خوفا على حياته، سجل ضامن عايد اسمه مع مئات آخرين من أفراد فرق الدفاع المدني، المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، لإجلائه من سوريا، ويراوده الأمل في حياة جديدة على أراضي كندا. لكن عايد، البالغ من العمر 20 عاما، لم يكن ضمن بضع مئات نقلوا في مطلع الأسبوع عبر مرتفعات الجولان، الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلى الأردن لإخراجهم من جنوب غرب سوريا. عندما جاءت قائمة أسماء الأفراد الذين تمت الموافقة على إجلائهم، بعد وقت من الانتظار، لم يكن اسمه مدرجا فيها. وقال: "أخبرونا في منتصف الليل أن الأسماء أتت، حيث دهشنا أن هناك الكثير من الأسماء لم تتم الموافقة عليها". كان اسمان اثنان، فقط، من مجموع العاملين في مركز الدفاع المدني الذي يعمل عايد فيه في هذه القائمة المحظوظة. وبدلا من ذلك، انضم عايد إلى آلاف الأشخاص الذين استقلوا حافلات إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا؛ بموجب اتفاق استسلام المعارضة للحكومة. وقالت "الخوذ البيضاء" إن كثيرا من العاملين فيها وأسرهم، الذين كان يفترض أن يشملهم الإجلاء إلى خارج سوريا، غير قادرين على الوصول إلى الحدود بسبب القتال. ومن بين نحو 800 شخص، منهم نحو 250 من عناصر الدفاع المدني إلى جانب 550 من أفراد أسرهم تشملهم الخطط، تمكن فقط نحو 100 من أفراد الدفاع المدني وحوالي 300 من أقاربهم من المرور عبر مرتفعات الجولان والأردن. غير أن أعضاء آخرين في "الخوذ البيضاء"، ومنهم عايد، لم يحصلوا على الموافقة على الإجلاء. وقال عمار السلمو، وهو من عناصر "الخوذ البيضاء" يعمل في مقرها بتركيا، إنهم أرسلوا القوائم، وإن بعض الأسماء قُبلت بينما رفض البعض الآخر. بريطانياوكندا وألمانيا من الدول التي عرضت إعادة التوطين، وساعدت في ترتيب مختلف خطوات الإجلاء من سوريا إلى الخارج. وردا على سؤال عن سبب استبعاد عناصر من الدفاع المدني من خطط الإجلاء، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: "كان هذا استجابة لوضع عاجل ومحدد". وأضاف المسؤول: "عملنا مع شركائنا على استخدام قنواتنا الدبلوماسية لإجلاء الحد الأقصى من أفراد الخوذ البيضاء وأسرهم، حسب الإمكان، في سياق أمني مقيد للغاية". رفض المسؤولون الألمان التعليق على كل هذا، بينما قال عايد، الذي وصل إلى شمال غرب سوريا ومعه والداه وشقيقه الأصغر، إنه ما زال يعتبر أن مغادرة سوريا أفضل آماله للنجاة من الحرب. وقال الشاب العشريني نفسه: "بالنسبة إلى إخراجنا في اتجاه كندا، أعتبره الحل الوحيد للحفاظ على حياتنا". أوراق الهوية شمال غرب سوريا هو المنطقة الكبيرة الأخيرة التي ما زالت تحت سيطرة المعارضة. وتتعرض إدلب لقصف متكرر، وقال الرئيس بشار الأسد إنها باتت هدفه الآن. وقال عايد إن أفراد "الخوذ البيضاء"، التي تعمل فقط في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يواجهون خطرا شديدا إذا أمسكت بهم الحكومة. وزاد: "مصيرنا أبشع من مصير المنشقين عن الجيش". واتهم الأسد فرق "الخوذ البيضاء" بكونها واجهة لتنظيم القاعدة، وتقول حكومته إنهم اختلقوا قصص الهجمات الكيماوية لإعطاء ذريعة للضربات الجوية الغربية. وتولاد "الخوذ البيضاء"، التي تتلقى تمويلا من دول غربية عديدة، إنها منظمة إنقاذ مدنية تعمل تحت القصف لسحب الضحايا من بين الأنقاض. ووفق عايد فإن ما يزيد شعوره بالخوف من أن تمسك به قوات الأسد أن الجيش السوري، عندما سيطر على المنطقة التي كان يقيم فيها فبجنوب غرب البلاد، هذا الشهر، صادر بطاقات هوية العاملين. وأضاف: "يوجد في المديرية الكثير من المعدات، ولكن الأهم هي الهويات وأسماء المتطوعين وبطاقات التعريف الخاصة بنا، وهذا أكثر الأمور التي أضرت بنا. لم يتم إتلاف الأوراق والأسماء، وإنما بقيت مثل ما هي وأصبحت بيد النظام". قصف سحق الأسد مراكز للمعارضة واحدا بعد الآخر في السنوات الماضية، وفي الشهر الماضي حول وجهته صوب معقل المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة، في جنوب غرب البلاد. وشن الرئيس السوري ضربات جوية تبعتها هجمات برية، وعروض للمعارضين بالاستسلام في مقابل المرور الآمن إلى شمال غرب سوريا لمن يرفض العودة تحت سيطرة الحكومة. وكان عايد، الذي يقول إنه يعمل مع "الخوذ البيضاء" منذ 16 شهرا، يتمركز في اللجاة، وهي أول منطقة للمعارضة في درعا تعرضت للهجوم. وقصف الجيش مركز "الخوذ البيضاء" وهو يطبق على المنطقة، وفر العاملون في المركز قبل أن يسيطر عليه الجيش. وقال عايد إن العاملين في المركز، وعددهم 30 فردا، توزعوا بين المناطق التي بقيت تحت سيطرة المعارضين لنظام بشار الأسد. ولجأ بعض هؤلاء إلى بلدات سيطر عليها الجيش في وقت لاحق. وقال عايد: "لقد تمت محاصرتهم، ويعتبر مصيرهم مجهولا بالنسبة إلينا". انتهى المطاف بعايد وأسرته في القنيطرة، قرب الحدود مع مرتفعات الجولان، وكانت هذه المدينة آخر أرض للمعارضين تستسلم للحكومة جنوب غرب البلاد. وعمل عايد في مركز الدفاع المدني هناك لعدة أسابيع.،وقال إن جميع العاملين في المركز دُعوا إلى اجتماع طارئ ذات مساء ليتم إبلاغهم بتسجيل أسمائهم لإجلائهم عبر إسرائيل والأردن، واحتمال توطينهم في كندا، وعندما أتت القوائم لم يكن اسم عايد فيها. * د.ب.أ