ما زال تاريخ الثاني من يونيو 1978 عالقا في ذاكرة التونسيين ومكتوبا بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة الأفريقية. وفي ليلة باردة في سبعينيات القرن الماضي بالأرجنتين فاجئ منتخب تونس، المغمور وقتها والذي كان يخوض غمار المونديال للمرة الأولى، نظيره المكسيكي على ملعب خيجانتي دي أروييتو العريق في روساريو، مسقط رأس النجم ليونيل ميسي، بانتصار تاريخي 3-1 ليمنح القارة الأفريقية أول فوز لها في تاريخ بطولات كأس العالم. كانت مباراة متوترة، لكنها رائعة، بحسب ما يسترجع أبطال تلك "الملحمة" في تصريحات ل(إفي). تقدمت المكسيك أولا من ضربة جزاء في الدقيقة 45 عبر القائد أرتورو "الجونيني" باثكيث أيالا. بعدها بعشر دقائق يسجل علي الكعبي أول أهداف تونس. ومع حلول الدقيقة 80 يضاعف مختار غميض النتيجة ثم يختتم نجم الترجي التونسي آنذاك طارق ذياب الفوز بهدف ثالث قبل النهاية بثلاث دقائق. أربعون عاما مرت ليتأهل حاليا خمسة منتخبات من أفريقيا ولكل منها تحدٍ خاص وحلم تخطي ربع النهائي الذي لم يصل إليه سوى ثلاثة منتخبات هي الكاميرون في مونديال إيطاليا 1990، السنغال في مونديال كوريا واليابان 2002 عندما خسرت أمام تركيا بهدف، ثم غانا في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا عندما لامست "النجوم السوداء" حلم بلوغ نصف النهائي لكنها خرجت في مباراة دراماتيكية أمام أوروغواي. يقول نبيل معلول مدرب منتخب تونس ل(إفي) "صنعنا تاريخا قبل أربعة عقود ونسعى حاليا لمواصلته". تفاؤل مشوب بالحذر بسبب الإصابات المفاجئة التي ضربت "نسور قرطاج" التي قد تعيقها عن التحليق في سماء روسيا بعدما تأكد غياب نجمي الفريق يوسف المساكني (الدحيل القطري) وطه ياسين الخنيسي (الترجي التونسي). يضاف إلى ذلك صعوبة المجموعة التي وقعت فيها تونس بالمونديال مع كل من بلجيكا وإنجلترا، المرشحتين بقوة للتأهل، وبنما التي قد تشكل عقبة أيضا. ويؤكد معلول "أتمنى أن يتأهل المنتخب التونسي للدور الثاني للمرة الأولى. لقد حانت اللحظة فلدينا ما يؤهلنا ولاعبون قادرون على ذلك. نستهدف تخطي دور المجموعات". أما المغرب، الذي يعود للمونديال بعد غياب استمر 20 عاما، فيسعى لتكرار ما حققه في نسخة المكسيك 1986 عندما حقق أفضل إنجازاته على الإطلاق في تاريخ مشاركاته في كأس العالم، بتأهله إلى الدور الثاني بعد أن تصدر مجموعته بالتعادل أمام إنجلترا وبولندا ثم الفوز على البرتغال بثلاثة أهداف لهدف (ثنائية عبد الرزاق خيري، وهدف ميري كريمو)، ليكون بذلك أول منتخب عربي وأفريقي يصعد إلى الدور الثاني في كأس العالم. واصطدم "أسود الأطلس" في الدور الثاني بمنتخب ألمانيا ويخسر بصعوبة بهدف في الدقائق الأخيرة بعد أداء رائع. وبفريق يمزج بين الشباب والخبرة وبقيادة المدافع مهدي بن عطية، نجم يوفنتوس الإيطالي، يسعى المدرب الفرنسي هيرفي رينار لقيادة المغرب إلى الدور الثاني رغم صعوبة المجموعة التي تضم إسبانيا والبرتغال، بطل أوروبا، وإيران. ويسعى المغرب للفوز على إيران في مباراتهما الافتتاحية، قبل الاصطدام بالعملاقين الأوروبيين. ويعول المغاربة على المدرب الفرنسي الشاب، الذي حقق لقبين في بطولة أمم أفريقيا مع فريقين مختلفين (زامبيا 2012 وكوت ديفوار 2015)، لتميزه بأداء خططي ناجح وبث الحماس في لاعبيه. ومن أرض النيل يعود منتخب مصر إلى الحدث الكروي العالمي بعد غياب طويل دام 28 عاما، فيما يتوجه الملايين بالدعاء لسرعة تعافي نجمهم الأول محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، بعد تعرضه لإصابة في الكتف في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد الإسباني. يخوض "الفراعنة" مونديال روسيا بفريق قوي دفاعيا وبسجل حافل في بطولات أمم أفريقيا بسبعة ألقاب منها ثلاثة متتالية 2006 و2008 و2010. ورغم الباع الطويل لمنتخب مصر في أفريقيا إلا أنه شارك في كأس العالم مرتين سابقتين فقط (1934 و1990) وخرج من كليهما من الدور الأول. ويسعى المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر لتحقيق المفاجأة وقيادة مصر إلى الدور الثاني حال تخطيه المجموعة الأولى التي تضم روسيا، صاحبة الأرض، وأوروغواي والسعودية. من جهتها تعتبر نيجيريا ثاني أكثر منتخبات أفريقيا مشاركة في بطولات كأس العالم بواقع خمس مرات سابقة بدأتها في نسخة 1994 بالولايات المتحدة التي حققت فيها فوزين تاريخيين. وفاجأ منتخب "النسور الخضراء" العالم في 1994 بفوز عريض على بلغاريا 3-0 ثم اليونان 2-0 وهزيمة بصعوبة أمام الأرجنتين، ليتأهل المنتخب الأفريقي إلى دور الستة عشر على رأس المجموعة. وفي الدور الثاني أجبرت نيجيريا المنتخب الإيطالي على اللعب شوطين إضافيين لكنها خسرت بصعوبة 2-1. ومنذ ذلك الحين غابت نيجيريا مرة واحدة فقط عن نهائيات كأس العالم في نسخة 2006 بألمانيا. وتعتمد نيجيريا في مونديال روسيا على فريق يضم لاعبين من ذوي الخبرة مثل جون اوبي ميكيل (تيانجين تيدا الصيني) ولاعب الوسط الموهوب فيكتور موسيس (تشيلسي الإنجليزي). ويواجه المدرب الألماني جيرنو روهر تحديا صعبا على الأراضي الروسية بعدما وقع في مجموعة تضم الأرجنتين بقيادة النجم ليونيل ميسي وكرواتيا التي تضم الثنائي لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش، إضافة إلى أيسلندا مفاجأة بطولة أمم أوروبا الأخيرة. ويمثل منتخب التانغو "نقطة سوداء" بالنسبة لنيجيريا حيث خسر المنتخب الأفريقي في المواجهات الأربعة التي جمعتهما في المونديال، مقابل فوز وحيد في مباراة ودية مؤخرا. لكن آمال القارة السمراء ما زالت معقودة على منتخب السنغال الساعي بشدة للذهاب بعيدا في مونديال روسيا بقيادة نجم ليفربول ساديو ماني. ويعود "أسود التيرانغا" للمشاركة الثانية في الحدث العالمي على يد المدرب الوطني أليو سيسيه، الذي قاد الفريق كلاعب في مونديال 2002 بكوريا واليابان. وبعد التألق اللافت في مشاركتهم الأولى بالمونديال عام 2002 والتي نجحوا خلالها في التأهل للدور ربع النهائي والفوز في دور المجموعات على فرنسا، حاملة اللقب وقتها، تسعى السنغال إلى تكرار هذا الإنجاز في روسيا، والظروف تبدو مواتية لهم لا سيما في مجموعة تضم بولندا واليابان وكولومبيا. *إفي