بعدما اعتبر رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، أن الإصلاح الذي قام به خلال ولايته لصناديق التقاعد مكن البلاد من تجنب الكارثة، كشفت دراسة رسمية أن "هذا الإصلاح لن يمكن، رغم أهمية الإجراءات التي جاء بها، من تمويل العجز المتراكم خلال السنوات المقبلة". تقرير صادر عن هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، التابعة للحكومة، بين أن دراسة اكتوارية أنجزتها، بخصوص التوقعات الديمغرافية والمالية لأهم أنظمة التقاعد على مدى 50 سنة (2066)، أكدت أن "الصندوق المهني المغربي للتقاعد سيعرف تدهورا في بنيته الديمغرافية، إذ سينتقل معامله الديمغرافي من 2.8 مساهم لكل متقاعد سنة 2016 إلى أقل من مساهم واحد لكل متقاعد في 2066". وأبرزت نتائج الدراسة أن المعامل الديمغرافي سيواصل انخفاضه ليصل إلى 2.8 مساهم لكل متقاعد في أفق التوقعات؛ على أن يبلغ 4.4 سنة 2030 و3.8 سنة 2045. ويتوقع أن يستقر هذا المعامل سنة 2066 في 3.0 و2.0 و1.1 بالنسبة على التوالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ونظام المعاشات المدنية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (النظام العام). وشددت الدراسة الرسمية على أن تدهور البنية الديمغرافية لأنظمة التقاعد "سينعكس على توقعاتها المالية، حيث سيجعل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعرف عجزا تقنيا ابتداء من 2018 وعجزا إجماليا في 2027، وذلك بسبب نفاد احتياطاته سنة 2044". ودعت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي الحكومة إلى القيام بشكل مستعجل بإصلاح مقياسي لهذا النظام من أجل الحفاظ على التوازنات المالية على المدى البعيد، بالنظر إلى هذه الوضعية الهشة. وبالنسبة لنظام المعاشات المدنية الذي يسجل عجزا تقنيا منذ 2014، توقع التقرير أن يُواصل هذا العجز تفاقمه إلى أن يبلغ 36.4 مليارات درهم سنة 2045، ويُسجل بذلك تراجعا مستمرا حتى يصل إلى 10.9 مليارات درهم سنة 2066، وأشار إلى أن احتياطات النظام ستمكن من سد هذا العجز إلى غاية سنة 2027؛ أي إنه سيصل إلى الإفلاس التام بعد هذه السنوات. وفسرت الدراسة هذه التطورات المتوقعة في العجز التقني لهذا النظام أساساً ب"الإصلاح المقياسي الذي شُرع في تنفيذه سنة 2016، والذي مكن من إرساء تعريفة متوازنة بالنسبة لاكتساب الحقوق في المستقبل. غير أن هذا الإصلاح لن يمكن، رغم أهمية الإجراءات التي جاء بها، من تمويل العجز المتراكم بالحقوق المكتسبة في الماضي. ولن يمكن كذلك الانتقال إلى القطب العمومي في إصلاح النظام المقترح من سد العجز؛ لذا يجب إيجاد سبل تمويله في أقرب الآجال". وفي ما يتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الذي يعرف بدوره عجزا منذ عدة سنوات، كشفت الدراسة أنه سيسجل بدوره عجزاً إجمالياً سنة 2020، وسيمكن من سد هذا العجز بواسطة احتياطياته إلى حدود سنة 2038. يشار إلى أن المجلس الأعلى للحسابات سبق أن نبه الحكومة الماضية إلى الطريقة التي تمت بها معالجة صناديق التقاعد، إذ أكد إدريس جطو أن "الإصلاحات التي اعتمدت من طرف الحكومة تبقى غير كافية وإن كانت ضرورية"، منبها إلى أن الإصلاح "لا يشمل الجميع، بل الصندوق المغربي للتقاعد فقط". وتوقع المجلس ذاته أن إصلاحات بنكيران "لن تمكن سوى من تقليص العجز الحالي، لأن المساهمات لن تكفي لسداد التقاعد والعجز"، متوقعا أن "يظل العجز قائما، بل سيأخذ منحى تصاعديا، وسيتم استنزاف الاحتياطات منتصف 2027".