أخنوش: نجاحات الحكومة تؤكد دقة اختياراتها وإجابتها عن أسئلة الظرفية الصعبة    قمة الجولة السابعة بين الجيش والرجاء تنتهي بالتعادل    مديرية الأمن الوطني تكشف عن مختلف الأرقام المتعلقة بالاختبارات الكتابية لولوج مختلف أسلاك الشرطة    تعادل الرجاء والجيش بالدوري الاحترافي        سلطات الجديدة، تسمح بحضور الجماهير في مباراة الدفاع الحسني الجديدي والمغرب التطواني    البطولة الوطنية.. التعادل السلبي يحسم موقعة "الكلاسيكو" بين الرجاء الرياضي والجيش الملكي    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على هاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله    حملة مقاطعة واسعة تعيد الشاب بلال إلى جادة الصواب    نصاب بهوية أمنية مزورة يسقط في أصفاد الشرطة القضائية    توقيف فرنسي من أصول غينية بالدار البيضاء مطلوب دولياً بتهمة الاتجار بالمخدرات    مجلس جماعة الدار البيضاء يصادق على مشروع الميزانية برسم سنة 2025    دولة الإكوادور تقرر تعليق اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية" الوهمية    رئيس الفيفا يشكر المغرب على استضافة النسخ الخمس المقبلة من كأس العالم للسيدات لأقل من 17 عاما    الداخلة: البحرية الملكية تعترض مركبا على متنه 38 مرشحا للهجرة غير النظامية    تعديل حكومي يتوقع أن يطيح بوزراء بارزين ويستقبل وجوها جديدة    من أوحى له بمقترح التقسيم؟    خلال 3 سنوات ونصف رفعت مديونية الخزينة من 885 إلى 1053 مليار دهم    ‬المؤتمر العالمي حول الذكاء الاصطناعي ودور المغرب في تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    توقعات احوال الطقس : انخفاض درجة الحرارة بمنطقة الريف    حادث يلقي بزوجة شيبو في الحراسة النظرية    "النقد" يتوقع نموا بنسبة 2.8 % بالمغرب        منتخب الشاطئية ينهزم أمام مصر (2-3)    لمجرد يروج لأغنيته الجديدة "صفقة"    المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب .. توقيع عقد لنقل الغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي    زيارة ماكرون للمغرب افتتاح لعصر جديد في العلاقات الجيوسياسية والاقتصادية بين البلدين    المستوطنون يقتحمون الأقصى في رابع أيام "ما يسمى عيد العرش"    النصر للشعب الفلسطيني وكل المدعمين له ..    إسرائيل مستمرة في "خطة الجنرالات" التهجيرية    زيارة وفد جائزة خليفة التربوية للمغرب    حكام الجزائر يتامى «الاستفتاء» يغمغمون    تقسيم دي‮‬ ميستورا‮ ‬وزوبعة‮ ‬صحراوية‮    وفاة الداعية فتح الله غولن "عدو أردوغان اللدود"    رحيمي الأعلى تنقيطا في قمة الهلال والعين        فيروس جدري القردة يثير القلق في ألمانيا بعد تسجيل إصابة جديدة    المحفظة العمومية تضم 271 مؤسسة ومقاولة عمومية    شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يشعر التعريبيون بالإهانة حين يُرفَض الحرف العربي؟
نشر في هسبريس يوم 24 - 02 - 2018

من بين سلوكيات التعريبيين والإسلاميين المغاربة في مواقفهم تجاه الأمازيغية نجد دائما تيمة واحدة شائعة لدى كثير منهم ألا وهي شعورهم العميق بالإهانة والمرارة عندما يرفض أنصار الأمازيغية الحرف العربي ويختارون الحرف اللاتيني أو حرف ثيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية.
فالتعريبي لا يكتفي بأن يكتب اللغة العربية بالحرف العربي وينشرها ويشتغل بها بل يريد أن يفرض الحرف العربي على اللغات الأخرى كالأمازيغية (وبحجج واهية تدور غالبا حول الإسلام ولغة القرآن).
في الأول كان التعريبيون ينكرون وجود الأمازيغية كلغة ويعارضون تدريسها وترسيمها أصلا لأنها "مجرد لهجة"، حتى أن بعضهم زعم بأن الأمازيغية مجرد "لهجة عربية". أما الآن فقد اعترفوا على مضض بأن الأمازيغية لغة حقيقية بعد أن اكتشف الناس وجود النقوش الأمازيغية القديمة والمخطوطات الأمازيغية القديمة ووجود قواميس أمازيغية يعود بعضها إلى قرون مضت. وانتقل التعريبيون إلى مرحلة محاولة تعريب الأمازيغية بالحرف العربي. ويعتبر التعريبيون أن من يرفض كتابة الأمازيغية بالحرف العربي ويرفض الخضوع للحرف العربي ويرفض مدحه وإطراءه ويعتبره حرفا غير نافع للأمازيغية حاليا ليس سوى "عنصري حاقد يهين العربية ويحاربها". ويشبه هذا التعريبي شخصا يعرض عليك بضاعته أو هديته فإذا رفضتها صرخ واتهمك بأنك "مستفز عنصري حاقد".
يعني: خُذْ هذه الهدية التي تكرمنا بها عليك. وإذا رفضتها فأنت مستفز عنصري حاقد!
وأميل إلى الظن بأن هوس التعريبيين بإقناع أهالي لغات العالم بتبني الحرف العربي وكيل الشتائم لهم إذا رفضوا الحرف العربي وانتقدوه هو سلوك نابع من عقدة نقص موجودة لدى هؤلاء التعريبيين ومن إحساسهم بنقص يرونه في العربية أو في الحرف العربي فيحاولون تغطيته أو تعويضه بنشر الحرف العربي وتلقيح لغات العالم به لإنجاز نوع من "الفتوحات" اللغوية والحرفية العربية الرمزية التي تحاكي "الفتوحات" الإسلامية الاستعمارية التوسعية المعروفة في التاريخ.
كما أن عقدة الدونية تجاه "الغرب الكافر" المخلوطة بالكراهية ضد هذا "الغرب الكافر" تظهر بسرعة لدى كثير من الإسلاميين والتعريبيين كلما تم ربط الحرف اللاتيني باللغة الأمازيغية.
فالواثق من روعة لغته العربية أو من روعة الحرف العربي لن يحتاج إلى توسل واستجداء أهالي اللغات الأخرى ليتبنوا ويمدحوا الحرف العربي مستنجدا في ذلك بالدين والدنيا والله والشيطان والقرآن والحديث، ولن يشتمهم أو يتهمهم بالعنصرية والحقد إذا رفضوا الحرف العربي وانتقدوه واختاروا حرفا آخر، وبالتأكيد لن يشعر بالإهانة والاحتقار إذا رُفِضَ حرفه العربي، بل ستكون له روح رياضية إذا رفض الناس بضاعته أو قد يستمر في النقاش معهم لمحاولة إقناعهم بالحجج العلمية والعقلانية إذا كان مصرا على رأيه (وهذا من حقه طبعا).
من يتوسل إلى أهل الأمازيغية ليتبنوا الحرف العربي ثم يشتمهم ويتهمهم بالعنصرية والحقد عندما يتيقن من أن مطلبه مرفوض ليس شخصا واثقا بالعربية والحرف العربي بل هو شخص مهزوز الثقة بهما وقد وصل إلى حافة اليأس فطفق يوزع اتهامات العنصرية والحقد على من رفضوا بضاعته العربية.
كما أن الحساسية المفرطة (المَرَضية) الموجودة لدى أنصار العربية والإسلام إزاء أي تعليق حول اللغة العربية أو حول الحرف العربي تشي بوجود عقدة نقص لدى الكثير منهم.
فالأوروبي والأمريكي لا يغضب ولا يشتم إذا سمع أحدا يقول بأن اللغة الإنجليزية أو الألمانية قبيحة أو ضعيفة أو فقيرة أو هجينة أو مملوءة بالكلمات الأجنبية بل سيجد ذلك على الأرجح تعليقا طريفا أو مثيرا للفضول. والأوروبيون والأمريكيون لا يتوسلون إلى العالم ليتبنى الحرف اللاتيني ولا يكترثون لمن يستخدمه أو لا يستخدمه، ولا يطالبون العالم باحترام حروفهم ولغاتهم، ولا يفقدون أعصابهم بسبب مقال أو فيلم أو كاريكاتور أو نكتة، ولا يتهمون من يسخر من الحروف اللاتينية واللغات الأوروبية أو يرفضها بأنه عنصري حاقد على أوروبا وأمريكا. فليست لديهم عقد نقص في هذا المجال. ولغاتهم وحروفهم تنتشر في العالم من تلقاء نفسها بفضل حرية مجتمعاتهم وجودة أغانيهم وأفلامهم وجاذبية نمط عيشهم ونجاح صناعتهم واستفحال بضاعتهم وكثرة كتبهم وعلمائهم واختراعاتهم.
أما كثير من المسلمين وخصوصا منهم كثير من العرب والأعاجم المستعربين الناطقين بالعربية بلهجاتها فستجدهم أكثر الأمم اضطرابا وتخبطا في موضوع اللغة والحرف. فهم يربطون اللغة العربية والحرف العربي بالإسلام والجنة والنار والكفر والإيمان والقرآن والجهاد والمقدسات ويجعلون من الموضوع حقل ألغام وساحة حرب. وأي تعليق خلا من عبارات المدح والتملق للعربية والحرف العربي وشابته رائحة انتقاد أو سخرية من العربية والحرف العربي سيجعلهم يعلنون النفير العام ل"صون المقدسات" (وقد أدخلوا فيها العربية والحرف) ضد "المتطاولين العنصريين الحاقدين على العربية والإسلام".
وتستحوذ على كثير من العرب والمستعربين والمسلمين نزعة توسعية إمبريالية جامحة هدفها تعريب وأسلمة العالم ونشر العربية والحرف العربي للانتقام من التفوق الأوروبي النصراني العلماني عليهم ولاسترجاع عهود المجد الإمبراطوري الإسلامي العربي الوهمي. وضمن هذا تدخل رغبتهم في غزو اللغات الأخرى كالأمازيغية وجعلها تكتب بالحرف العربي لتدخل تحت سيادة العروبة والإسلام.
1) اللغة العربية والحرف العربي صنمان مقدسان جديدان لدى التعريبيين والإسلاميين:
من الغريب حقا أن يطالب التعريبيون والإسلاميون الناس ب"احترام العربية" رغم أن العربية مجرد لغة وكلام وكتابة. لاحظوا جيدا أن "الاحترام" جاء من "التحريم" و"الحرمة" وهو مرتبط بالتقديس.
فالأجدر بالاحترام هي حياة الإنسان وحرية الإنسان (وربما أيضا حياة الحيوان وحرية الحيوان). وما عدا ذلك (من لغات وحروف وأديان وعقائد وأيديولوجيات وآراء وأفكار) لا يستحق أي احترام ولا تبجيل ولا تقديس. وطبعا يحق لأي شخص أن يقدس مع نفسه ما يشاء من آلهة وأصنام ولغات وأشياء وأن يروجها في المجتمع، ولكن لا يحق له أن يفرض تقديس مقدساته الشخصية على الآخرين. فالآخرون في حِلٍّ من مقدساتك وهم غير ملزمين بها إطلاقا ويحق لهم أن يسخروا من كل مقدساتك.
فالأفكار والعقائد واللغات والآلهة والأصنام المقدسة لديك قد تكون سخيفة وبلا قيمة لدى الآخرين. والشيء الوحيد المشترك بينك وبين الآخرين هو احترام (أو تقديس) حياة الإنسان وحرية الإنسان.
وحرية التعبير تسمح للجميع بمعرفة آراء الجميع. وحينئذ يمكن لكل فرد أن يعتنق من الأفكار والقناعات والعقائد ما يعجبه ويرتاح إليه.
والذين يشعرون بالضعف الذاتي أو بالهشاشة الذاتية لا يطيقون حرية التعبير ويرون في كل شيء استفزازا لهم وتهجما عليهم وحقدا وعنصرية ومؤامرة، ويريدون تقييد أفكار الآخرين ومنعهم من التحليل والانتقاد والسخرية فيطالبونهم باحترام لائحة طويلة عريضة من الآلهة والأنبياء والملوك والرؤساء والزعماء والعقائد والأديان والمذاهب والهويات والأيديولوجيات والأصنام المادية والمعنوية.
وآخر إضافة إلى هذه اللائحة المضحكة من الأصنام والمقدسات الممنوع انتقادها هي: الحرف العربي واللغة العربية. وهكذا أصبحت اللغة العربية والحرف العربي صنمين إضافيين أضافهما بعض التعريبيين والإسلاميين إلى لائحة أصنامهم المقدسة التي تتضخم وتتسع باستمرار.
وهذا الكلام ينطبق على مقال عجيب كتبه السيد عبد العزيز المحمدي عنوانه "دافعوا عن الأمازيغية .. لكن احترموا لغتنا العربية" (https://www.hespress.com/writers/381539.html) وشحنه بكومة من الشتائم غير المباشرة ضدي وضد المدافعين عن الأمازيغية، وملأه بحزمة من الحجج المُهَلْهَلَة ورزمة من الردود المُخَلْخَلَة مخلوطة بالتشنجات المكهربة التي يظن أنه بها يدافع عن عربيته المقدسة.
وبدأ السيد عبد العزيز المحمدي مقاله بشتائم ينعت فيها ضمنيا المدافعين عن الأمازيغية بالأقزام ويشبّههم من وراء بيت شعري بالكلاب. وأنهى مقاله ببيت شعري عربي أحمق يفتخر فيه بجهله مشيرا إلى أنه سيتفوق بجهله على كل جهلة العالم. ذلك هو التفوق وإلا فلا!
وامتلأ مقال السيد عبد العزيز المحمدي بأغلاط ومغالطات معرفية سأحاول الرد على بعضها.
2) ما هو الفرق بين "الكتابة الأبجدية" و"الكتابة الألفبائية"؟
للقراء الذين لا يعرفون الفرق بينهما فإن:
- "الكتابة الأبجدية" abjad هي طريقة كتابة قزمية مختصرة لا تكتب الصوائت (vowels) أو تكتبها منقوصة وتقتصر غالبا على كتابة الصوامت (consonants). وغالبا ما تكون الكلمات المكتوبة بالطريقة الأبجدية صغيرة الحجم (قزمية) ومختصرة وغامضة النطق كثيرا ما يحتاج المرء معها إلى التمعن والتدبر والتأمل وإعادة القراءة والحدس والرهان والمقامرة أو إلى دراسة سياقها قبل أن يعرف نطقها التقريبي أو الصحيح وأحيانا لا يسعفه حتى السياق في ذلك. والكتابة الأبجدية القزمية شائعة في اللغات السامية كالعربية والعبرية والسريانية/الآرامية بكل حروفها المختلفة وكانت أيضا شائعة في كتابة القبطية القديمة والأمازيغية القديمة. فمثلا الكلمة العربية "سلم slm" مكتوبة بطريقة أبجدية قزمية صامتة غامضة خالية تماما من الصوائت. ويمكن اعتبارها كتابة كسولة لأنها خالية من التوضيح.
- "الكتابة الألفبائية" alphabetic هي طريقة كتابة كاملة تكتب الصوائت (vowels) والصوامت (consonants) معا وتعاملهما بنفس الأهمية. والكلمة المكتوبة بالطريقة الألفبائية يمكن للقارئ أن يقرأها فورا بمفردها دون أن يضيع وقته في تحليل سياقها والكلمات المحيطة بها أو في التردد حول كيفيات نطقها، فكل الصوائت والصوامت مكتوبة أمامه. والطريقة الألفبائية شائعة في كتابة كل اللغات الأوروبية. وأول ألفبائية alphabet ظهرت في التاريخ بالمعنى الكامل للألفبائية هي الألفبائية الإغريقية اليونانية التي جاءت منها الألفبائية اللاتينية. فمثلا الكلمات العربية sélm وsollam وsélmon وsollamon وsaléma وsallama وsolléma وsalmon وsollamé وsallém كلها مكتوبة بالطريقة الألفبائية ويستطيع القارئ قراءتها فورا بدون أية صعوبة ولا غموض، وهذا طبعا عكس حالة الكلمة "سلم slm" القزمية الصامتة الغامضة.
الكتابة الأبجدية القزمية الغامضة لا تعاني منها العربية لوحدها بل إنها مستعملة أيضا من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإيركام) الذي يتبنّاها جزئيا بحرف ثيفيناغ. فهو يكتب مثلا الكلمة الأمازيغية ⴽⵛⵎ [كشم kcm] بشكل أبجدي قزمي صامت أصمّ يخلو من الصوائت تماما. بينما الطريقة الألفبائية لكتابة هذه الكلمة الأمازيغية هي ⴽⵛⴻⵎ أي kcem لأن القارئ سيعرف بالضبط كيف ينطقها. ومعنى الكلمة هو "اُدْخُلْ!". وفي مثال آخر يكتب المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الكلمة ⴽⵛⵎⵏⵜ [كشمنت kcmnt] بالطريقة الأبجدية القزمية الصامتة بدل الطريقة الألفبائية الأوضح والأفضل والأسهل نطقا: ⴽⴻⵛⵎⴻⵏⵜ أي kecment ومعناها "دَخَلْنَ".
فالطريقة الألفبائية أحسن وأنفع لأنها تسمح للقارئ بالتعرف على المقاطع الصوتية للكلمة فيسهل عليه نطقها. فمثلا الكلمة الأمازيغية kecment تتكون من مقطعين صوتيين وهما: kec-ment.
والمَقْطَع الصوتي لا بد له من أن يشتمل على صوت، أي: صائت (vowel)، وإلا فليس بمقطع صوتي.
3) العوام والأميون لا يفرقون بين مفهوم اللغة ومفهوم الحرف ويظنونه شيئا واحدا:
في مقاله المذكور يتصرف السيد عبد العزيز المحمدي كشخص أميّ (رغم أنه ليس أميا طبعا) حين يخلط بين الحرف واللغة. فهو يخلط بين انتقادي لمشاكل الحرف العربي في مجال كتابة الأمازيغية من جهة واللغة العربية التي لم أتهجم عليها إطلاقا من جهة أخرى.
ولا أدري ما إذا كان هذا الخلط من طرفه مغالطة متعمدة لإظهاري بمظهر العنصري الحاقد على اللغة العربية أم أن السيد عبد العزيز المحمدي يعاني فعلا من قصور في الفهم والتحليل فلا يميز بدقة بين الحرف العربي واللغة العربية ولا بين الحرف اللاتيني واللغات المختلفة المكتوبة به.
المهم، بسبب هذا الخلط قام السيد عبد العزيز المحمدي بعملية copy-paste أي "نسخ ولصق" لكل تحليلاتي المنتقدة لمشاكل استعمال الحرف العربي في كتابة الأمازيغية والعربية وقدمها للقراء على أنها انتقاد بل كراهية من طرفي للغة للعربية. ولا أدري هل أسمي هذا استغباء أم تحايلا أم تغليطا أم جهلا.
إذن، السيد عبد العزيز المحمدي لا يميز (عمدا أو سهوا أو جهلا) بين مفهومي "الحرف العربي" و"اللغة العربية" ويفترض في القراء نفس الجهل أو السهو فيقدم لهم تقريرا مغلوطا عن مقالاتي في الموضوع محاولا تصويري على أنني أحتقر وأعادي اللغة العربية، بينما مقالاتي تنحصر في موضوع مشاكل الحرف العربي التي يسببها للأمازيغية (وللعربية، كمثال إضافي). ويدور مقالي الذي استفز السي المحمدي حول اقتراحي تدريس وترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني، حيث بينت للقراء مشاكل استعمال الحرف العربي وأن الحرف اللاتيني أفضل حرف لكتابة الأمازيغية بشكل دقيق. ولم أقم مطلقا بالتهجم على اللغة العربية ولا بازدرائها عكس ما يزعمه السيد عبد العزيز المحمدي.
ثم بعد هذا البناء الفاسد ينتقل السيد عبد العزيز المحمدي إلى الكاسيطة المعروفة فيقول ما مفاده: "إذا كنتم تكرهون العربية وتعتبرونها لغة المقابر فلماذا تكتبون بها ولا تكتبون بأمازيغيتكم بأي حرف؟!"
وأقول له: منطلقاتك فاسدة وخاطئة ونتيجتها فاسدة وخاطئة. أنا لا أكره العربية الفصحى فهي مجرد لغة مكتوبة عادية. وقد قلت مرارا وتكرارا في مقالاتي أن "العربية لغة عادية لا عيب فيها ولا غبار عليها" ولكنك تقرأ ولا تفهم آ السي المحمدي. وأنا أكتب باللغة العربية في المنابر التي تنشر بالعربية. وأكتب باللغة الأمازيغية في المنابر الأمازيغية على قلتها وانعدام البترودولار وانعدام الميزانيات الحكومية لتمويلها. وأدعوك لقراءة ترجمتي الأمازيغية الكاملة بالحرف اللاتيني للدستور المغربي هنا:
www.freemorocco.com/tamendawt.pdf
أما مشاكل الحرف العربي (وليس اللغة العربية) من تنقيط وهمزات وعلامات تشكيل كثيرة مجهرية (الضمة، الشدة، التنوين، ...) غير عملية وعادات كتابة أبجدية قزمية غامضة فهي حقائق واضحة يتفق حولها الجميع ولا داعي لمصارعة طواحين الهواء حولها. وإذا أراد أهل العربية أن يحتفظوا بالحرف العربي كما هو وبالنظام الإملائي العربي كما هو فهذا من حقهم، وهنيئا لهم.
ولكن الحق يجب أن يقال على أساس حرية التعبير اللامحدودة حتى لو تسبب هذا للتعريبيين والإسلاميين في انهيارات عصبية وإحساسات بالاستفزاز والإهانة تجعلهم يدخلون في نوبات من الشتائم ضد "حاقدين" خياليين على اللغة العربية.
4) تقوقع الأميين وضعاف التعليم في قوقعة أن "الحرف اللاتيني حرف فرنسي":
يظن الأميون وضعاف التعليم أن الحرف اللاتيني حرف فرنسي.
بينما الحقيقة هي أن الحرف اللاتيني أقدم من اللغة الفرنسية نفسها. والفرنسيون استوردوا الحرف اللاتيني من إيطاليا بلده الأصلي.
ويتصرف السيد عبد العزيز المحمدي مثل الأميين وضعاف التعليم عندما يقول: "... الحروف الناقصة في الخط اللاتيني وتحضر في الأمازيغية والعربية معا، وعددها أكثر من أن ينسى كالصاد والضاد والظاء والغين والعين والهاء والحاء والخاء والذال والقاف والتاء والثاء... فكل الكلمات الأمازيغية التي تحتوي على هذه الحروف سيشوهها الخط اللاتيني ويضيع معناها."
مثل كثير من المغاربة الذين لا يعرفون الحرف اللاتيني إلا عبر نافذة الفرنسية فإن السيد عبد العزيز المحمدي سجين للغة الفرنسية ولا يستطيع تصور الحرف اللاتيني نطقيا وكتابيا إلا داخل القوقعة الفرنسية الضيقة أو داخل بعض القوقعات الأوروبية الأخرى.
فالسيد عبد العزيز المحمدي يزعم بأن الحروف "ص، ض، ظ، غ، ع، ه، ح، خ، ذ، ق، ت، ث" منعدمة في الحرف اللاتيني لأنه يفكر في الفرنسية فقط ولا يستطيع التفكير في الحرف اللاتيني خارج صندوق الفرنسية.
أما اللغة الأمازيغية فلديها نظامها الكتابي بالحرف اللاتيني في مئات القواميس الأمازيغية والدراسات اللسانية الأمازيغية والإنتاجات الأدبية الأمازيغية. ولكن السيد عبد العزيز المحمدي إما يجهل ذلك أو يتجاهله.
فالحرف اللاتيني Ḍ ḍ (ض) هو حرف لاتيني رغما عن الفرنسية ورغم غيابه في الفرنسية. إذا لم يخرج السيد عبد العزيز المحمدي من قوقعته الفرنسية فلن يفهم ما أتحدث عنه.
وها هي المقابلات اللاتينية (المستخدمة في كتابة الأمازيغية من طرف اللسانيين والمؤلفين) للحروف العربية التي يتخيل السيد عبد العزيز المحمدي أنها غائبة عن الحرف اللاتيني:
- ص = Ṣ ṣ
- ض = Ḍ ḍ
- ظ = يجمعه لسانيو الأمازيغية مع ḍ (وفي لغات أخرى هناك: ḋ وغيره).
- غ = Ɣ ɣ
- ع = Ɛ ɛ (صوت غير أصلي في الأمازيغية جاء من العبرية والعربية).
- ه = H h (المتقوقعون في الفرنسية يتوهمون أن "ه" منعدم في الحرف اللاتيني).
- ح = Ḥ ḥ (صوت غير أصلي في الأمازيغية جاء من العبرية والعربية).
- خ = X x
- ذ = يجمعه لسانيو الأمازيغية مع d (د). وفي لغات أخرى: đ أو ḏ أو ð.
- ق = Q q
- ت = T t (المتقوقعون في الفرنسية يتخيلون أن t هو "ط").
- ث = يجمعه لسانيو الأمازيغية مع t (ت). وفي لغات أخرى: ṯ.
5) محاولة فاشلة لمحاكاة مثالي حول كلمة Tiṭṭawin الأمازيغية:
من بين حججي الكثيرة التي بينت فيها بالتفصيل بأن الحرف اللاتيني يكتب اللغة الأمازيغية أفضل بكثير من الحرف العربي حاول السيد عبد العزيز المحمدي الرد على مثال واحد كنت قد أوردته حول كلمة Tiṭṭawin الأمازيغية (معناها: العيون) التي يكتبها الحرف العربي (بسبب مشاكل الكتابة الأبجدية وفوضى الألف والواو والياء وحركات التشكيل) ب16 طريقة مختلفة ومتضاربة كلها مقبولة في عرف مستخدمي الحرف العربي وهي:
تِيطّاوِين، تِطّاوِين، تِطّاوِن، تِطَّوِن، تِيطَّوِين، تِطَّوِين، تِيطَّوِن، تِيطّاوِن.
تيطاوين، تطاوين، تطاون، تطون، تيطوين، تطوين، تيطون، تيطاون.
وكمثال من اللغة العربية نفسها نجد مثلا هذه الطرق المتضاربة في الكتابة والنطق في الأدبيات العربية:
- أمريكا - أميركا - أميريكا - أمريكة.
- سوريا - سورية.
- فِلَسطين - فَلِسطين - فَلَسطين - فِلِسطين.
- الرَّباط - الرِّباط.
- أبو رقراق - أبو ركراك - بو ركراك - بو رقراق - بو رگراگ.
- أكادير - أغادير - أجادير - أگادير - أقادير - أڨادير.
- الإنجليزية - الإنكليزية - الإنقليزية - الإنڨليزية.
السيد عبد العزيز المحمدي لا يستوعب طريقة الكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني وحاول محاكاة المثال الذي قدمته حول كلمة Tiṭṭawin الأمازيغية فقام بإقحام الإملائية الفرنسية l'orthographe française في الموضوع رغم أن الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني لا علاقة لها بالإملائية الفرنسية من قريب ولا من بعيد.
وقال السيد عبد العزيز المحمدي في مقاله ما يلي: "... وإذا أردت استعمال نفس المنطق الفرجوي الاستعراضي الذي يستعمله صاحبنا لتشويه استثمار الحرف العربي في الأمازيغية ، يمكن أن أكتب كلمة تيطاوين الأمازيغية التي كتبها بصيغ مختلفة بالخط العربي ، بصيغ مختلفة أيضا بالخط اللاتيني ومنها titawin-tetawin-tittawin-tettawin-titaouin-tettaouin- tyttawin-tytawin-tyttawin-tyttaouin. ويمكن أن أضاعف هذه الصيغ العشرة بأربع مرات من خلال تغيير شكل الحرف اللاتيني ، وبهذا تكتب كلمة تيطاوين بأربعين صيغة في اللاتينية ، "ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا" كما قال شاعر العرب عمرو بن كلثوم."
وردي عليه هو كالتالي:
- المثال titawin (تيتاوين، تتون، تتوين، تيتاون، تتون...) هي كلمة لا وجود لها في الأمازيغية على حد علمي، واخترعها السيد عبد العزيز المحمدي من عنده.
- المثال tetawin (تتاوين، تتون، تتاون، تتون) أيضا كلمة لا وجود لها في الأمازيغية وهي من خيال السيد المحمدي.
- المثال tittawin (تِيتّاوِين، تِتّاوِين، تِتّاوِن، تِتَّوِن، تِيتَّوِين، تِتَّوِين، تِيتَّوِن، تِيتَّاوِن، تيتاوين، تتاوين، تتاون، تتون، تيتوين، تتوين، تيتون، تيتاون) أيضا كلمة خيالية لا وجود لها في الأمازيغية على حد علمي وهي من بنات أفكار السي المحمدي.
- المثال tettawin (تتاوين، تتّاوين، تتاون، تتون، تتَّوِن...) أيضا كلمة أسطورية لا وجود لها في الأمازيغية، ويملك السي المحمدي وحده براءة اختراعها.
- المثال titaouin (تيتاوين، تِتَوِن...). هذه الطريقة في الكتابة تجسد محاولة لإلصاق طريقة الكتابة الفرنسية بالأمازيغية فضلا عن أنها كلمة خيالية لا وجود لها في الأمازيغية. اللغة الأمازيغية لا يوجد فيها المقطع oui ولا المقطع oua وإنما يوجد فيها المقطع wi والمقطع wa. أساليب الإملائية الفرنسية l'orthographe française لا معنى لها في الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني. السيد المحمدي يحاول إسقاط الإملائية الفرنسية على الإملائية الأمازيغية.
- المثال tettaouin (تتّاوين، تتون، تتاون...). نفس الملاحظة السابقة. أساليب الكتابة الفرنسية لا محل لها من الإعراب في اللغة الأمازيغية. والكلمة لا وجود لها في الأمازيغية.
- الأمثلة tyttawin وtytawin وtyttaouin وtytaouin (تتون، تيتاون...) أيضا محاولات لإلصاق طريقة الكتابة الفرنسية بالأمازيغية. حرف y اللاتيني يستخدم في الأمازيغية بشكل مختلف تماما عن استخدامه في الفرنسية. قواعد الإملائية الفرنسية لا معنى لها في الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني.
الخطأ الفادح الأول الذي سقط فيه السيد عبد العزيز المحمدي في هذه الأمثلة الخاطئة الفاشلة التي قدمها هو أنه استخدم أساليب الإملائية الفرنسية (oui، y) كحجة ضد الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني بينما الإملائية الفرنسية هي حجة ضد الفرنسية فقط ولا تهم الأمازيغية من قريب ولا من بعيد.
أما الخطأ الفادح الثاني الذي سقط فيه السيد عبد العزيز المحمدي فهو أنه فشل في التعبير عن صوت ṭ (ط) الأمازيغي واختلط عليه الأمر بين t (ت) وṭ (ط) فظنهما حرفا لاتينيا واحدا.
وأما الخطأ الفادح الثالث الذي سقط فيه السي المحمدي فهو أنه قدم للقراء كلمات خيالية مختلفة النطق تماما عن نطق Tiṭṭawin ولا وجود لها في اللغة الأمازيغية زاعما بأنها تنويعات إملائية لكلمة Tiṭṭawin. وهذا قد يدل على جهله باللغة الأمازيغية أو عدم قدرته على كتابتها بالحرف اللاتيني كتابة سليمة متوافقة مع الطريقة الألفبائية الأكاديمية الموجودة في القواميس الأمازيغية المغربية والجزائرية والأوروبية. وكلمة Tiṭṭawin الأمازيغية التي حاول السيد المحمدي محاكاتها والتلاعب بها لا تكتب إلا بهذه الطريقة: Tiṭṭawin. فهي الطريقة الوحيدة الصحيحة. وإذا كتبناها بطريقة أخرى بالحرف اللاتيني فسنكون قد غيرنا النطق وكتبنا كلمة مختلفة أو اخترعنا كلمة خيالية جديدة. وهذا يخالف العادة السائدة في الحرف العربي الأبجدي الذي يسمح غموضه بكتابة الكلمات بأكثر من طريقة لأن الكاتب بالحرف العربي يتوقع من القارئ أن يضيف من عنده ما لذ وطاب من علامات التشكيل.
الخصائص الإملائية الفرنسية لا معنى لها في الأمازيغية ولا محل لها من الإعراب في الأمازيغية ولكن السيد عبد العزيز المحمدي يقحم طريقة الكتابة الفرنسية في الموضوع لأنه لم يخرج من قوقعة الفرنسية ولا يستطيع تخيل الحرف اللاتيني خارج مظلة اللغة الفرنسية.
وهذه الذهنية المتقوقعة داخل الفرنسية هي التي جعلته يزعم بأن حرف الهاء (ه) منعدم في الحرف اللاتيني حيث انطلق من حقيقة أن الفرنسيين لا ينطقون حرف H h بينما هذا تفصيل فرنسي تافه لا يهمنا ولا قيمة له في مسألة الأمازيغية. فالأمازيغية ليست مرهونة أبدا بكيفية نطق الفرنسيين للحروف اللاتينية وإنما الأمازيغية تستخدم الحروف اللاتينية العالمية كما تريد هي، أي بشكل مستقل تماما عن اللغة الفرنسية وحساسيات الفرنسية ومشاكل الفرنسية، وبحروف لاتينية إضافية لا يعرفها حتى الفرنسيون. هذا فضلا عن استخدام الأمازيغية لبعض الحروف اللاتينية بشكل يخالف النطق الفرنسي.
فالحرف اللاتيني C ينطق في الأمازيغية دائما (ش)، بينما ينطقه الفرنسيون (س) حينا و(ك) حينا آخر، وينطقه الإيطاليون (تش) حينا و(ك) حينا آخر، وينطقه الأتراك (دج) كما في الاسم التركي Recep Tayyip Erdoğan "ردجپ طيپ اردوغان". وحرف C منطوق في لغة الصومال عينا (ع).
والحرف اللاتيني X ينطق في الأمازيغية دائما (خ)، بينما ينطقه الفرنسيون (كس / گز / س / ز). والحرف X منعدم في اللغة التركية المكتوبة بالحرف اللاتيني، أما في اللغة الكردية فينطق (خ).
والحرف اللاتيني G منطوق في الأمازيغية دائما (گ)، بينما في الفرنسية ينطق (ج) حينا و(گ) حينا آخر، وفي الهولندية ينطق (خ)، وفي اللغتين التركية والكردية ينطق دائما (گ).
أما الحروف ČḌƐǦƔḤŘṚṢṬẒ فهي حروف لاتينية خاصة بالأمازيغية ولا نجدها في الفرنسية ولا في الإيطالية ولا في الإسبانية ولا في الألمانية ولا في الهولندية ولا في الإنجليزية.
إذن الأمازيغية تستخدم الحرف اللاتيني بطريقتها الخاصة بصرف النظر عن اللغات الأخرى.
6) تبرير ضعيف لكتابة الأمازيغية بالحرف العربي:
يقول السيد عبد العزيز المحمدي في مقاله: "... مع العلم أن عددا لا يستهان به من الكلمات العربية دخلت المعجم الأمازيغي مما يرجح كتابة الأمازيغية بالخط العربي".
إذن بهذا المنطق يجب ترجيح كتابة اللغة العربية بالحرف العبري أو بالحرف السرياني لأنه قد دخلت إلى العربية العديد من الكلمات السريانية والآرامية والعبرية مثل: "رحمان"، "تلميذ"، "شيطان"، "ترجمة"، "بهيمة"، "كنيسة"، "جهنم"، "ملكوت"، "كاهن"، "ملاك"، "سورة"، "فرقان"، "طاغوت". ولربما تجب كتابة العربية بالحروف اللاتينية لأن كلمات لاتينية أوروبية عديدة دخلت إلى العربية مباشرة أو عبر السريانية مثل: "بركان" (vulcanus) و"قصر" (castrum) و"دينار" (denarius) و"قنطار" (centenarium) و"قميص" (camisia) و"بلاط" (palatium) و"صراط" (strata) و"قسطاس" (constans).
ونجد كلمات أمازيغية عديدة من أصل لاتيني قديم مثل كلمة taɣawsa (المسألة) (من اللاتينية: causa)، وكلمة adaymun (الشيطان) (من اللاتينية: daemon)، وكلمة aneglus (الملاك) (من اللاتينية: angelus)، وكلمة aɣasru (المدينة، القلعة) (من اللاتينية: castrum)، وكلمة tafaska (العيد الديني) (من اللاتينية: pascha). فهل سيلتزم السيد عبد العزيز المحمدي بمنطقه فيقبل بكتابة وتدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني ما دامت هناك كلمات ذات أصل لاتيني في الأمازيغية وخصوصا أن الاحتكاك بين الأمازيغية واللاتينية أقدم بكثير من الاحتكاك بين الأمازيغية والعربية؟
7) ما معنى "احترام العربية"؟ هل العربية إلهة أو ملكة أو من المقدسات؟
يطالب السيد عبد العزيز المحمدي المدافعين عن الأمازيغية ب"احترام العربية".
وهذا المطلب الغريب تبطل غرابته عندما نعرف أنه يأتي من عقلية غارقة في المقدسات والطابوهات وتقييد حرية التعبير.
ففي عرف التعريبيين والإسلاميين الذين يدافعون عن "المقدسات" ويحاربون حرية التعبير يجب تقييد كلام الناس ويجب تحريم نقد "المقدسات" لحماية أصحاب المقدسات من الاستفزاز والشعور بالإهانة.
وصاحبنا قد أدخل اللغة العربية والحرف العربي إلى لائحة المقدسات العربية الإسلامية الطويلة العريضة التي لا تنتهي. وبذلك فإنه حسب رأيه يدخل انتقاد العربية أو الحرف العربي أو رفضهما في دائرة جرائم "الإهانة والإساءة والحقد والتحقير" التي يرتكبها "الحاقدون على العربية".
والطريف أنني لم أحتقر العربية أبدا في مقالاتي (علما أن تحقير أية فكرة أو ديانة أو لغة والسخرية منها يدخل ضمن حرية التعبير طبعا). فأنا لا أحتاج إلى تحقير العربية ولا رغبة لي في ذلك ولا مشكلة لدي مع اللغة العربية. وأنا أعتبر اللغة العربية لغة عادية لا غبار عليها ولا عيب فيها ولا ضرر منها مثلها مثل العبرية والسريانية والإنجليزية والنرويجية والتركية والصومالية. كما أنني لم أحتقر الحرف العربي بل اعتبرته غير نافع للأمازيغية وغير عملي وأنه يسبب مشاكل كثيرة للأمازيغية أكثر من المشاكل التي يعاني منها تعليم العربية. والمعروف أن أنصار العربية أنفسهم يعترفون بالمشاكل الكثيرة التي تعاني منها العربية بالحرف العربي وبنظامها الإملائي الحالي وقد دعى كثيرون منهم إلى إصلاح العربية والحرف العربي فقوبلوا من طرف حراس المعبد الصنمي بالتخوين والشتائم.
لو كان الحرف العربي نافعا للأمازيغية وعمليا في تدريسها وترسيمها لوجدنا أنصار الأمازيغية يطلبونه ويتهافتون عليه من تلقاء أنفسهم حتى لو رفض أنصار العربية والإسلام ذلك.
8) الاستعانة بالشعر للشتيمة دليل على ضعف الحجة وفقدان الأعصاب:
بدأ السيد عبد العزيز المحمدي مقاله المتهالك التعبان مستعينا ببيت من شعر الشتائم العربي حول كلاب تُلَقَّمُ أحجارا ("لو كل كلب عوى ألقمته حجرا"). وختم مقاله المتهاويَ العَيَّان ببيت شعر أحمق من أدب الحمق العربي يدور حول الافتخار بالعنجهية والجهل ("فنجهل فوق جهل الجاهلينا"). وهو بذلك يشتم مختبئا وراء شعر الشتائم. وأنزل في مقاله كومة ثقيلة من النعوت القدحية ضد أنصار الأمازيغية فوصفهم ب: الأدعياء، المنتحلين، الأقزام، الغلاة، المتطرفين، الناقمين على العربية، المتهجمين على العربية والإسلام، مناصبو العداء للعربية... إلخ.
فهنيئا لصاحبنا بميداليته في الأولمبياد الشتوي لألعاب الجهل والشتائم والكلاب التي تمضغ الأحجار.
وليعلم أن أساليبه الصبيانية لا تأخذ مني مقدار ذرة وأنني آخذها بمرح وكوميديا وأعتبرها مسلية للغاية. وفي كل الأحوال أرى مقاله ممارسة مشروعة لحرية التعبير حتى لو كان محقونا بالشتائم.
فمرحبا دائما بمقالاته وآرائه في هذا الموضوع. وسأستمتع دائما بتحليلها وتفكيكها وتشريحها واستخدامها كمادة لتوضيح المسائل المتعلقة باللغة الأمازيغية وكيفية كتابتها وتطويرها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.