لا تتوقف فدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس مدينة الرباط عن مساعيها إلى الحفاظ على الأشجار التي تزين شوارع العاصمة، والتي يزيد عمرها عن ثلاثين سنة، بعدما أصبحت مهددةً بفعل أشغال التهيئة الجارية في إطار مشروع "الرباط.. مدينة الأنوار". ومع بدء الأشغال منذ أكثر سنتين، ظل مستشارو الفدرالية يحتجون على شركة الرباط للتهيئة، وهي شركة محلية مكلفة بتنفيذ برامج مشروع مدينة الأنوار يترأسها والي الرباط، ووصل بهم الأمر إلى حد التظاهر أمام مقر الولاية. وخاض المستشارون، أمس السبت، وقفة احتجاجية جديدة بسبب بدء الأشغال في شارع المهدي بن بركة بحي الرياض، للحيلولة دون قطع أشجار هذا الشارع، وهو ما دفع السلطات المحلية، ممثلةً في الباشا، إلى إخبارهم بقرار تغيير مسار الأشغال لتفادي قطع أي شجرة. ويقود مستشارو الفدرالية هذه المعركة تحت شعار "كفى من قطع أشجارنا"، نُصرة للأشجار المنتشرة في أغلب شوارع الرباط، خصوصاً بحي الرياض، للحفاظ على هذه الثروة البيئية التي يزيد عمرها عن ثلاثين سنة، وقالوا إنهم سيواصلون الاحتجاج ضد "تحويل مدينة الرباط إلى غابة من الزفت والأسمنت على حساب المساحات الخضراء". وطالت أشغال التهيئة في حي الرياض عدداً من الشوارع التي تضم الأشجار المعمرة، منها النخيل وكمال الزبدي والحور وميموزا، وقد نجحت مساعي مستشاري الفدرالية في إنقاذ أشجار شوارع الصنوبر والأزر والعرعار بعدد يقارب حوالي 600 شجرة في المجموع، فيما لا يزال الخطر يتهدد شوارع المهدي بنبركة والجكندا ومحمد اليزيدي. وتعيب الفدرالية على مجلس مدينة الرباط، الذي يقوده محمد صديقي عن حزب العدالة والتنمية، عدم التفصيل في مشاريع التهيئة لتفادي قطع الأشجار من أجل الحفاظ على البيئة، خصوصاً بعد استضافة المغرب العام الماضي لمؤتمر المناخ العالمي "كوب 22" بمدينة مراكش. وأفاد مصدر من فدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس مدينة الرباط بأن شركة "الرباط للتهيئة" لا تكشف عن برنامج أشغالها لتهيئة الشوارع الرباطية، وقال إنهم كمستشارين بالمجلس وبمقاطعة أكدال الرياض لا يحصلون على معلومات بخصوص الأمر إلا حين معاينة تحديد مسار الأشغال. وقال عمر الحياني، مستشار عن فدرالية اليسار الديمقراطي، في تصريح لهسبريس، إن "المشكل أكثر من قطع الأشجار؛ فمنذ سنتين، ونحن كمستشارين لا نعرف ما تفعل شركة الرباط للتهيئة، وما هي نوعية المشاريع التي تعتزم القيام بها، وحتى المكتب المسير لمجلس الرباط لا يتوفر على معلومات بخصوص الأمر، خصوصاً أن الشركة ترفض الحديث والإفصاح". وكشف المستشار بمجلس المدينة أن مسؤولي مقاطعة الرياض -أكدال يُصرون على قطع أشجار الصنوبر بناءً على مراسلات بعض المواطنين يشتكون فيها من دودة الصندل، وقال: "عوض معالجة الأمر بوسائل متاحة لدى وزارة الفلاحة أو المياه والغابات، يختار المسؤولون خيار قطع الأشجار واستبدالها بدعوى عدم توفر إمكانيات معالجة الدودة". وأضاف الحياني، في التصريح ذاته، أن شركة الرباط للتهيئة لا تقوم بالإخبار عن الأشغال عبر اللوحات التقنية المفروض أن تضم تفاصيل التهيئة، وأشار إلى أن حصيلة الأشجار التي تم قطعها ثقيلة منذ بداية سنة 2015 في شارع النخيل بحي الرياض، يزيد عمرها عن ثلاثة عقود، وتقدر قيمة الواحدة منها ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم. واعتبر الحياني أن سياسة توسيع الشوارع تطرح سؤالاً حول سياسة مجلس المدينة، وقال: "كلما قمنا بتوسيع الشوارع تزايدت السيارات، وهذا ليس بحل، بل الحل الحقيقي لتخفيف مشاكل المرور في الرباط هو الاهتمام بالنقل العمومي، وهو المعمول به في أوروبا، حيث يتم اللجوء إلى تضييق الشوارع وتشجيع استعمال النقل العمومي لتخفيف الاكتظاظ ومشاكل المرائب".