منذ بداية شهر رمضان، انطلقت حملات واسعة لمراقبة الأسعار وجودة المنتجات، بعد أن عرفت أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية ارتفاعا كبيرا، خصوصا الأسماك والفواكه والقطاني. وقدّمت الحكومة المغربية وعودا بمواجهة الارتفاع في الأسعار والاحتكار، ومراقبة جودة المنتجات الغذائية. وأسفرت تدخلات لجان المراقبة عن رصد ارتفاع في أسعار بعض المواد الغذائية، وحجز ما يقارب 96 طنا من المواد الغذائية الفاسدة، بعد أن قامت بمراقبة 10.391 نقطة بيع خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان بمختلف مناطق المغرب، حسب بلاغ للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة. وأمام هذه الحملات الكثيفة، يتساءل العديد من المتابعين حول جدواها، وحول ما إن كانت ستستمر لما بعد رمضان، أم أنها فقط مناسبة موسمية لامتصاص غضب وشكاوى المواطنين، الذين ترتفع أصواتهم ونفقاتهم خلال هذا الشهر. "ضوضاء وكذب على المغاربة" في هذا السياق قال رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إن الأرقام التي كشفتها الوزارة بخصوص مراقبة سلامة المنتجات الغذائية "تثير الانتباه، لكن تبقى بدون معنى وخرساء لأنها لم تقدم في المقابل الكميات المراقبة والمحجوزة ومعطيات عن وجود المواد غير الصالحة في السوق المغربي"، وفق تعبيره. وأضاف الخراطي: "عندما نردد عبارة مراقبة الأسعار فإننا نكذب على المواطنين، لأن الأسعار بالمغرب حرة، باستثناء المواد المدعّمة والمُقنَّنة بموجب قانون حرية الأسعار والمنافسة. وما يلزم به الباعة أساسا هو إشهار الأسعار". واعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن "الوزارة تحدث الضوضاء بهذه الحملات خلال رمضان، ما يبين أنها موسمية"، وطالب بأن تكون المراقبة دائمة وتشتغل طيلة السنة، متسائلا حول ما إن كان المغاربة يستهلكون في رمضان فقط. وعن جودة المنتج الغذائي المغربي، أوضح الخراطي: "لا توجد بالمغرب مصالح زجر الغش، لا في المنتجات الغذائية ولا الخدمات؛ فحتى عندما تجد منتجا فاسدا لا تعرف لمن ستشتكي. كما أصبح المستهلك يتعرض لأنواع من النهب من بعض الموردين"، وكشف كذلك أن مراقبة "الميزان" مسألة مهمة جدا، "لكن لا تتم مراقبته وأخذه بعين الاعتبار". وطالب المتحدث بتوفير الوسائل الضرورية للمصالح المعنية حتى تشتغل بشكل جيد؛ وذلك عن طريق توفير الموارد البشرية اللازمة وإشراك جمعيات حماية المستهلك التي تم إقصاؤها في بعض الأقاليم، داعيا في الوقت ذاته المواطنين المغاربة إلى المساعدة بدورهم في رصد الخروقات والتبليغ عنها على الرقم الأخضر 5757، للمساعدة في حماية صحتهم. "حملات موسمية وغير كافية" من جهته، اعتبر الكاتب العام لجمعية المستهلكين المتحدين، عبد الرحيم مديحي، أن "هذه الحملات غير كافية لقلة الموارد البشرية واللوجيستيكية المخصصة للجان المكلفة بالمراقبة، وأيضا تعدد المصالح المتخصصة"، وزاد: "نجد مجموعة من الأقسام في إدارات متعددة، ولا نعرف مع من سنتواصل". ووصف الرحيم مديحي هذه الحملات ب"الموسمية"، لكونها "نادرة جدا في الأشهر الأخرى، رغم العمل المضاعف الذي تقوم به خلال رمضان"، مشيرا إلى أن "مشكل المداومة حقيقي لأن الخروقات تتم خارج أوقات العمل وفي أيام السبت والآحاد"، وشدّد على ضرورة إشراك جمعيات المجتمع المدني المتخصصة في حماية المستهلك داخل هذه اللجان، لأن هذا إجراء قانوني يتم خرقه. وختم مديحي حديثه بالقول: "رغم ما جاء به القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك من نصوص لصالح المستهلك، إلا أنه يبقى حبرا على ورق". *صحافي متدرب