دخول اجتماعي ساخن ينتظر حكومة سعد الدين العثماني، بعد دعوة الملك محمد السادس في خطاب العرش إلى ضرورة إنجاح الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية؛ فقد تجددت مطالب بالإسراع في إصدار قانون للحوار الاجتماعي وتنزيل الفصل الثامن من الدستور المُحدد لمضامين التعاقد بين النقابات والحكومة. المنظمة الديمقراطية للشغل وجهت رسالة إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، تدعوه إلى الاقتداء بالتجارب الناجحة في مأسسة الحوار الاجتماعي، على غرار التجربتين التونسية والفرنسية؛ وذلك من "أجل التخلي عن مقاربة الحوار الاجتماعي المعتمدة حالياً تحت ضغط الشارع والتهديد بالإضراب العام، للبحث عن مخارج لتهدئة الأوضاع، دون البحث عن الحلول الحقيقية للمشاكل القائمة والاستجابة للمطالب المطروحة على طاولة المفاوضات". وكان الملك محمد السادس أكد، في خطاب العرش الأخير، أن "الحوار الاجتماعي واجب ولا بد منه، وينبغي اعتماده بشكل غير منقطع"، قبل أن يدعو الحكومة إلى "أن تجتمع بالنقابات، وتتواصل معها بانتظام، بغض النظر عما يمكن أن يفرزه هذا الحوار من نتائج". كما طالب الجالس على العرش مختلف الفرقاء بإنجاح الحوار المتعثر، من خلال "استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة بالقطاعين العام والخاص". علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أكد أن "تنزيل الفصل الثامن من الدستور، المتعلق بقانون النقابات، على غرار قانون الأحزاب، سيمكن من تحديد وبشكل ديمقراطي وشفاف وموضوعي معايير التمثيلية الوطنية والقطاعية ومسألة التمويل والتكوين ووضع رهن الإشارة وآليات تفعيل المادة ال29 من الدستور المتعلقة بالقانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب بعد صدور قانون النقابات". ودعا المسؤول النقابي ذاته رئيس الحكومة إلى تأجيل مناقشة القانون التنظيمي للإضراب إلى حين صدور قانون النقابات، وشدد على ضرورة إشراك جميع النقابات الممثلة في البرلمان في الحوار الاجتماعي، بالإضافة إلى إشراك نقابات المتقاعدين والمهنيين. رسالة النقابة، المقربة من حزب الأصالة والمعاصرة، أوردت أن تجاوز الوضعية الحالية يقتضي "مشاركة الفرقاء الاجتماعيين في رسم السياسات العمومية والمساهمة في إبداء الرأي في مشاريع القوانين التي تهمهم والمفاوضات حول مطالبهم العادلة والمشروعة وفق مقاربة جديدة ومنهجية ناجعة وفعالة ورؤى مستقبلية متفق حولها ينظمها قانون للحوار الاجتماعي". وأكد المصدر النقابي أن اتخاذ هذه التدابير المستعجلة "سيكون له أثر إيجابي في استقرار الشغل ودعم المقاولة الوطنية والمنتوج الوطني أمام المنافسة الخارجية ودعم للتماسك والاستقرار الاجتماعي". ويُرتقب أن تشرع الحكومة، مباشرة بعد انتهاء العطلة الصيفية، في جلسات جادة ومسؤولة مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية لتجاوز "البلوكاج الحالي" وتنفيذ مضامين الرسائل الملكية في شقيها الاجتماعي والاقتصادي.