مُحاطاً بلوحتين تشكيليتين لكل من الفنّانين الصلدي والغرباوي، يجلس الفنان توفيق حازب، الشهير ب"البيغ"، فوق كرسي فخم وبين أنامله سيجار كوبي يتصاعد منه الدخان، وبجواره يبدو مجموعة من فناني الراب، الجُدد خصوصا، وقد تساقطوا تحت قدميه في حالة يرثى لها. هي اللوحة "السادية" التي اختارها الفنان للعودة بقطعة جديدة حملت عنوان "170 كيلوغرام"، جاءت على شكل نقد لاذع/ كلاش لهؤلاء الفنانين؛ لكن بكلام خادش بالحياء جعلَ الأغنية تثير جدلا كبيرا على أكثر من مستوى. فنّيا، يكاد يجمع المتابعون على أن القطعة رائعة وقد تفوّق فيها "البيغ" على نفسه، وكانت تستحق أن يغيب كل هذه الفترة ليعود بها؛ لكن الكلمات أثارت اختلافا بين من رأى أن طبيعة "الكلاش" في فنّ الراب تقتضي تلك الجرعة الزائدة ولا ضير، وبين من اعتبر أن استعمال الكلمات النابية يعني ببساطة أن الأغنية ستسمع على نطاق محمود ولن تصل إلى البيوت وإلى وسائل الإعلام. ويبدو عموما أن "البيغ" أصدر هذه القطعة بعد أن راكم الكثير من الغضب على هؤلاء الفنانين الذين تحدثوا عنه أو انتقدوه، وكما قال هو في الجزء الثاني من أغنيته "الحقد فابور.. كايجعّرني !".. "كلاش" البيغ جوبه بردّ سريع من لدن كل من الفنانين "حليوة" و"مستر كريزي"، وقد حملت القطعتان أيضا كلاما نابيا، بينما كان مستواهما الفني أقل بكثير من عمل "البيغ". أحمد سعيد القادري، إعلامي متخصّص في المجال الفني، أوضح، في تعليق على الموضوع، أن قطعة (170 كيلوغرام) "عمل جميل جدا من ناحية "الفلو" والموسيقى، سواء في جزئه الأول أو الجزء الثاني الذي ينزل فيه الإيقاع بطريقة جميلة عوّدنا عليها الفنان توفيق الذي يأتي بالجديد دائما، والذي لا يمكن أن نقر إلا أنه من رموز الراب في المغرب". ولفت القادري الانتباه إلى أن إطلاق كلمة "أغنية" على قِطع الراب هو خطأ شائع؛ "فالبيغ ليس مغنّيا، إنما "رابور"، والراب يدخل ضمن ثقافة الهيب هوب، بشروطه ووسائله الموسيقية الخاصة". وزاد المتحدث: "بالنسبة للعمل ككل، شخصيا لا أحب الاستماع إلى الكلام النابي في الفن عامة وأرى أنه يمكن الاستغناء عنه من خلال تخفيف الجرعة قليلا، كي يتسنى لي مثلا أن أناقشه أنا وابنتي، على غرار ألبوم "التالت" للفنان نفسه والذي حمل أيضا مجموعة من قطع "الكلاش"؛ لكن بكلمات مقبولة اجتماعية، ويمكن بثها في وسائل الإعلام". وبخصوص ردّ كل من "حليوة" و"مستر كريزي"، أوضح القادري أنه يدخل في السياق نفسه، "يجب أن نقر بأنهما أيضا لهما قاعدة جماهيرية كبيرة، دون أن يعني ذلك أنهما نجوم، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تمنح الشهرة لأي كان.. وأظن أن هناك فرقا بين أن تكون فنانا وأن تكون مشهورا فقط.. وكنت أفضل لو اختاروا الصمت بصراحة". وختم المتحدث حديثه لهسبريس بالقول "عموما، لا يسعني إلا أن أوجه تحية خاصة إلى البيغ الذي استطاع أن يحرك المياه الراكدة على أية حال؛ لكنني أؤكد رفضي للكلمات النابية".