وسط مواقف واضحة وثابتة من قبل السعودية والإمارات والبحرين عقب قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران، إثر الدعم الذي يقدمه حزب الله اللبناني الشيعي لجبهة البوليساريو الانفصالية، أثار الموقف الذي عبرت عنه دولة قطر تضامناً مع الرباط الكثير من الجدل، خصوصا أن "بيان الدوحة" تحاشى ذكر إيران في البيان، بالرغم من أنها الدولة موضوع الإدانة من لدن المملكة المغربية. وربط الكثير من المحللين والمتابعين لتطورات المنطقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين التضامن القطري الخجول مع المغرب وبين التحالف القائم بين الدوحة وطهران والعلاقات الغامضة التي تجمع هذا البلد مع جبهة البوليساريو، والتي طفت ملامحها على السطح عندما ظهر زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي يتنقل في إحدى رحلاته إلى دولة زامبيا عبر الخطوط القطرية، وهي الخطوة التي أغضبت مسؤولين مغاربة؛ لكنهم اختاروا الصمت تفادياً لتأزيم واقع عربي يوجد في حالة يرثى لها. قناة الجزيرة، الذراع الإعلامي لقطر، لعبت -حسب مراقبين- دوراً لافتاً في حشد تعاطف الرأي العام الدولي والمنظمات الحقوقية في محطات كثيرة؛ أبرزها بعد مرحلة محمد المراكشي، حيث خصصت برنامجاً سلط الضوء على الزعيم الجديد لجبهة البوليساريو، بطريقة منحازة تماماً، واصفة إياه ب"القائد السياسي الصحراوي"، بل حتى ضيفا برنامج حلقة "الواقع العربي" الموجودة على موقع الجزيرة، كانا منحازين إلى الطرح الانفصالي، بدون وجود رأي معارض لهذا التوجه. قبل ذلك، سبق للزعيم السابق محمد عبد العزيز أن وضع ثقته في قطر لتلعب دور الوساطة في تشجيع المفاوضات المباشرة بين الجبهة والمملكة المغربية، تحت إشراف المبعوث السابق كريستوفر روس، في رسالة تهنئة موجهة من تندوف إلى تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، بمناسبة توليه مقاليد السلطة. وأعرب عبد العزيز، في الرسالة المؤرخة بتاريخ 26 يونيو 2013، عن أمله بأن تتعزز وتتقوى العلاقات التي "ربطت البوليساريو بالشقيقة قطر إبان فترة الشيخ حمد مع تولي الشيخ تميم سدة الإمارة"، وأشاد الراحل بجهود قطر التي بذلتها خلال فترات مختلفة من أجل "التخفيف من معاناة الشعب الصحراوي"، بتعبير البرقية. في الصدد ذاته، قال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في مصر والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إن "السياسة القطرية المزدوجة سبب اتخاذ الدوحة خطوة التضامن مع المغرب الغامضة"، وأشار إلى أن "قطر تتبع أسلوب المراوغة السياسة والازدواج في التعامل، وهو أمر ليس غريبا بالنسبة إلى الدوحة ومتابعي دبلوماسيتها الخارجية". وتابع المتحدث، في تصريحات إعلامية لمواقع عربية، أن "قطر زايدت على الموقف الراهن، وحاولت تأكيد دعمها للمغرب، وفي الوقت نفسه تتحالف مع إيران؛ وهو ما لا يحمل جديدًا بالسياسة القطرية". من جهته، قال الصحافي السعودي منصور الخميس إن "قطر نفسها تدعم جبهة البوليساريو، استنادا إلى تغطية قناة الجزيرة التي تعتبر الناطق بلسان سياسات الدوحة وتوجهاتها في المنطقة". وكتب في تغريدة على حسابه في تويتر: "الدعم القطري لا يختلف عن الدعم الايراني لجبهة البوليساريو على الأقل من الجانب الإعلامي من خلال قناة "الجزيرة"، حيث أصبحت الأخيرة الناطق الرسمي لجبهة البوليساريو وصوتها للعالم؛ فمن خلال هذا الدعم تمكنت الجبهة من جمع المؤيدين لها وتفاقم الأزمة بين الحكومة المغربية والجبهة". وقبل أيام، اتهم الدكتور علي النعيمي، رئيس دائرة التعليم والمعرفة بأبو ظبي، دولة قطر باستهداف أمن واستقرار المغرب، عبر توفير الدعم لجبهة البوليساريو الانفصالية، من خلال قناة "الجزيرة"، الذراع الإعلامية لقطر. وكتب النعيمي، في تدوينة له بحسابه الشخصي في "تويتر"، أن "صناعة الفوضى ودعم كل من يزعزع استقرار الدول العربية هو نهج النظام القطري باستخدام مختلف الوسائل المتاحة، وبالذات الإعلام". وأكد رئيس دائرة التعليم والمعرفة بأبو ظبي اتهامه لقطر باستهداف أمن المغرب، عبر دعم جبهة البوليساريو الانفصالية، بقوله: "يأتي دعم الجزيرة للبوليساريو في إطار دعم النظام القطري لكل خائن لوطنه".