استقبل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الاثنين، تظاهرة علمية بعنوان "مستجدات بحوث الدكتوراه حول دول المغارب في الفترتين القديمة والوسطى"، بحضور باحثين من جامعات تونسية وجزائرية وفرنسية. وتفاعل الباحثون والمتخصصون في اليوم الأول من هذا النشاط العلمي مع مجموعة من الأبحاث العلمية حول وضعية المرأة في إفريقيا القديمة، والتطور الثقافي لبعض المدن في شمال إفريقيا، ومكونات الجيوش القرطاجية والنوميدية. عبد الواحد بن نصر، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، قال إن هذه التظاهرة العلمية الأكاديمية تتناول مواضيع الطلبة الباحثين، وتطرح النتائج التي توصلوا إليها موضع مناقشة؛ وهو ما يشكّل فرصة بالنسبة إلى الباحثين. وأضاف بن نصر أن الدورة الثانية من هذه التظاهرة العلمية تُنَظَّم بمقر المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بعدما عُقدت الدورة الأولى بتونس، استنادا على منهجية تم تبنّيها منذ سنوات نظرا لنجاعتها في تطوير مختلف الأبحاث التي يقوم بها طلبة الدكتوراه بشكل إيجابي. إحسان السراط، باحثة في سلك الدكتوراه بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، قالت إن بحثها عن الخزفيات واللّقى الموجودة بموقع إيغيليز نوارغن بجنوب المغرب قرب تارودانت تمّ في هذا المكان لكونه موقعا مهما جدا من الناحية الأثرية بوصفه معقل ابن تومرت وبداية الدولة الموحدية، وزادت موضّحة أنها تحاول من خلال بحثها إظهار كيف كان يعيش الناس خلال هذه المرحلة. وعن منهجها، قالت الباحثة إنها حرصت على أن يلتقي التاريخ بوصفه معطيات مكتوبة مع المعطيات التي يمنحها علم الآثار، خصوصا في الخزف؛ وهو ما يمكّن من القيام بقراءة موضوعية أكثر، ويجعل من الممكن معرفة إذا ما كان الموقع يعيش نوعا من الضغوطات المحلية، على سبيل المثال. من جهته، ذكر بولخراص حمادوش، باحث جزائري بسلك الدكتوراه، أن بحثه يتناول فترة الحضارة الرومانية والفترة الوسيطة من ناحيتين أثرية وتاريخية، مثنيا على الفرصة التي يتيحها هذا النشاط "في إطار تبادل المعلومات، وتبادل الثقافات". بدوره، تحدّث شارل آلبان هورفي، باحث فرنسي في سلك الدكتوراه، عن الجيوش الرومانية بإفريقيا في الفترة الجمهورية، في صراعها مع الجيش القرطاجي، إضافة إلى الجيش النّوميدي. وتناول الباحث بالنقد جزم المؤرخين بأن الجيش القرطاجي كان يتكون من المواطنين، الذين تبعوا فيه عمل ستيفان جزيل المؤثر في التقليد البحثي الفرنسي، والذي سبق أن ذكر أن تعب الجيش القرطاجي يرجع إلى كونه "مكوّنا من مواطنين غير معتادين على تعب الحرب، وكانوا يشكّلون في العموم جنودا فقراء". وفي هذا السياق، انتقدت ستيفاني غيدون، باحثة مؤطِّرَة بالنشاط، السياقات الإيديولوجية في قراءة التاريخ القديم المحكومة بسياق الفترة الاستعمارية؛ وهو ما دفع الباحثين إلى إعادة إنتاج نفس خطاطات سابقيهم المؤدلَجَة دون وعي منهم، مثل ما حدث في الفترة التي تلت أبحاث عالم الآثار الفرنسي ستيفان جزيل.