عرفت مراكز محو الأمية بجهة درعة تافيلالت، في الأربع السنوات الأخيرة، إقبالا كبيرا من قبل المواطنين الباحثين عن العلم، خصوصا كبار السن، حيث وجد الكثير منهم في هذه المراكز منفذا لهم للهروب من الجهل والأمية. وتعتبر محو الأمية من البرامج الوطنية الهادفة، التي جاءت من أجل انتشال فئة مهمة من المجتمع المغربي من ظلمات الجهل والأمية، حيث تمكن البرنامج ذاته من تحقيق أحلام الكثير من المواطنين ممن كانوا في الأمس القريب أميين لا يعرفون القراءة والكتابة. في جهة درعة تافيلالت وفي أقاليمها الخمسة، توجد العشرات من المراكز المذكورة، بالإضافة إلى فتح المساجد أمام فئة عريضة من المواطنين، خصوصا النساء، من أجل العلم، مما ساهم في تقليص نسبة الأمية بمعدل 25 في المائة، حسب إحصائيات رسمية حصلت عليها هسبريس من مصادر مطلعة. مراكز تعلم الكبار وتطرد شبح الجهل منذ انطلاق برنامج محاربة الأمية بالمغرب عموما، وبدرعة تافيلالت على وجه الخصوص، تم تسجيل تراجع ملحوظ في نسبة الأمية، التي كانت من قبل متفشية بشكل كبير، بفضل تلك المراكز المفتوحة في وجه الراغبات والراغبين في التعلم. كما ساهمت تلك المراكز في كسر الحواجز وفتح المجال لتعلم الجميع من مختلف الأجناس والأعمار. رشيدة ازغور، مستفيدة من برنامج محاربة الأمية بإقليم تنغير، أكدت أنها لم يسبق لها أن دخلت المدرسة، موضحة أنها تمكنت بفضل ولوجها مركز محو الأمية من تعلم الحروف والكتابة، وأنها أصبحت قادرة على الاعتماد على نفسها في قراءة الرسائل وكتابتها وقراءة علامات التشوير الطرقية. وأضافت رشيدة ازغور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن العديد من المستفيدين، خصوصا النساء، تمكنوا من الدراسة والوصول إلى مستوى لا بأس به من خلال مراكز محو الأمية، مشيرة إلى أن العديد من الأشخاص تمكنوا من تعلم القراءة والكتابة بفضل مراكز محو الأمية وتدارك الكثير في المجال العلمي الواسع، معتبرة مراكز محو الأمية خطوة إيجابية في تعليم كبار السن. الإحصائيات التي حصلت عليها هسبريس من الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية توضح أن الأغلبية الساحقة من الأشخاص المسجلين في دروس محو الأمية من الإناث. ونوهت بشجاعتهن وإرادتهن في كسر بعض الطابوهات ورفع التحديات، موضحة أن هذا السلوك دليل على وجود إرادة في مكافحة هذه الآفة وكل مظاهرها التي تنخر المجتمع. الإرادة تواجه الأمية والجهل الإحصائيات التي تتوفر عليها هسبريس بخصوص نسبة المسجلين في مراكز محو الأمية بجهة درعة تافيلالت، تعكس إرادة المستفيدين في تحقيق حلمهم في العلم. كما أن النتائج المشجعة المحققة في مجال مكافحة الأمية بالجهة تدل على النظرة المتبصرة للملك محمد السادس في حماية شعبه من الجهل والأمية، يقول عبد الرحمان بنعمرو، وهو فاعل جمعوي من إقليم تنغير ومهتم بالموضوع ذاته. وبلغ عدد المسجلين في محو الأمية بجهة درعة تافيلالت ما يقارب 34 في المائة، منهم 22 في المائة من الرجال، و46 في المائة من النساء، 10 في المائة منهن ينحدرن من المجال القروي، و22 في المائة في المجال الحضري. وسجل إقليم مدلت الرتبة الأولى من حيث نسبة التسجيل، بنسبة إجمالية قدرها 41 في المائة، وإقليم تنغير بنسبة 37 في المائة، وزاكورة بنسبة 36 في المائة، و33 في المائة بورزازات، وأخيرا 26 في المائة بإقليمالرشيدية. من جهتها، أكدت حليمة الغوفي، مستفيدة من محاربة الأمية بورزازات، أن النتائج المحققة في مجال محاربة الأمية بإقليمورزازات منذ انطلاق البرنامج، تعكس الإرادة السياسية الرامية إلى القضاء على هذه الآفة ذات الانعكاسات الخطيرة، مشيرة إلى أن محو الأمية يجب أن يكون واجبا وطنيا مفروضا على الجميع. وأضافت أن "برنامج محو الأمية يشكل عامل انفتاح وحوار، مما يتطلب تعزيزه وتطويره". وشبهت "القضاء على الأمية بالقضاء على التهميش". وأضافت، في حديثها لهسبريس، أن برامج محو الأمية يجب أن تكون فرصة تهدف إلى تجنيد مزيد من الدعم للمبادرات والبرامج المخصصة لمكافحة هذه الظاهرة على مستوى المغرب بشكل عام وبدون استثناء. واستطردت قائلة إن فكرة ولوجها مركز محو الأمية نابعة من قناعتها بأن محاربة المستعمر "الجهل" لا يجب أن تقتصر على الجانب العسكري، بل فكريا وثقافيا. وأضافت أن "مراكز محو الأمية تسير في الطريق الصحيح، وتحظى باهتمام عامل إقليمورزازات الحالي". أين نصيب نساء الجبال؟ رغم المجهودات المبذولة من قبل القطاعات المتدخلة في محاربة الأمية، لا تزال العديد من النساء القرويات، خصوصا القاطنات بالجبال، لم يصلهن نصيبهن من هذه البرامج، وما زلن يعانين الجهل والأمية بكل تفاصيلهما، وكلهن أمل في تحقيق المساواة في مثل هذه البرامج التعلمية مثلهن مثل باقي النساء. عدجو آيت الصالحي، وهي أم لسبعة أبناء من دوار مسكورت بجماعة تزارين بإقليم زاكورة، لم تخف أن العديد من النساء بقريتها لم يلجن الدراسة ولم يسبق لهن ولوج مراكز محو الأمية، مبرزة أن "المنطقة لا تتوفر على مدرسة بمواصفاتها لتعلم الصغار حتى يفكروا في تعلمنا نحن الكبار". وأكدت أن محو الأمية تسمع عنها فقط من بعض النساء كلما زارت عائلتها بضواحي النقوب. وطالبت بضرورة تمكين نساء الجبال من نصيبهن في جميع المبادرات التنموية والثقافية من أجل المساهمة في انتشالهن من قوقعة التهميش والفقر الذي تتخبط فيه المرأة القروية، مشيرة إلى أن "المخزن" يجب إعادة ترتيب أوراقه، وتمكين كل ذي حق حقه، وفق تعبيره. ورغم ما قالته المتحدثة عن كون النساء القاطنات بالجبال لم يستفدن من محاربة الأمية، فإن الإحصائيات التي حصلت عليها هسبريس من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين تؤكد أن النتائج المحققة في محاربة الأمية منذ سنة 2015، بجهة درعة تافيلالت، تتطور كل سنة. وأفادت الإحصائيات ذاتها أن محو الأمية لسنتي 2015 و2016 بإقليمالرشيدية، استفاد فيها 5600 مستفيد ومستفيدة، و1200 مستفيد في برنامج ما بعد محو الأمية. فيما سجل بإقليم ميدلت 7700 مستفيد ومستفيدة في محو الأمية، و1700 مستفيد ومستفيدة في ما بعد محو الأمية، وبإقليم تنغير تم تسجيل 5130 مستفيدا ومستفيدة من محو الأمية، و874 مما بعد محو الأمية، و5980 مستفيد ومستفيدة من محو الأمية و3540 من بعد محو الأمية بإقليمورزازات. وفي إقليم زاكورة تم تسجيل 5800 مستفيد ومستفيدة من محو الأمية، و1300 مستفيد ومستفيدة مما بعد محو الأمية. وبخصوص الموسم الدراسي الحالي، أشارت الإحصائيات ذاتها إلى أن 9380 استفادوا من محو الأمية مقابل 1650 استفادوا مما بعد محو الأمية بإقليمالرشيدية. كما أن 6420 استفادوا من محو الأمية و900 مما بعد الأمية بميدلت، فيما استفاد 16970 من محو الأمية مقابل استفادة 3640 مما بعد محو الأمية بإقليم تنغير، وبورزازات تم تسجيل 16450 مستفيدا ومستفيدة من محو الأمية، مقابل 2740 مما بعد محو الأمية، وأخيرا إقليم زاكورة الذي سجل 19970 في محو الأمية مقابل 2880 فيما بعد محو الأمية.