عبرت جمعيات مغربية شاركت في جلسة تقديم نتائج الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2017 الخاص بالمغرب، في دورة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين في مدينة جنيف السويسرية، عن خيبة أملها لرفض الحكومة المغربية مجموعة من التوصيات التي تهم حقوق المرأة والحريات الفردية. وفي الصدد ذاته قالت سعيدة الإدريسي، عن المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق النساء في المغرب، والتي شاركت في فعاليات "مجلس جنيف"، إنها تتأسف للموقف المغربي لأن أغلب التوصيات التي تم رفضها تخص المساواة بين الرجال والنساء، ومدونة الأسرة. حقوق المرأة وثوابت الأمة وأوضحت الناشطة الحقوقية ذاتها أن المغرب من خلال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، علل حرمان المرأة من حقوقها بدواعي "ثوابت الأمة"، متسائلة: "هل منح المرأة الولاية على أطفالها يهدد استقرار البلاد؟". وشددت الحقوقية ذاتها في تصريحات لهسبريس على أن رفض المغرب توصيات بإلغاء تجريم الأمهات العازبات، والسماح بالاعتراف القانوني الكامل بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج، يضرب في الصميم حقوق الإنسان وإرساء الدولة الديمقراطية التي اختارها المغرب. كما استغربت الناشطة النسائية رفض المغرب التوصيات المتعلقة بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وملاءمة التشريع الوطني مع أحكامه، وأيضا عدم رفع التجريم عن العلاقات الجنسية بالتراضي مع الجنس نفسه، وعقوبة الإعدام وحرية الصحافة وحرية تكوين الجمعيات. بدورها، قالت خديجة الرباح، عن دينامية "عدالة" المكونة من أكثر من 170 جمعية وشبكة وطنية ومحلية، إن الحقوقيين تابعوا مسار الجولة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، التي انتهت بالمصادقة على التقرير الحكومي من طرف مجلس حقوق الإنسان، وأوردت في تصريح لهسبريس أن "مواقف المغرب الحقوقية لم تسجل أي تقدم خلال هذه الدورة"، وأن "الحكومة أعادت على لسان وزيرها الرميد ما سبق أن قيل في دورة ماي السابقة". وزادت الرباح: "اليوم سمعنا كلمة جديدة، وهي أن الحريات الفردية تتناقض مع ثوابت الدستور المغربي، ولكن دستور 2011 كرس حقوقا متقدمة في هذا المجال، غير أننا نفاجأ بوقفها"، وأردفت: "استكمال منظومة حقوق الإنسان في المغرب لن يتم إلا بالموافقة على جميع التوصيات الأممية التي قدمتها الدول، باستثناء طبعا تلك المتعلقة بالوحدة الوطنية التي نحن أيضا لا نتفق معها جملة وتفصيلا". واعتبرت المتحدثة ذاتها أن السياق الحقوقي والسياسي اللذين قطع فيهما المغرب أشواطا مهمة عبر التزام الحكومة الحالية بإخراج خطة العمل الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، والأرضية المواطنة، "لم تأخذ كلها بعين الاعتبار، خصوصا في توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة". وسجلت دينامية "عدالة"، في بلاغ لها على هامش مشاركتها في الدورة ال36 لمجلس حقوق الإنسان، أن "الإجراءات الضرورية للرقي بمدونة الأسرة وإصلاحها تتطلب إزالة الاستثناءات، من قبيل المساواة في الإرث بين الرجل و المرأة، وإلغاء تجريم الأمهات العازبات والاعتراف القانوني التام بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج". حراك الريف داخل "مجلس جنيف" من جهته، انتقد الناشط الحقوقي عزيز إدمين، عن مركز الشباب للحقوق والحريات، في كلمة له بعد مداخلة الرميد المركزية، واقع حقوق الإنسان في المغرب، وقال إن "السلطات المغربية تضيق على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، سواء من خلال المتابعات القضائية أو الاعتداءات عليهم من قبل الشرطة بشكل مقصود أثناء التظاهرات السلمية". وتطرق الناشط الحقوقي داخل الجلسة العامة بمجلس حقوق الإنسان إلى تداعيات حراك الريف، لافتاً إلى أن "السلطات عمدت إلى استعمال القوة غير المناسبة في فض التظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مجموعة من مناطق المغرب، كما يحصل في تظاهرات الحسيمة". وقال إدمين إن رجال الأمن نعتوا المتظاهرين في الريف بأنهم "لقطاء ومن سلالة الإسبان وليس المغرب، عبر مصطلحات مثل أولاد السبانيول والأوباش"، كما أثار الانتباه إلى "الأحكام القاسية في حق نشطاء الحراك، التي وصلت إلى الحكم بعشرين سنة". ودعا ممثل مركز الشباب للحقوق والحريات الحكومة المغربية إلى الالتزام بتعهداتها الطوعية أمام مجلس حقوق الإنسان من خلال ملاءمة جميع القوانين الوطنية مع المواثيق والمعايير الدولية، والإقرار بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية.