شدد حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، اليوم الخميس، على ضرورة الانتقال من التنظير والقول إلى منطق التخطيط العملي لتفعيل الجهوية المتقدمة التي لازالت تواجهها عقبات وتحديات تفرمل انطلاق قطارها. وأكد بنشماش، خلال انعقاد النسخة الثانية من الملتقى الوطني للجهات، اليوم الخميس، على التوجه قدماً نحو "معالجة هذه التحديات، وهي التنظيم الإداري للجهات وإشكالية الموارد البشرية، وبرمجة التنمية الجهوية، وأسئلة التعاقد بين الدولة والجهات وتمويل الجهوية". ودعا بنشماش المشاركين في الملتقى البرلماني الثاني للجهات إلى ضرورة مناقشة سبل الانتقال من القول إلى الفعل، معتبراً أن "تفعيل الجهوية على نطاق متقدم يحتاج إلى البناء على التراكم وإلى التتبع والتقييم المستمر، تماشياً مع الرؤية الملكية السامية". وذكر بنشماش، في افتتاح هذا اللقاء، أن الملتقى الأول للجهات توج بمخرجات على قدر كبير من الأهمية، في شكل توصيات والتزامات جماعية خاطبت الحكومة والبرلمان وكل الفاعلين المعنيين، لكنه أشار إلى أن هذه التوصيات والالتزامات "لم يتم التفاعل مع معظمها بالقدر المأمول من الجدية". ومن بين هذه التوصيات، يذكر بنشماش، مطلب إطلاق مسار تشاوري بين مجالس الجهات وكافة السلطات العمومية المعنية بشأن الإطار العام للتعاقد بين الدولة والجهات، بما في ذلك مضامين هذا التعاقد وشروطه والأهداف المتوخى بلوغها من خلاله؛ كما شدد على أهمية مأسسة آلية للحوار والتشاور بين الحكومة ورؤساء مجالس الجهات، تنصب على مختلف القضايا المتعلقة بالتنمية على المستوى الجهوي، وكذا المرتبطة بتنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على المستوى الترابي. ودعا بنشماش إلى مراعاة معايير إضافية في ما يخص توزيع مساهمة الميزانية العامة المرصودة للجهات، تعتمد على سبيل المثال على مؤشرات الفقر والهشاشة على مستوى الجهة، ونسب التجهيز بالبنية التحتية الأساسية، ومؤشر الولوج إلى الصحة والتمدرس؛ وكذا توزيع اعتمادات الصندوقين. وقال بنشماش إن انعقاد هذا اللقاء الثاني قبل مناقشة مشروع قانون المالية سيتيح الفرصة أمام المستشارين لاستثمار التوصيات التي ستصدر عن أشغاله لإدخال التعديلات الضرورية على المشروع بما يعزز توطيد وتعزيز مسار تفعيل الجهوية. واعتبر رئيس مجلس المستشارين أن هذه الفرصة ستتيح لأعضاء الغرفة الثانية المساهمة في الرقابة البرلمانية على الحكومة لتنفيذ التوجيه الملكي حول "وضع جدول زمني مضبوط لاستكمال تفعيل الجهوية المتقدمة". اللقاء عرف حضور وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، الذي أكد في كلمة ألقاها أمام المشاركين أن مصالح وزارته تعمل على تنفيذ الجهوية المتقدمة، معتبراً أن هذه الأخيرة لا يمكن اختزالها في النصوص القانونية والإمكانيات المادية. وقال لفتيت إن الخطاب الملكي الأخير أكد أن "الجهوية المتقدمة تشكل أنجع الطرق لمعالجة المشاكل المحلية والاستجابة لمطالب السكان بالإصغاء إليهم وإشراكهم في اتخاذ القرار في المجالس المنتخبة"، وقال إن وزارة الداخلية كانت سباقة منذ مصادقة المغرب على دستور 2011 إلى تنزيل مقتضياته، وخصوصاً العمل على تجديد النمط اللامركزي. وأوضح لفتيت أن وزارة الداخلية ضاعفت من مجهوداتها لمواكبة المجالس في مرحلة تأسيس هياكلها المنتخبة، بإصدار أكثر من 30 دورية تأطيرية همت مختلف مجالات تدخل الجماعات الترابية والدلائل الموجهة للمنتخبين، وزاد: "كما حظيت الجهة بحيز كبير من هذه المواكبة بتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية بالجهوية المتقدمة". من جهته شدد كل من امحند لعنصر، رئيس جمعية رؤساء الجهات، ومحمد بودرا، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات المحلية، على ضرورة إيلاء الأهمية للهيئات الجهوية المحلية المنتخبة، واعتبرا أن الجهوية المتقدمة تقتضي جماعات ترابية ومجالس جهوية قوية. وأكدا ممثلا الجهات ال12 والمجالس الترابية بالمغرب على ضرورة المواكبة والتفعيل الجيد والتنزيل الفعال لورش الجهوية المتقدمة، عبر تجاوز الصعوبات التي تعرقل ذلك، وأهمها الإمكانيات المالية والموارد البشرية والتنظيمية، قصد الاستجابة لتطلعات المواطنين. جدير بالذكر أن هذا الملتقى ينظم من مجلس المستشارين، بشراكة مع جمعية رؤساء الجهات والجمعية المغربية لرؤساء الجماعات المحلية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛ ويشارك فيه مسؤولون حكوميون، ورؤساء مجالس الجهات، ومسؤولو المؤسسات الوطنية، وممثلو هيئات المجتمع المدني؛ فضلاً عن شركاء مجلس المستشارين الدوليين. ويهدف هذا الملتقى إلى القيام بقراءة موضوعية لتجربة الجهوية المتقدمة، والمساهمة في التفاعل مع مختلف القضايا والإشكالات المطروحة، وذلك من خلال تدارس ثلاثة محاور أساسية تهم على التوالي الهياكل الإدارية وتدبير الموارد البشرية الجهوية، وبرنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب.