في سبيل حكامة إدارية تقوم على عقلنة التدبير وتخليق المرفق العمومي وتثمين الرأسمال البشري وحسن الاستقبال والتواصل. لا شك أن الشأن الإداري مجال صعب وواسع، يمتزج فيه القانون الإداري بعلم الإدارة، وهو انسجام وانصهار ليس بالسهولة بمكان فهمه وإدراكه، بل يتطلب كفاءات ببروفيلات ملائمة وبمسار مهني حافل، تتلقى تكوينا علميا وممارسة ميدانية في مراكز التكوين. إن الرهان معقود على النظام الأساسي الجديد لمهن التربية والتكوين المزمع إخراجه بعد التوافق حوله بين الوزارة والفرقاء الاجتماعيين، لتصحيح ثغرات النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية السابق، ولإعطاء المفتش الإداري المكانة الاعتبارية والرمزية التي يستحقها ضمن هيئة المفتشين. *دكتور في الحقوق باحث في الشأن الإداري