تَعِيشُ فَضَاءَاتُ السِجَالِ بَينَ التَلاوينِ التنظيمية المُشَكِّلَةِ لنَسِيجِ الحركة الأمَازيغية على وقع نِقاشات حادة بين مختلف الفرقاء، بعد تباين المواقف من المشاركة في مسيرة اليوم الأحد الداعمة لمعتقلي حراك الريف، التي اعتبرها البعض "ركوبا على نضالات الريفيين ومعاناة أسرهم، بسبب عدم إشراك جميع الفاعلين في التحضير لها". ولم تَتَوَانَ العَدِيدُ من التنظيمات الأمَازيغية في إعلانها مقاطعة المسيرة، في حين أعلن مشروع حزب تامونت للحريات مشاركته، ليجُرَّ عليه اتهامات ب"موالاة اليسار" والتخلي عن "الوحدة الرمزية التي كانت تجمع الحركة الأمازيغية". في المقابل، يَعْتبرُ التنظيم الحزبي الأمازيغي أن المشاركة في المسيرة "أكبر من المزايدات التنظيمية، بحكم أن المعتقلين بدورهم ناشدوا عموم أطياف الشعب المغربي الحضور بكثافة في المسيرة"، التي شهدت صباح اليوم إنزالا لمختلف الفاعلين، تتقدمهم فيدرالية اليسار والنهج الديمقراطي والمركزيات النقابية. وفي هذا الصدد، أوضح علي وجيل، منسق جهة الرباطسلاالقنيطرة لحزب تامونت للحريات، أن "الحزب يَعْتَبِرُ الموقف السياسي السليم علاقة بالحراك الشعبي هو التَواجد بداخله، لأن فضاءه هو الشارع وموضوعه هو حراك الريف، المرتبط في جزئ كبير منه بالحركة الأمازيغية بمختلف تنظيماتها الوطنية والجهوية والمحلية". وأضاف وجيل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المشاركة جاءت انسجاما مع مرجعية تامونت المرتبطة بقيم الحرية والكرامة والعدالة، وآلام وهموم الشعب المغربي، وحقوقه السياسية والهوياتية والاقتصادية والثقافية، وكذا استجابة لنداء المعتقلين وعائلاتهم". وأردف الفاعل السياسي أن "مشروع تامونت يَخْتَلِفُ جذريا مع اليسار المغربي العربي واليمين المغربي العربي، والسلفية المغربية العربية في مشروعها الأحادي الشمولي الإقصائي والتهميشي، فيما يتعلق بالهوية الجماعية للمغرب". وزاد: "إذا كنا سنُقَاطع المسيرات الشعبية التي تُنظم في الشارع العمومي بسبب الإقصاء والتهميش المُمَنْهَج من قبلهم، فالأولى مُقَاطَعَتُهُمْ في لجان الحراك الشعبي وخارجها، وكلما دعوا إلى التنسيق والاعتماد كليا على الذات، عوض مقاطعة الشارع العمومي المتاح". في المقابل، اعتبر موحا الحسناوي، منسق التنظيمات الأمازيغية في مبادرة الحراك الشعبي بالبيضاء، أن "المسيرة مشبوهة وتسعى إلى احتكار العمل النضالي وإخراجه من سياقه الشعبي الذي انضبط له الشعب منذ بداية الحراك"، مُردفا أن "المسيرة تسعى إلى الركوب السياسي على مآسي المعتقلين وعائلاتهم، في ظرفية حرص خلالها كل المعتقلين على توجيه رسائل واضحة إلى الشعب المغربي". وأضاف الحسناوي، في تصريح لهسبريس، أن "اليسار بدعوته الأحادية يُحَاول فرض سياسة الأمر الواقع على الحركة الأمازيغية وجماعة العدل والإحسان، وهما تياران لهما وزنهما المحترم في الشارع المغربي"، معتبرا تصريح منيب بخصوص وجود تنظيمات أمازيغية "استمرارا لاجترار إرهاصات الفكر العنصري الأحادي الذي يُعرف به اليسار العروبي ببلادنا منذ تأسيسه". وأكد المتحدث أن "الأمازيغ اليوم بمُقَاطَعتهم لهذه المسيرة قدموا جوابا واضحا لمنيب واليسار"، موضحا أن "النقاش المفتعل حول المشاركة الأمازيغية في المسيرة لم يكن سوى مع تيار صغير داخل اللجنة التحضيرية لحزب تامونت التي قررت دعوة الحركة الأمازيغية إلى المشاركة، وجاءها الجواب واضحا من خلال تصريحات الفاعلين في الساحة الأمازيغية برفضهم وصاية هذه اللجنة على قراراتهم". وختم الحسناوي تصريحه بكون "الموقف الأمازيغي أبان مجددا عن نضجه ورفضه لتلونات الأحزاب السياسية وانتهازيها في الاستغلال السياسوي للقضايا الإنسانية والاجتماعية لشعبنا المغربي، وأبان بوضوح أن الحراك لم يصفهَا عبثا بالدكاكين السياسية".