كشف محاسبو المغرب أن عددا كبيرا من المهنيين المحاسبين معرضون للتشرد والسجن بعد تنظيم الدولة لمهنة محاسب معتمد، وقالوا إن "تطبيق القانون الجديد حرم مئات المحاسبين من الصفة القانونية المحدثة، بعد عدم قبول 2139 محاسبا مهنيا مستقلا في قائمة المحاسبين المعتمدين التي بلغت 1755 محاسباً معتمدا". وكانت الحكومة المغربية قد صادقت سنة 2016 على مشروع مرسوم تقدم به محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، يتعلق بتطبيق القانون رقم 12-127 المتعلق بتنظيم مهنة محاسب معتمد وبإحداث المنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين. ولتسليط الضوء على المشاكل التي خلفها القانون الجديد، نظم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، مساء الخميس بالرباط، بمعية ائتلاف المحاسبين المستقلين بالمغرب، لقاء دراسياً حول "دور المحاسب المعتمد في الاقتصاد الوطني وتأهيل المقاولات الوطنية"، بمشاركة محاسبين مستقلين متضررين من مختف مناطق المملكة. وأوضحت دراسة مفصلة قدمها المحاسبون المستقلون أن القانون رقم 127.12 يعتبر "خرقا للدستور وللمبادئ العامة للقانون، لأنه اعتمد طريقة للتمييز والإقصاء لفئة على حساب فئة أخرى تمارس المهنة نفسها". وأورد المحاسبون أن "تطبيق المادتين 102 و103 قد تم بأثر رجعي ما دام أن مفعول آثارهما امتد إلى الماضي وليس الحاضر أو المستقبل"، منبهين إلى أن "التسجيل في الضريبة المهنية بصفة محاسب لم يكن مشروطا بنص قانوني يحدد طبيعة وشروط الشواهد الواجب الإدلاء بها، بل يعتمد على الإدلاء بأي شهادة جامعية أو مؤسسة للتكوين المهني الخاص أو العام، وكذا ما يفيد التجربة المعتمدة في هذا الإطار". ويرى المحاسبون المستقلون أن القانون 127.12 "لا يخدم التوجهات الاستثمارية الصغرى والمتوسطة للبلاد، وبالتالي سيقلص من عمليات الاستثمار ومن مداخيل الدولة الضريبية"، مشيرين إلى أن إحصائيات وزارة المالية بينت أن عدد المتضررين من تطبيق المادة 103 بلغ 2139 مكتب محاسبة، و"هو ما يعني مباشرة تشريد العدد نفسه على الأقل من العائلات الصغرى والكبرى التي يعيلها المعنيون بالأمر". وقدر المصدر عدد مناصب الشغل التي توفرها هذه الفئة المتضررة بما يفوق 20 ألف منصب إضافي من المساعدين والمساعدات، مورداً أن "عليهم ديونا متراكمة في الأبناك ومختلف مؤسسات القروض، بعدما كان السير العادي لمشاريعهم يسمح لهم بتسديد ديونهم على شكل دفعات شهرية حسب إمكانياتهم". من جهة ثانية، أبرز المتدخلون أن هذا الوضع الجديد للمهنة حرم عددا كبيرا من المدن الصغيرة والمتوسطة من خدمات القرب لمحاسب معتمد، وأكدوا أن شروط تطبيق المادتين 102 و103 "لا تتوفر في كثير من المحاسبين الممارسين بهذه المدن، وبالتالي سيجد الملزمون بهذه المناطق أنفسهم مضطرين لقطع عشرات أو مئات الكيلومترات لإنجاز أعمالهم المحاسباتية". ودعا المتحدثون نواب الأمة إلى رفع الحيف عنهم، ومعالجة الاختلالات عبر تعديل مقتضيات المادة 103 من القانون رقم 127.12. وفي هذا الإطار، طالب الفريق الاشتراكي، من خلال مقترح قانون، بتعديل المادة 103 من القانون المذكور، "بهدف إتاحة الفرصة لكل المهنيين للقيد وفق نمط يضمن حقوق المهنيين المكتسبة". وشدد في المقترح على ضرورة استيفاء شرط ممارسة المهنة لمدة خمس سنوات، ومتابعة تكوين متخصص يتم تحديد مضمونه ومدته بنص تنظيمي. وخلص المحاسبون إلى أنهم "لم يتطاولوا على المهنة، وإنما مارسوها وفق نظام قانون معين، وأن شروط حمل صفة محاسب معتمد تنطبق عليهم كما هي محددة في النظام القانوني". وكانت الدولة قد شرعت في السنوات الأخيرة في إعادة هيكلة عدد من المهن القانونية من قبيل مهنة التوثيق، وخطة العدالة، ومهنة النساخة، ومهنة المفوضين القضائيين، ومهنة الخبراء، والتراجمة المقبولين لدى المحاكم، ومهنة المحاماة.