بات المغرب يتوفر على أول منصة للحوسبة السحابية بمدينة تمارة، حيث جرى الأسبوع الماضي تدشين مركز المغرب للبيانات Maroc Data center؛ وهي منصة تعد الأولى من نوعها في إفريقيا الناطقة بالفرنسية، أنشئت من طرف المجموعة المغربية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات "ميداسيس". ويعتبر "ماروك داتا سانتر"، الذي جرى افتتاحه بالحي الصناعي بتمارة على 2000 متر مربع، أول موقع مغربي مائة بالمائة حاصل على معيار TIER3 الممنوح من طرف معهد أب تايم الأمريكي المتخصص في منح الاعتمادات لمراكز البيانات عبر العالم. ويقصد بهذا المعيار تقديم خدمات تضمن مستوى توافر إلى 99.98 في المائة. وجرى إنشاء وتمويل هذا المركز بشراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة باستثمار بلغ 85 مليون درهم في المرحلة الأولى، و370 مليون درهم حين الانتهاء، في إطار برنامج "امتياز"، وهو أول إنجاز لمجموعة "ميداسيس" ضمن إستراتيجيتها الرامية إلى إنشاء مراكز بيانات في المغرب وإفريقيا من أجل المساهمة في الإشعاع التكنولوجي للمغرب. وأشرف على إنجاز هذا المركز مهندسون مغاربة وفق مواصفات عالمية كتلك التي تمتاز بها مراكز البيانات العالمية، ويستجيب أيضاً لمعايير السلامة الدولة، ويلبي حاجيات الإدارات المغربية العمومية والقطاع الخاص، ومهمته ستتمثل في إنشاء وتدبير والإشراف على مراكز بيانات لصالحها أو لفائدة زبناء آخرين بأسعار في المستوى. ويراهن مسؤولو مركز داتا سانتر على توفير حلول تكنولوجية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة بخدمات مرنة واقتصادية وفعالية، لكي تنجح في خفض التكاليف والاستفادة من الخبرة التي راكمتها مجموعة MEDASYS في مجال الحوسبة السحابية. ويقصد بالحوسبة السحابية (Cloud computing) توفير عدد من الخدمات الحاسوبية المتكاملة، تشمل مساحة لتخزين البيانات والنسخ الاحتياطي، والبريد الإلكتروني والطباعة عن بعد؛ ويستطيع المستخدم عند اتصاله بالشبكة التحكم في هذه الموارد عن طريق واجهة برمجية بسيطة. خصائص المركز المغربي من ضمن خصائص ماروك داتا سانتر الوفرة الطاقية، إذ تم إنشاء جميع سلاسل المركز بشكل مضاعف لضمان استمرار الخدمة. كما يتكون كل نظام كهربائي من محول ولوحات توزيع جهد منخفض وغرفة خاصة بوحدة الطاقة اللامنقطعة Onduleur، إضافة إلى مولد لإنتاج الكهرباء لمدة 36 ساعة، وذلك لضمان استمرارية النشاط في حالة انقطاع التيار الكهربائي. أما نظام التبريد فيتكون من عدة مجموعات لإنتاج المياه المثلجة التي يتم تخزينها في صهريجين لضمان ظروف استغلال مثلى، إذ يتم توزيع المياه المثلجة عبر دارتين تحت الأرض تعبر جميع الغرف التقنية لضمان أفضل درجة حرارة الضخ والرطوبة. كما تقوم عدة خزانات تبريد عالية الدقة بإعادة تدوير الهواء الساخن الذي يتم تبريده وإعادة ضخه في الدارة بعد تجميعه بواسطة الأغلفة الهيدروليكية. ونظراً لحساسية المركز، تسهر فرق الإشراف على أمن البنى التحتية والبناية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، عبر نظام للتدبير التقني المركزي ومراقبة الولوج عبر الفيديو. كما يوفر المركز ارتباطاً مستمراً بشركات الاتصالات الثلاث: اتصالات المغرب، أورانج وإنوي. خدمات وأكاديمية وشراكة يسعى مركز المغرب للبيانات إلى توفير خدمات للمستخدمين في القطاعين العام والخاص، سواء بعرض "خوادم مخصصة"، وتحدد المساحات وفق الاحتياجات، أو عرض "الإيجار المشترك"، لتوفير إمكانيات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة لتكييف ميزانيتها طبقاً لمراحل تطورها. ولا يراهن مركز المغرب للبيانات على توفير خدمات الحوسبة السحابية، بل يطمح إلى توفير أكاديمية خاصة به موجهة للطلبة ومهنيي تكنولوجيا المعلومات، بإتاحة الفرصة لهم من خلال مختبر للأبحاث مجهز بمعدات عالية التقنية، والتكوين في الشق العلمي والتجريبي للحصول في الأخير على شهادة. ويبدو أن مساعي المجموعة المغربية MEDAFRICA SYSTSEMS كبيرة ولا تتوقف عند حدود تمارة، بل تسعى إلى التموقع كبوابة لخدمات الحوسبة السحابية لفائدة القارة الإفريقية والشرق الأوسط، إذ جرى التوقيع قبل أسبوع على اتفاقية شراكة مع مجموعة ZIRCOM المتخصصة في إنشاء مراكز البيانات في بريطانيا. وتروم هذه الاتفاقية إنشاء بوابة المغرب الدولية لمراكز البيانات، باستثمار يفوق 800 مليون درهم. وسيكون هذا المشروع الضخم في محور الدارالبيضاء- القنيطرة على مساحة 6 هكتارات، وسيخصص 30 في المائة من خدماته للسوق المغربية و70 في المائة للسوق الإفريقية والشرق الأوسط وأوروبا. هذا المركز الضخم ستكون قدرة الاستضافة فيه كبيرة، بحيث سيوجه خدماته لقطاعات الإدارة العمومية والأبناك وشركات التأمين وكبريات المقاولات. كما يشمل المشروع إقامة منصة مشتركة الملكية بمعايير دولية تتيح للفاعلين المستهدفين إقامة بنيتهم التحتية خارج مقراتهم في أفضل ظروف. طموح كبير نحو إفريقيا والعالم حول هذا المشروع الهام، قال محمد بلميرة، المدير العام لمركز المغرب للبيانات، في تصريح لهسبريس، إن هذا المركز يأتي من أجل تلبية حاجيات المقاولات الصغيرة والمتوسطة والإدارات العمومية لعصرنة النظام المعلوماتي الخاص بها لتوفير الاستثمار في البنيات التحتية التكنولوجية. وأضاف بلميرة أن هذا المشروع يسعى إلى تلبية طلب السوق المحلية؛ كما تسعى المجموعة أيضاً إلى بلوغ السوق الإفريقي والأوروبي من خلال المشروع الجديد "المركز الدولي للبيانات بالمغرب"، الذي سيكون رافعة من أجل حيازة ثقة الفاعلين الكبار في الميدان الرقمي؛ فيسبوك وغوغل ومايكروسوفت. وأشار المسؤول عن أول مركز للبيانات بالمغرب إلى أن الوصول لتوقيع اتفاقية مع الشريك البريطاني من أجل استثمار 800 مليون درهم لمركز بيانات دولي بالمغرب لم يكن سهلاً، فقد كان السباق محتدماً بين عدة دول، من بينها جنوب إفريقيا التي تعتبر من الدول المتقدمة في هذا المجال.