لم يستسغ قضاة المملكة التصريحات الصادرة عن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، بخصوص قضية عبد العالي حامي الدين، المتابع بجناية المساهمة في القتل العمد، إذ اعتبروا ما صدر عنه يمس باستقلالية السلطة القضائية. ورفض قضاة المملكة المنضوون تحت لواء عدد من الجمعيات القضائية، باستثناء نادي قضاة المغرب الذي خرج ببيان خاص به، "المس بكرامة القضاة"، معتبرين ذلك "خطا أحمر لا يقبل أي تنازل أو تهاون أو تخاذل". وعبر القضاة في ندوة صحافية عقدت مساء الجمعة بالدار البيضاء، احتجاجا على تصريحات وزير الدولة، عن "شجبهم استعمال جهات مسؤولة داخل الحكومة (الرميد) لمصطلحات غير لائقة تشكل مسا خطيرا باستقلال السلطة القضائية وتحريضا غير مسؤول ضد القضاء". ووسط حضور كبير للقضاة المنتمين إلى صفوف "الودادية الحسنية للقضاة"، و"الجمعية المغربية للنساء القاضيات"، و"رابطة قضاة المغرب" و"الجمعية المغربية للقضاة"، اعتبر الوكيل العام للملك بالمحكمة التجارية رئيس الودادية، عبد الحق العياسي، أن مثل هذه الخرجات "غير محسوبة العواقب وغير المسؤولة تسيء إلى سمعة المملكة المغربية أمام المنتظم الدولي وتبخر مجهوداتها المبذولة في مجال الحقوق والحريات". وتابع المتحدث نفسه في معرض حديثه بأن أصحاب هذه الخرجات "ينتمون إلى مؤسسات دستورية يجب أن تتحمل مسؤوليتها في هذا المجال"، مشيرا إلى أن المرحلة وتحدياتها "تقتضي من كافة السلط المساهمة بشكل إيجابي في تكريس استقلال السلطة القضائية وصيانة حرمتها، خدمة للمشروع المجتمعي المتقدم الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله". وبعد تقديمهم إحاطة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتبارها مؤسسة دستورية تتولى حماية الضمانات الممنوحة للقضاة، لوح هؤلاء بالتقدم بشكاية ضد الوزير الرميد؛ وذلك بعد تدارسهم للموضوع مع هياكل المنظمات التي ينتمون إليها. وقرر القضاة تشكيل لجنة مشتركة لتتبع تطورات هذه القضية المتعلقة بحسبهم ب"المساس باستقلال السلطة القضائية ومحاولة التأثير على القضاء"، مؤكدين أن دفاعهم عن استقلالية السلطة القضائية "لا ينطلق من مبدأ الفئوية، أو التحامل على أي جهة أو شخص، وإنما من منطلق الإيمان الراسخ باستقلال السلطة القضائية كما ضمنه الدستور والقوانين التنظيمية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة والمواثيق الدولية". وتأتي هذه الخرجة من طرف القضاة بعد "تدوينة" مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، التي عبر فيها عن رفضه إحالة زميله في الحزب عبد العالي حامي الدين على الغرفة الجنائية بفاس، معتبرا أن هذا القرار "لو قدر له أن يصمد أمام القضاء فسيكون انقلابا في مسار العدالة بالمغرب". وكان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس قرر متابعة المستشار البرلماني عبد العالي حامي الدين، بتهمة المشاركة في القتل العمد في قضية آيت الجيد بنعيسى، وإحالته على غرفة الجنايات.