المخدرات هي كل المواد المستهلكة عبر الفم أو الأنف أو الحقن عبر البشرة أو الوريد، وتتسبب في اضطراب الدماغ والوعي والأحكام. كما يصدر عن استهلاكها مرض الإدمان، مع كل انعكاساته السلبية على الصحة والشغل والدراسة والنزاعات العائلية والاجتماعية. وللتذكير، يعتبر التبغ (السيجارة والتّْنْفِحة والشّْمَّة والشيشة) من المخدرات القوية. كما يصاب المدمن الصائم بغثة أثناء النهار بأعراض الفطام، والتي تكون في غالب الأحيان حادة وخطيرة وهي كذلك من أسباب الترمضينة. ولعل شهر الصيام هو فرصة ثمينة لوقف استهلاك المخدرات بصفة نهائية، وفي كل الأحوال يجب الاستعداد للفطام أسابيع قبل بداية الصوم. 1- الاستعداد الطبي للانقطاع عن المخدرات: يكون من الأجدر أن يزور المدمن الطبيب أسابيع قبل الصيام للفحص الطبي وللقيام بتحاليل دموية للتأكد من حالته الصحية، وخاصة حالة الكبد والكليتين. وبإمكان الطبيب أن يعرض على المدمن برنامجا علاجيا للفطام ووصفات طبية تساعده على الاستعداد للصوم، مع محاولة وقف استهلاك المخدرات بصفة نهائية. 2- الاستعداد النفسي للتأقلم مع الانقطاع عن المخدرات طيلة شهر الصيام أ- الوعي بما يحدث خلال الصيام ليكون المدمن على علم بأن الانقطاع عن المخدرات نهارا واستهلاكها بكثرة من الغروب إلى الفجر يزيد من حدة الإدمان ويعيش فطامه اليومي كعقوبة وإكراه؛ وهو ما يزيد في قلقه في انتظار ساعة إطلاق سراحه مع أذان المغرب. ولا ننسى أن القلق المزمن يكون سببا للتعرض لأمراض نفسية وكذلك عضوية. ب- إدراك المدمن بقدراته النائمة طيلة السنة إذا تأمل المدمن أسابيع قبل الصيام أنه بإمكانه عدم تناول المخدرات لمدة 16 ساعة، يعني 66% من الزمان اليومي، ويدرك أن له القدرة على الانقطاع. فهذا الإدراك يدفعه إلى التساؤل حول قدرته إتمام فطامه مدة ثلث الزمان المتبقي؟ ت- التركيز على الإيجابيات التي يتوفر عليها المدمن الصيام هو فترة تأمل واكتشاف الفرد داخل ذاته للإحساس والشعور بوجدانه وإدراك أسرار وجوده في الحياة، وهو كذلك مناسبة له لتعيين بعض الأهداف في الحياة. ويركز الفرد على ما سيجنيه أثناء الصيام بخصوص انقطاعه عن المخدرات والابتعاد عن التفكير في ساعات حرمانه من المنشطات؛ بل يكون التركيز إيجابيا إذا اعتمد المدمن على قدرته واستطاعته بفضل الصيام على التحكم في إدمانه مدة 16 ساعة، وهو الشيء الذي يستحيل له تحقيقه طيلة السنة. ج- التذكير بالتجارب الماضية والاستمتاع بحالة الانتصار على المدمن أن يتذكر بدون انقطاع، أسابيع قبل بداية الصوم، تجاربه الإيجابية أثناء صيامه في السنوات السابقة، مع التركيز على قدرته عن الانقطاع عن المخدرات، وأن يدرك أن سبق له أن انتصر عليها وتمكن من الصيام. ومن هنا، يركز على حلاوة ومتعة انتصاره مُمتنا للصيام الذي ساعده على هذا الانتصار. 3- الاستعداد النفسي للصوم طيلة الحياة عن المخدرات الصوم هو فترة تأمل ومراجعة للذات وتقييم ما حققه الفرد طيلة السنة. وحينما يركز المدمن في انتصاره على المخدرات أثناء صيامه خلال السنة الماضية، ويخطط أهدافا أخرى للسنة المقبلة مع بداية الصوم، ولربما يكون أحد الأهداف هو الانقطاع النهائي للمخدرات. كل التجارب الإيجابية السابقة لقدراته على التحكم في الذات بإمكانها أن تكون حافزا لتنمية أقوى لهذه القدرات، انطلاقا من بداية صيامه المقبل. 4- الوعي بأهمية تقوية القدرة الروحانية خلال الصوم بعد التأمل في الصيام، ليحاول المدمن إدراك الإيجابيات الروحانية والتي تُعد من القوى الجبارة التي بإمكانه الحصول عليها كوسيلة تساعده على الانقطاع عن المخدرات بصفة نهائية، وبالتالي ينتقل إلى مرحلة اكتشاف نوع آخر من المتعة (الروحانية). خلاصة، إذا أخذ المدمن وقتا كافيا للاستعداد الطبي والنفساني والروحاني للتأقلم مع الانقطاع عن المخدرات، أنا واثق بأن اكتشافه لقدراته الباهرة ستشجعه وتقوده حتما إلى الانقطاع النهائي لهذا الاستهلاك المضر. *خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي