جميل أن يكون لدينا قطار فائق السرعة،يختزل بعض الدقائق من وقتنا عندما نريد أن ننتقل من الدارالبيضاء إلى طنجة رغم أنه ليس كل المغاربة يمرون من هذا الاتجاه..لكن وبما أن البعض منا سيوفر ساعة من وقته خاصة رجال الأعمال الذين لا يعملون شيئا..فلا يسعنا سوى أن نمتن للأمر.. لكن..هناك أمور أجمل من قطار فائق للسرعة.. أن تنتظر الأوتوبيس لدقائق بدل ساعة..وأن تجد مكانك داخله دون أن تبقى واقفا طول المسافة و دون أن تتعرض للنشل ..أن تركب في سيارة أجرة بيضاء دون أن تضطر لمزاحمة عجوز لا يستطيع ثني رجله..أن تتنقل في حافلة بين المدن دون أن تتوقف بك في غابة بسبب خلل في المحرك..أن تشتري سيارة تلبي بها رغبة عائلتك بالتنزه دون أن تضطر للغوص في القروض.. أن تتنقل بكل راحة وأمان..فذلك أحسن من قطار فائق للسرعة.. أن تذهب إلى المستشفى لكي تجد سببا للتعافي من المرض-بعد اقتناعك أصلا أن الله هو الشافي-..فتجد الطبيب حاضرا في الوقت دون تأخير..أن لا تضطر لدفع الرشوة كي يقوم ممرض ما بإيجاد مكان متقدم لك في الطابور الممتد أمامك من المرضى والعجائز..أن تجد الدواء الذي تريد بالثمن الذي يناسبك وليس الذي يناسب شركات الأدوية المحلية والعالمية..أن تذهب زوجتك للولادة في المستشفى فتضع مولودها بكل أمان وليس كتلك المرأة التي أتاها المخاض..فلما نقلوها إلى المستشفى الإقليمي بطاطا..لفظت أنفسها وتوفي جنينها بسبب الإهمال وعدم إيجاد حل لحالتها في أسرع وقت.. أن يتم إصلاح مؤسساتنا الصحية..فهذا أمر أفضل من قطار فائق للسرعة.. أن تذهب إلى المقاطعة قد إنجاز عقد الازدياد..فلا تضطر للانتظار لساعات من أجل وثيقة صغيرة لا تكلف من يشرف عليها أكثر من 5 دقائق..أن تنجز شهادة السكنى دون أن يطرح عليك عون السلطة عشرات الأسئلة كأنك قادم من تنظيم القاعدة قبل أن يقول لك بأن تعود غدا..أن تقضي أغراضك الإدارية دون أن يطلب منك مسؤول ما شهادة العزوبة وشهادة الإحتياج وشهادة الحياة وهلم جرا.. أن يتم تبسيط مساطرنا الإدارية..فذلك أمر أروع بكثير من قطار فائق للسرعة.. أن تدرس في جامعاتنا لمدة قصيرة الأمد فتجد نفسك قادرا على ولوج سوق الشغل..بدل أن تقضي سنوات طويلة تطارد شهادة ما تخول لك أن تشارك في اعتصامات المعطلين..أن تتخرج من المعهد أو الجامعة أو المدرسة العليا فتندمج في الشغل دون أن تضيع من حياتك مجددا بعض السنوات في البطالة..أن تتجدد مؤسساتنا التعليمية لكي تواكب ما يحدث في العالم بدل أن تجد نفسد قد درست لسنوات طويلة تاريخا مزيفا يساهم في زيادة تخلفنا بينما يدرس الآخرين علما يساهم في تقدمهم.. أن يتم إصلاح واقع تعليمنا..فذلك أمر مستعجل أكثر من قطار فائق للسرعة.. أن تستطيع إيجاد مسكن مستقل يسمح لك بلم شمل أسرتك بحيث تنتهي من سنوات السكن مع العائلة في غرفة متواضعة تتزاحم فيها مع زوجتك وأولادك..أن تنتهي من الكراء الذي يخترق جيبك المثقوب أصلا..أن تعثر على مسكن محترم ترتاح فيه بقية حياتك بدل أن تشتري شقة بعد سنوات طويلة من العمل قد تصل إلى 20 سنة..لتجد نفسك في النهاية لم تشتري سوى الإطار وعليك تغيير كل شيء بداية بمقابض الأبواب.. أن يتم حل مشكل السكن..فذلك أمر أنفع من قطار فائق للسرعة.. أن ترفع دعوة ضد شخص اغتصب حقوقك..فلا تضطر للسكن في المحاكم لأعوام في انتظار أن يتم حل قضيتك العادلة..أن ينصفك القضاء بدل أن يجعلك متهما بعد أن كنت صاحب حق بسبب أن المدعى عليه "عندو باه فالمعروف"..أن تحس بأنك تعيش في بلاد الحق والقانون التي تحمي حقوقك وليس بلاد قد تجعلك يوما مذنبا بسبب خطأ قضائي أو "تقويسة" من الأعلى.. أن يكون لدينا قضاء مستقل ونزيه..فذلك أمر أقوى من قطار فائق للسرعة.. أن نعيش بكرامة وبحرية..أن يتم القطع مع الفساد بكل أشكاله..أن يتم تحرير الإعلام ودعم استقلاليته..أن يحاكم كل من سرق درهما من أموال الشعب..أن تحس أن الوطن يحبك بقدر ما تحبه.. فهذا أمر أكثر إشراقا بكثير من قطار فائق للسرعة.. www.azzami.com https://www.facebook.com/ismailoazzam