في قطب دار الصانع بمعرض الفرس في مدينة الجديدة، توجد مختلف أنواع الصناعة التقليدية المغربية، وتُعرض المنتجات التي أبدعتها أنامل الصناع التقليديين، مثل الحناجر، والسروج التقليدية، و"المجدول"، والنسيج، وغيرها من المنتجات. في الرواق المخصص للسروج التقليدية، تُعرض أشكال مختلفة من هذا الإكسسوار الخاص بالفرس، والمصنوع من "الصقلي" والخيط. وتصل مدة إنجاز السرج الواحد، الذي يشتغل عليه أربعة عشر صانعا، إلى أربعة أشهر، بالنسبة إلى السروج العادية، في حين يستغرق صنع سرج من النوع الفاخر عامين. وحسب إفادة الصقال هشام، وهو صانع للسروج التقليدية من فاس، فإن سعر السرج العادي يبتدئ من 2500 درهم فما فوق، مشيرا إلى أن نسبة 90 في المائة من السروج التي يقتنيها المغاربة يصل سعرها إلى 5 آلاف درهم، معتبرا أن هذا السعر في المتناول، نظرا لما تتطلبه صناعة السروج من جهد ووقت. ويضيف المتحدث ذاته، الذي دأب على المشاركة في معرض الفرس بمدينة الجديدة منذ دورته الأولى قبل عشر سنوات، أن صناعة السروج التقليدية في المغرب تعرف انتعاشة كبيرة في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنّ المعرض يشكل فرصة للتعريف بهذه الصناعة والصناع، في الداخل وفي الخارج. كما أشار إلى أنّ دار الصانع تنظم لصناع السروج التقليدية معارض بمختلف مناطق المغرب، خاصة معرض الفرس بالجديدة، الذي يضم فضاء واسعا لعرض السروج التقليدية أمام زوار المعرض القادمين من المغرب ومن الخارج. وبخصوص ما إن كان الجيل الحالي يهتم بصناعة السروج التقليدية، قال الصقال هشام: "نعم، الجيل الحالي ما زال مهتما، خاصة أن مؤسسة محمد السادس تفتح أبوابها أمام الراغبين في مزاولة هذه المهنة، وقد كان عدد الصناع لا يتعدى صانعيْن، وبفضل هذه المؤسسة أضحى عددهم أربعين صانعا". على بعد خطوات من رواق السروج التقليدية، يوجد رواق النسيج، حيث تُعرض الأزياء المغربية التقليدية، الخاصة بالإناث والذكور، وخاصة الجلابيب. داخل هذا الرواق تقف حبيبة الزرادي، من تعاونية الوفاء، تراقب زوار الرواق، تقدم لهم المعلومات أو تفاوضهم حول السعر. تقول هذه السيدة الخمسينية، الحاصلة على مجموعة من الشواهد التقديرية، والمتخصصة في صناعة "الجلابة البزيوية"، إن دائرة بْزو الواقعة شمال المملكة يشتغل أغلب سكانها في صناعة "الجلابة البزيوية"، مشيرة إلى أن هناك إقبالا كبيرا عليها. وتضيف المتحدثة ذاتها أن حياكة "جلابة" واحدة تتطلب شهرا كاملا إذا اشتغلت عليها سيدتان، أما إذا اشتغلت عليها سيدة واحدة فإن حياكتها قد تستغرق ثلاثة أشهر كاملة. وتُصنع "الجلابة البزيوية" من الصوف وحرير الدودة المستورد من أستراليا، لذلك يظل سعرها مرتفعا إلى حد ما. وحسب إفادة حبيبة الزرادي، فإنّ كلفة إنتاج "جلابة" واحدة تصل إلى 1600 درهم، مضيفة أن سعر بيعها يبدأ من 2000 درهم، وقد يصل إلى 5000 درهم، إذ كلما استعمل حرير الدودة بشكل مكثف يرتفع سعرها، توضح الزرادي. الاشتغال في صناعة "الجلابة البزيوية" فتح المجال أمام نساء دائرة بْزو لكسب مورد مالي، خاصة بعد الاهتمام الذي أولته المؤسسات المعنية للمنتجات التقليدية. "مْن قبل كانت المرأة ما كتخرج ما والو. كنصايبو الجلابة كنعطيوها للجيران يديوها للسوق وكنتسناو تا يدقو علينا يعطونا شوية بشوية، دابا الحمد لله زاد الثمن ديالها"، تقول حبيبة، التي تبدو سعيدة بعملها، وإن كان غلاء "السلعة" ينغص سعادتها.