احتضنت المحكمة الابتدائية بمدينة وادي زم، الأربعاء، يوما دراسيا حول "الإشكالية العَمَلية للدعاوى العقارية في ضوء التوجهات القضائية"، دعا خلاله المشاركون إلى ضرورة "إعادة النظر في السياسة العمومية المؤطرة للنظام العقاري بما يضمن وحدة القوانين والمساطر، والسعي إلى الحد من التضخم التشريعي في القوانين العقارية، والعمل على سن قواعد قانونية موضوعية معيارية واضحة تعتمد على مساطر وإجراءات بسيطة وموحدة". اليوم الدراسي الذي يهدف إلى تفعيل بنود الشراكة بين المحكمة الابتدائية بوادي زم والمعهد العالي للقضاء، واتفاقية التعاون المبرمة بين المحكمة ذاتها وهيئة المحامين بخريبكة، خلص إلى مجموعة من التوصيات، من ضمنها ضرورة "مراجعة النصوص التشريعية المؤطرة للوعاء العقاري وفق مقاربة تشاركية، والتفكير في خلق شراكات بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في المنازعات العقارية، لا سيما بين المعهد العالي للقضاء والمحاكم؛ وذلك بقصد إنماء القدرات المهنية للعاملين في هذا المجال، في أفق ضمان الأمن العقاري والأمن القضائي". ومن بين ما دعا إليه المشاركون في اليوم الدراسي، "تنظيم مسطرة التعرض على الإيداع المنصوص عليها في إطار الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري؛ وذلك ببيان إجراءات إحالة التعرض على المحكمة وبيان الجهة القضائية المختصة للبت فيه"، و"إعادة النظر في الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري بشأن عدم قابلية قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض الاستثنائي للطعن، بالشكل الذي يجعله في انسجام تام مع أحكام الفصل 118 من دستور المملكة". وجاء في التوصيات أيضا، "تبسيط الإجراءات والمساطر المرتبطة بتحفيظ الأراضي السلالية، واعتماد مبدأ الإجبارية، لا سيما فيما يتعلق بالأراضي المشمولة بوثائق التعمير، والتنصيص بصفة صريحة على مبدأ فصل مسطرة التحديد الإداري؛ وذلك عبر إحالة جميع التعرضات التأكيدية على القضاء داخل أجل معين، وتتبع المصادقة على الوعاء العقاري الجماعي غير المشمول بهذه التعرضات بصفة تلقائية"، و"السعي إلى توحيد العمل القضائي في منهجية التعاطي مع المنازعات ذات الارتباط بالأراضي السلالية". ودعا المشاركون في اللقاء إلى "تفعيل مسطرة المقرر في قضايا التحفيظ العقاري"، و"تفعيل مسطرة التبليغ التلقائي بشأن مختصر المقررات القضائية الصادرة في قضايا التحفيظ"، و"تعديل الأحكام المنظمة لطرف الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات المتعلقة بالتقييدات والتشطيبات"، و"إعادة النظر في المقتضيات القانونية المنظمة للطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية"، و"ملاءمة قانون إحداث المحاكم الإدارية مع قانون المسطرة المدنية؛ وذلك بالتنصيص على إلزامية الحكم القاضي بعدم الاختصاص، والإحالة في مواجهة المحكمة المحال إليها". يشار إلى أن رئيس المحكمة الابتدائية بوادي زم، سمير أيت أرجدال، استهلّ اليوم الدراسي بالتأكيد على أن "اختيار الموضوع لم يكن من باب الصدفة أو الترف الفكري أو الاحتفالي، وإنما نتيجة حتمية لنسبة الملفات الرائجة بهذه المحكمة، التي تبلغ في مجملها ما يناهز 76%، وما تثيره من إشكاليات عملية، لا سيما في القضايا الخلافية"، مشددا على أن "الغاية المبتغاة في العمق هي توحيد الرؤى والاجتهادات في المنازعات العقارية؛ وذلك استشعارا من السلطة القضائية بدورها في حماية الحقوق وتنزيل مطلب التوقع القانوني ومبدأ الأمن القضائي". أما عبد المولى زهير، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوادي زم، فقد أشار في كلمته بالمناسبة إلى أن "هذه الندوة تُشكّل فرصة لخلق حوار مثمر وبنّاء حول موضوع ذي أهمية وراهنية، لا سيما في ظل ما تعرفه هذه المحكمة من تسجيل نسبة عالية من الملفات ذات العلاقة بالمنازعات العقارية، والذي سينتهي لا محالة بتوصيات واقتراحات ناجعة مما استقر عليه الاجتهاد القضائي". من جهته، أكّد عمر سُعيد، نقيب هيئة المحامين بخريبكة، أن "التظاهرة العلمية جاءت في إطار مطلب التكوين القانوني والعلمي للمحامين، وتأطيرهم من خلال الاطلاع على الاجتهادات القضائية الحديثة ذات الارتباط بالمنازعات العقارية، باعتبارها حصانة أساسية للمحامي في تجويد رسالته المهنية النبيلة". أما يونس الزهري، مدير تكوين الملحقين القضائيين والقضاة، فقد قال في كلمة ألقاها نيابة عن المدير العام للمعهد العالي للقضاء إن "هذه الندوة تأتي في سياق تنزيل بنود الشراكة المتميزة مع المحكمة الابتدائية بوادي زم، الهادفة إلى إنماء القدرات البشرية العاملة بالدائرة القضائية، وتبادل الخبرات، والوقوف على الممارسات القضائية الفضلى، لا سيما في مجال المنازعات العقارية الذي هو موضوع هذه التظاهرة". وعرف اليوم الدراسي تنظيم جلسات علمية حول محورين رئيسيين، هما "التوجهات القضائية الكبرى في قضايا التحديد الإداري والتحفيظ العقاري وتأثيرها في تحقيق التنمية المجالية"، و"الخصوصيات المسطرية للمنازعات العقارية في ضوء العمل القضائي لمحاكم المملكة"، وشكّل فرصة للمناقشة والاستماع إلى مختلف الأطروحات ذات الارتباط بالمداخلات.