The role of school environment in reducing the phenomenon of -school violence أكدت نتائج دراسة علمية قام بها كل من الباحث دانيال ك كورير (Daniel K. Korir) وفليكس كيبكوكومبوا (Felix Kipkemboi) قسم علم النفس التربوي بجامعة موا (Moi University ) بمقاطعة فيهيجا بكينيا، تم نشرها بالمجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية (مجلد 4، عدد 5 (1) سنة 2014م، أكدت الدراسة وأظهرت أن البيئة المدرسية وتأثير الأقران لهما تأثير بالغ على الأداء الأكاديمي للطلاب. وتُعتبر نتائج هذه الدراسة في حقيقة الأمر مفيدة للمعلمين ومديري المدارس والآباء والأمهات للحصول على مزيد من التبصر في العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الأداء الأكاديمي للتلاميذ والطلاب. كما خلصت الدراسة أيضا إلى أن النجاح الأكاديمي للتلميذ أو الطالب مرتبط بشكل كبير بنوع المدرسة التي يلجها. وتشمل العوامل المؤثرة للمدرسة كلًا من هيكلها وشكلها الهندسي، ومنظرها الخارجي ومدخلها وفضاءها ومرافقها وحجراتها الدراسية وساحتها وملاعبها وقاعاتها الرياضية وحالة التدفئة أو التكييف وكذا أغراس ونباتات الحديقة والممرات والمناخ المدرسي العام. بناء الثقة من خلال الفضاء المدرسي: تُعتبر المدرسة البيئة المؤسسية التي تُحدد من خلالها معالم تجربة التعلم لدى الطالب، ولذلك فهي تواجه المزيد من المساءلة العامة حول الأداء الأكاديمي للطالب، إذ يُفترض أن تحافظ على مستوى انجاز عالي لجميع الطلاب كي تضمن سمعتها وبقائها وكذلك رضا المجتمع. وقد أجريت بحوث كثيرة حول العوامل المؤثرة في أداء التلميذ أو الطالب بما في ذلك مهارات التدريس والمناخ والفضاء المدرسي، والحالة الاجتماعية والاقتصادية لأسرة المتعلم، مثل ما ورد في أعمال هوي، كوتكامب، ورافيرتي،(2003). وقد أكد الباحثان أنه اعتمادا على تلك العوامل، يمكن للمدارس أن تفتح أبوابها أو تغلقها أمام الجمهور، لأن هذا الأخير لا يقتنع إلا بالأداء الأكاديمي الجيد. أما باري،(2005)، وكذلك كروسنو،(2004)، وآخرون، فيرون أن القطاع المدرسي (العام أو الخاص) يعتمد على مقومات أو مكونات المدرسة من حيث الإعتمادات المادية. وهكذا نرى مثلا أن المدارس الخاصة تميل إلى الحصول على تمويل أفضل رغم أن لديها في بعض الأحيان أحجاما أصغر من المدارس الحكومية مما قد يجعلها متميزة، وتنجح في جلب المزيد من الزبناء. كما أن التمويل الإضافي للمدارس الخاصة يؤدي إلى تحسين الأداء الأكاديمي لديها وزيادة فرص الحصول على الموارد مثل الحواسيب التي يرى إيمون،(2005) بأنها قد أثبتت أنها تعزز بالفعل التحصيل الأكاديمي، إلى جانب المعلم والخبرة اللذان يُعتبران مؤشرين آخرين على الأداء الأكاديمي الناجع للطلاب. فعلى سبيل المثال، هنالك دراسات أثبتت أن الطلاب الذين يلجون المدارس التي تتوفر على أعلى عدد من المعلمين الذين لديهم مؤهلات كاملة وعالية، يميلون إلى أداء أفضل والعكس بالعكس (بالي، وألفيرز،2003). ووفقاً لكروسنو وآخرون (2004)، فإن الفضاء المدرسي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعلاقات الشخصية بين الطلاب والمعلمين، ونحن نقول أيضاً أن بناء تلك العلاقة الطيبة من شأنه أن يحد من ظاهرة العنف في المدارس، والتي تعتبر ظاهرة دخيلة على كل المجتمعات وبدون استثناء. فالفضاء أو المناخ العام المدرسي هو في حقيقة الأمر الجو العام للمدرسة، وهو مؤشر السعادة أو الإحباط لدى رواد المدرسة وذويهم. وهكذا إذا فإن بناء الثقة بين التلاميذ أو الطلاب والمعلمين هو اللبنة الأولى للعملية التعليمية ومؤشر نتعرف من خلاله -وبكل سهولة- عما إذا كانت المدرسة تشجع العمل الجماعي بداخلها وتخطو نحو بناء الثقة بين المعلمين والتلاميذ والمجتمع أيضاً. المحيط الخارجي السيئ أحد أسباب تفشي ظاهرة العنف المدرسي: المدرسة ليست بمعزل عن باقي مكونات المجتمع، بل هي جزء لا يتجزأ من ذلك الفسيفساء الذي يميز شوارع أحيائنا عن غيرها. فبناية المدرسة لها مكانتها داخل نفوس أهل الحي وهي معلمة ومرجعية للمجتمع تهوي إليها أفئدة أبنائنا منذ نعومة أظافرهم وتربطها بآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم روابط وطيدة لأنها هي التي ترسم معالم توجهاتهم وتحدد مساراتهم المستقبلية. والمحيط الخارجي للمدرسة لا يضم فقط الشكل الهندسي الخارجي لها، ولا البوابة الكبيرة ذات السلاسل الضخمة والأقفال النحاسية الكبيرة والمخيفة، بل هو ذلك المحيط الذي يضم النباتات والأغراس والرصيف والشارع والفضاء الواسع أمام المدرسة وعلم بلادنا، والرسوم الجميلة على سور المدرسة، ويضم العنصر البشري (من المجتمع المدني) المتواجد أمام وعلى حافة أسوار المدرسة وقارعة الطريق أيضاً. فالمجتمع المدني بما في ذلك حتى الشق العسكري أو السلطات المحلية بزيها الرسمي تساهم في تشكيل المحيط الخارجي للمدرسة، كما أن جميع السلطات المحلية بما في ذلك الإدارة العمومية والسياسيون والمنتخبون ورجال ونساء الأمن الوطني والقوات المساعدة والدرك الملكي والوقاية المدنية وجمعيات المجتمع المدني هي جزء من ذلك المحيط، فإن تدخلت وساهمت بقوة في الحفاظ على سلامة ونظافة المحيط المدرسي من كل أنواع السلوك المشين والقضاء على ظاهرة بيع المخدرات والحبوب المهلوسة والسجائر، وساعدت في محو كل مظاهر العنف والجريمة والسرقة وكل أنواع الموبقات، وكذلك القضاء على ظاهرة التلفظ بالكلام الفاحش علانية والتحرش والسب والقدح وقلة الحياء، فإن هي تدخلت بجميع الوسائل والسبل المتاحة ولشكل علني، فلاشك أن ذلك من شأنه أن يبعث بالشعور بالارتياح والطمأنينة لدى كل شرائح المجتمع، ويرفع من جمالية ونقاء المحيط المدرسي. وفي حقيقة الأمر فإننا نلاحظ بأننا لازلنا متأخرين (مقارنة مع بلدان متقدمة أخرى) في إشراك تلك الشريحة من المجتمع (أي السلطات المحلية وجمعيات المجتمع المدني وغيرها) في العملية التربوية والتعليمية والسماح لها بالمساهمة بشكل فعال في الأنشطة التوعوية والتحسيسية وبشكل مباشر داخل وخارج المدارس واعتبار ذلك جزء من المقررات والبرامج المدرسية الإلزامية والخاضعة إلى المحاسبة، فلا شك أن ذلك سيحدث ارتياحا لدى التلاميذ وآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم ويرفع -وبدون شك- من مردوديتهم وتحصيلهم المعرفي. وإن حصل العكس، أي إذا كانت هنالك قطيعة بين تلك الدوائر والسلطات والمؤسسة التربوية والتعليمية، فإن ذلك سيؤدي بلا محالة إلى انتشار أوبئة المخدرات والعنف والجريمة وتفشي الغش والفساد وتلوث المحيط المدرسي، مما سيؤدي بدون شك إلى تقهقر المسيرة التربوية والتعليمية ويؤدي حتما لنتائج سيئة وعواقب وخيمة لا تنعكس على الطالب فقط، بل على المحيط الخارجي للمدرسة، أي المجتمع ككل وبجميع شرائحه. دور العلاقات الإنسانية في محيط المدرسة في الحد من ظاهرة العنف: لا شك أن العلاقات البشرية بصفة عامة تعتمد على آليات التواصل سواء عن طريق اللغة المنطوقة أو الكتابة أو لغة الجسد، كالابتسامة في وجه الغير. ولا شك أن التواصل الفعال والكلمة الطيبة بين الناس يغذيان العقل والروح أيضاً. والكلمة الطيبة تساهم في بناء التفاهم والتشاور والحوار البنّاء، وتساهم أيضاً في بناء العلاقات الأخوية المتبادلة التي تُضفي على المؤسسة التربوية أو التعليمية روح المحبة والإخاء والتعاون داخل وخارج أسوارها مصداقاً لقوله تعالى في سورة آل عمران: }ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك{، صدق الله العظيم. والفظ: الغليظ المراد به هاهنا غليظ الكلام لقوله بعد ذلك} غليظ القلب {أي لو كنت سيئ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن اللّه جمعهم عليك، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم، كما قال عبد اللّه بن عمرو: إني أرى صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الكتب المتقدمة (أنه ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) ولهذا قال تعالى: }فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر{. ومما لا شك فيه أيضاً أن تلك العلاقات الطيبة تلعب دوراً في تقريب إدارة المؤسسة من آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ وتعزز روابط المحبة والإخاء بينهم. وقد أظهرت البحوث التربوية في هذا المجال بأن محيط المدرسة وفضائها يلعبان دورا هاماً في الرفع من مردودية التلاميذ. يقول تالتون وسيمبسون (1987) "إن الفصول الدراسية هي الوحدة الهيكلية الأساسية لنظامنا التعليمي، وطبيعة الفصول الدراسية تتأثر بشكل واضح من خلال تصميم المدرسة والأهداف التي اعتُمدت على مستوى المدارس". وكما ورد في أحد المجلات العربية، فإن نجاح عمل المدرسة يتوقف على "مدى تفهم مديرها والعاملين معه والمجتمع المحيط بالمدرسة لبعضهم البعض وتوثيق العلاقات الودية فيما بينهم، وتماسكهم تماسك الصف الواحد، وبهذا يصبح الجو المدرسي جو تسوده العلاقات الإنسانية السليمة التي تعمل على تماسك الجماعة المدرسية، كما أن هذا التماسك يتيح للمدير أن يتعرف على معلمي المدرسة والعاملين معه ويتعرف على قدراتهم وميولهم واستعداداتهم وينعكس أثر ذلك على التلاميذ ويتعدى إلى بناء علاقات إنسانية جيدة مع أولياء أمور الطلاب والمتعاملين مع المدرسة". ما هو الفضاء والمحيط المدرسي المنشود؟: إن الفضاء الداخلي للمدرسة يشمل أكثر من جزء، إذ يضم حجرات الدراسة بكل مكوناتها، وممرات الفصول الدراسية والمختبرات والمكتبة والمسرح والساحة والملاعب والقاعات الرياضية (إن وجدت)، وقاعة الصلاة، وغيرها من المرافق. ولا ننسى بأن هنالك معايير ومقاييس عالمية ومحلية يجب اعتمادها، ومن أهمها تلك المتعلقة بمكونات وعناصر البناء والشكل الهندسي، وكذلك معايير السلامة (وهي الأهم إذ هي شرط أساسي قبل الترخيص للمؤسسة بمزاولة مهامها). ومن أهم متطلبات الحجرات الدراسية وجميع المرافق الأخرى ما يلي: - سلامة المبنى والسقف والنوافذ. - سهولة الولوج(Easy access)، مع مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة. - أن تكون مساحة حجرة الدرس كافية ومريحة تسهل فيها حركة التلاميذ، ويمكن تحريك الطاولات والكراسي فيها بسهولة وخاصة خلال الأنشطة الجماعية (Group activities). - أن تتوفر الحجرة على أدوات تدفئة أو تبريد حسب الظروف (Heating or air-conditioning) - أن تتوفر حجرة الدرس على أدوات تدريس حديثة(Modern teaching tools). - أن تُعطى الفرصة للتلاميذ بأن يقوموا هم أنفسهم بتزيين حجرتهم الدراسية حسب ذوقهم وإبداعاتهم. ومما لاشك فيه فإن العملية التربوية والتعليمية تعتمد في تحقيق أهدافها اعتماداً كبيراً على المعلم، باعتباره محور العملية التربوية، والركيزة الأساسية في النهوض بمستوى التعليم وتحسينه، وهو أيضاً العنصر الفعال الذي يتوقف عليه نجاح العملية التربوية والتعليمية في بلوغ غاياتها وتحقيق أهدافها ودورها في بناء أجيال مسلحة بالمعرفة الحقّة والتحصيل العلمي النافع كي يساهموا في بناء وتماسك المجتمع وتطويره. وحيث أن الأداء الجيد للمعلم يُعتبر مفتاح ذلك النجاح ومن أهم المتطلبات الأساسية التي تنشدها وزارة التربية والتعليم والمجتمع أيضاً وكذلك المؤسسات التعليمية على اختلاف مستوياتها، وشرط أساسي لكسب رضا آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ، فإن الاهتمام يجب أن يكون أولاً وقبل كل شيء بمكانة المعلم داخل المجتمع والحفاظ على كرامته وتوفير سبل الراحة له، ورفع مستوى أدائه من خلال منحه فرصة التدريب المصاحب وحضور ورشات العمل والمؤتمرات والتجمعات الفكرية الرامية إلى توسيع آفاق المعرفة وتحيين المعلومات المتعلقة بنظريات التدريس، وتوفير السبل المعينة التي تكفل نجاحه في عمله من أدوات تدريس وتقنيات حديثة ومكتبة وفضاء مدرسي جميل ومريح وجذاب، واعتبار ذلك أمراً بالغ الأهمية. وبما أن المعلم والتلاميذ يقضون وقتا كثيرا بداخل هذا الفضاء، فلا بد من مراعاة ما يلي عند تهيئ ذلك الفضاء: - دراسة موقع المدرسة بحيث يكون مناسبا لبيئة التعليم ويُراعى في ذلك الاختيار سياسة القرب (للتخفيف أو الحد من آفة الهدر المدرسي وخاصة في العالم القروي). - مراعاة الشكل الهندسي الرامي إلى الحفاظ على الطراز المغربي والتراث الهندسي الإسلامي الأصيل. - الابتعاد عن كل أساليب الغش والفساد أثناء جميع مراحل تشييد المدرسة. - إعداد قاعات مفروشة تتيح للتلاميذ الجلوس على شكل حلقات كما كان ذلك متعارف عليه في الحلقات الدراسية في المساجد والمدارس العتيقة، لكسر الروتين بين الفينة والأخرى لدى التلاميذ وإدخالهم في جو النقاش الجماعي وتشجيع النقد الفكري (Critical thinking) بكل حرية وفي جو فسيح بعيد عن صلابة الكراسي والطاولات المدرسية المعروفة. - تطبيق كل معايير السلامة ومتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة للحفاظ على سلامة وأرواح جميع منهم في المؤسسة. - إعداد ساحة فسيحة وبلاط يدعو إلى الراحة لكي يمرح الأطفال ويركضوا ويتزحلقوا بكل طلاقة وعفوية. - تجهيز قاعة الرياضة والملعب الرياضي بجميع ما يحتاجه التلاميذ والمدرسين، وحث التلاميذ على ترتيبها والحفاظ على نظافتها بشكل دوري. -إعداد مكاتب للمدرسين وقاعة للقاءاتهم التشاورية اليومية، بحيث تكون قاعة مريحة تساعد المعلم على نيل قسط من الراحة (مع توفير الشاي المغربي الأصيل). - تجهيز جميع حجرات التدريس بوسائل تقنية حديثة ومكتبة تحتوي على مراجع وقصص يمكن للطلاب إعارتها بدون تكاليف. - خلق فضاء داخلي تشوبه الرحمة والرأفة والمحبة والإخاء، وتقوم فيه الإدارة والوزارة المعنية بتحفيز وتكريم كل عضو هيئة تدريس جاد ومبدع وكل تلميذ متفوق أو مثالي. - خلق محيط خارجي نظيف لا يجوب رصيف طريقه مروجو المخدرات ولا الحبوب المهلوسة ولا السجائر، ولا المغرضون الذين يحرضون على الأخلاق الفاسدة والعادات السيئة، ولا أولئك الباعة المتجولون الذين يغرقون محيط المدارس ببضاعتهم ويعرقلون حركة السير. وختاماً نود أن نشكر كل من استجاب إلى مقالتنا السابقة حول جمالية الفضاء المدرسي وبادر إلى تزيين منظر المدرسة قدر المستطاع. ونقول لهم مرة أخرى شكراً لكم على وطنيتكم وغيرتكم على مؤسستكم وتلاميذكم وتلميذاتكم، ولا أقول لكم ختاماً إلا ما قاله لي صديقي إبراهيم بالأمس وهو يودعني على أمل اللقاء ثانية:"أكعاون ربي". والله ولي التوفيق،،، *خبير دولي في مجال التربية والتعليم، مستشار. [email protected]