تعيش حكومة سعد الدين العثماني أياما عصيبة، خاصة بعد قرار الوزير المنتدب المكلف بالحكامة والشؤون العامة، لحسن الداودي، الاستقالة إثر الغضب الذي واكب مشاركته في وقفة احتجاجية ضد "دعاة المقاطعة"، إلى جانب ملتمس الرقابة الذي تقدم به حزب الأصالة والمعاصرة. ومن المنتظر أن تعرف حكومة العثماني رجة سياسية، ما قد يعجل بإجراء تعديل لها عبر إعفاء وزراء، خاصة في ظل الغليان والاحتجاج الذي تعرفه عدة قطاعات اجتماعية. رشيد لزرق، الباحث في الشأن السياسي، يرى أن استقالة "الوزير الملتحي" جاءت "بفعل تهوره"؛ "لأنها ربما سابقة دولية أن يعمل وزير على التظاهر مع فئة من الشعب لكونه عضوا في الحكومة التي يتجلى دورها في تنفيذ المطالب"، وفق تعبيره، معتبرا أن خروجه للتظاهر "يطرح سؤال ضد من يتظاهر؟ هل ضد الدولة التي يمثلها من خلال المؤسسة الحكومية أم ضد الشعب؟". واعتبر المتحدث نفسه، في تصريح لهسبريس، أن هذه الاستقالة في حالة قبولها من شأنها أن "تحدث رجة سياسية في الأغلبية الحكومية، انسجاما مع الحراك الذي يعرفه الشارع"، وشدد على أن "قرار إقالة أو استقالة الوزير تحصيل حاصل، بالنظر إلى جسامة الفعل الذي قام به"، مؤكدا أن "قبول الاستقالة سيؤدي إلى تغيير في الحكومة عبر العمل على حذف مناصب كتاب الدولة، التي لا معنى لها في الهيكلة الحكومية"، وزاد: "تقليص الحكومة إلى عدد قليل سيجعلها فاعلة لا حكومة ترضيات". أما بخصوص تداعيات ملتمس الرقابة الذي طرحه حزب الأصالة والمعاصرة فإن الغاية منه حسب الباحث نفسه "خلق رجة سياسية في اتجاه يزيل الضبابية القاتمة عن سلوك الفاعلين السياسيين في تعاطيهم مع الحملة الشعبية". واعتبر الباحث لزرق أن غاية حزب الأصالة والمعاصرة من خلال طرح ملتمس رقابة الذي وقع عليه 78 نائبا من أصل 102 ينتمون إلى صفوفه، "ليس إسقاط الحكومة أكثر مما هي خلق رجة سياسية على مستوى المؤسسات، وداخل مجلس النواب، خاصة بالنسبة لحزب الاستقلال وفيدرالية اليسار وجناح بنكيران داخل البرلمان، على اعتبار أنه تبنى المقاطعة، ويفترض فيه التصويت على الملتمس". ويرى الباحث ذاته أنه "في ظل ما أفرزته المقاطعة من صعوبات على الحكومة فإن المعارضة وفق الخيارات الدستورية المتاحة المتمثلة في الفصل 105 من الدستور يمكنها التصويت على ملتمس الرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس". ورغم أن الداودي قدم طلب إعفائه، ومن المفروض أن يرفع رئيس الحكومة هذا الطلب إلى الملك محمد السادس، إلا أن العثماني تجاهل خلال اجتماع المجلس الحكومي يوم الخميس الحديث عن الموضوع في كلمته الافتتاحية.