رغم الضجة الوطنية التي بلغت صدى دوليا، وأثارها مشروع قانون "محاربة العنف ضد المرأة"، المعروف برقم "103 – 13"، والمطالبة بسحبه وتعديله، تمكن مجلس النواب من حسم هذا الجدل، وإخراج القانون إلى الوجود، بعد المصادقة عليه في جلسة خصصت للقراءة الثانية، بعد مصادقة الغرفة الثانية أواخر يناير المنصرم. وصادق مجلس النواب، في جلسته المنظمة اليوم الأربعاء14 فبراير، الموافق لما يسميه البعض عيد الحب "الفالنتين"، في تفعيل لمسطرة "القراءة الثانية"، على مشروع القانون، الذي فتح حربا كلامية بين الحركة النسائية ووزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، بموافقة 168 نائبا برلمانيا مقابل معارضة 55 آخرين، مع عدم تسجيل أي امتناع. وكان البرلمان، بمجلسيه، قدم ما مجموعه 224 تعديلا حيال مشروع القانون المذكور (مجلس النواب: 144 تعديلا، مجلس المستشارين: 80 تعديلا)، مع سحب 96 تعديلا؛ فيما قبلت الحكومة ما مجموعه 28 تعديلا فقط من تلك التعديلات. وقالت الحقاوي، في كلمة لها خلال الجلسة العمومية التي كانت مخصصة اليوم لدراسة والتصويت على مشروع القانون، إن الموعد شكل "إحدى اللحظات البارزة في مسلسل بناء دولة الحق والقانون"، وزادت: "لحظة فاصلة في تاريخ تعاطينا المؤسساتي مع قضايا النوع الاجتماعي عامة، ومع قضية محاربة العنف ضد النساء تحديدا"، واصفة القانون الجديد ب"المولود الذي كان حمله ثمينا ومكلفا، ووضعه عسيرا، وخروجه مما تشرئب له الأعناق". وأوردت الوزير الإسلامية أن فكرة هذا المشروع انطلقت منذ حوالي 15 سنة، "ولم تجد السياق والمناخ المناسبين"؛ على أن المرحلة الراهنة "نضجت فيها الشروط والتقت الإرادات..تعزيزا للديمقراطية وتحقيقا للإنصاف وقيم العدل"، موضحة أن خلفيات اعتماد هذه الوثيقة همت "العمق الحضاري لثقافة تنبذ الظلم والعنف، وتنتصر للحق والسلام"، و"ترجمة لدستورنا، الذي يمنع التمييز ويمأسس مكافحته ومحاربته، وينص على المساواة والمناصفة وحفظ سلامة الجسد وتأمين الحقوق". وفي لمحة سريعة حول أهم ما تضمنه القانون الجديد، كشفت الحقاوي أن الأمر يتعلق ب"تجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة يجيب على وضعيات لم تكن بالأمس موضوع تشريع أو تقنين"، من قبيل "الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية، والإكراه على الزواج، أو التحايل على مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة والسكن"، إلى جانب "تجريم بعض الأفعال باعتبارها صورا من صور التحرش الجنسي". وتابعت المتحدثة بأنه جرى تخصيص باب إضافي للتدابير الوقائية التي تجعل من مسؤولية السلطات العمومية إعداد وتنفيذ سياسات وبرامج "تهدف إلى التحسيس بمخاطر العنف ضد المرأة، وتصحح صورتها في المجتمع"؛ فيما تم اعتماد تدابير حمائية جديدة، ك"منع الشخص المتابع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان وجودها أو التواصل معها"، و"إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له"، و"إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة للزوجين، وإحالة الضحية على مركز الاستشفاء قصد العلاج". وكانت الحركة الحقوقية بالمغرب أطلقت حملة وطنية، مدعومة بمواقف منظمات دولية ك"هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، تطالب بضرورة سحب مشروع قانون "محاربة العنف ضد النساء"، وتعويضه ب"قانون شامل للقضاء على العنف ضد المغربيات"، منتقدة "قصور المشروع عن ضمان الحماية والوقاية والتكفل وعدم الإفلات من العقاب".