لم يدر بخلد التامي اليازغي أن لسعة عقرب سام ستحول حياة ابنته هاجر، وهي في سنتها الثانية، إلى محنة بعدما قضت ساعات قبل الحادث في اللعب والمرح، إذ كانت تعيش حياة طبيعية بمنزل أسرتها المتواضع بدوار العزابة التابع ترابيا لجماعة ازغيرة ضواحي مدينة وزان، قبل أن يتدهور وضعها الصحي بعدما طالتها لسعة العقرب على مستوى الرجل، وأدت إلى ظهور أعراض متفاوتة الخطورة كادت تودي بحياتها لولا الألطاف الإلهية. وتعود أطوار الواقعة، حسب التامي اليازغي، والد الصغيرة هاجر، إلى يوم السبت الماضي، إثر تعرض صغيرته للسعة عقرب بالدوار المذكور. دارت الأرض تحت أقدام الأب المكلوم وهو يرى جسد الصغيرة يقاوم السم وهو يسري في العروق.. حمل ابنته بين ذراعيه وأسرع الخطى مهرولا نحو بيت أحد معارفه ليرافقه إلى المركز الصحي زغيرة لتقديم الإسعافات وإنقاذ فلذة كبده. خاب ظن الأب وهو يرى أبواب المركز الصحي ازغيرة موصدة في وجهه، أحس بدوار وحزن شديد.. قصد بيت الممرضة ليفاجأ بكون المؤسسة الصحية تفتقر إلى وسائل ولوجستيك الدعم والمواكبة للتكفل بمثل هذه الحالات، ليضطر إلى البحث عن مؤسسة أخرى لعلاج ابنته، ليقصد المركز الصحي تروال على متن سيارة أحد معارفه، في ظل عدم تمكينه من سيارة إسعاف، على حد قوله. كانت صدمة التامي كبيرة وهو يرى المركز الصحي الثاني على التوالي مغلقا وغير قادر على إنقاذ ابنته، لتستمر المحنة ويستمر معها ألم هاجر، ألم طالت معه المسافة ورحلة العلاج ليتم توجيهه مرة أخرى إلى المركز الاستشفائي الإقليمي أبو القاسم الزهراوي بمدينة وزان، كوجهة ثالثة. دخلت الصغيرة هاجر قسم المستعجلات بمشفى وزان والأمل معقود على أطر هذه المؤسسة العمومية لعلاج طفلة ذنبها الوحيد أنها تواجدت بالمكان الخطأ والساعة الخطأ.."كانت تتصبب عرقا، وغير واعية بما يدور حولها، ومكتفية بتدوير عينيها في الأطر المداومة وهي تحاول التخفيف من وطأة الآلام واستقرار حالتها"، يقول الأب. بعد جهد جهيد، يضيف اليازغي، "أفلح الطاقم المداوم في إمدادها بمحلول (سيروم) وبعض الأدوية عبر حقنها مباشرة في وريدها، فخففت نوعا ما حدة الحالة الحرجة، إلا أنها لم تكن كافية في ظل افتقار المشفى الإقليمي إلى قاعة الإنعاش وللأطر المختصة للتعاطي مع حالتها، ما دفع إدارة "مشفى الزهراوي" إلى التنسيق مع مشفى الشاون الإقليمي قصد استقبال هاجر، بعد أن عجزت مراكز إقليموزان عن توفير العلاج". حضرت سيارة الإسعاف، يقول أبو هاجر، وظلت مرابضة أمام بوابة مشفى وزان في انتظار إشارة الانطلاق، مستحضرا في هذا الصدد مطالبته بدفع ثمن الغازوال (300 درهم) وهو ما استجاب له على مضض .. قضت هاجر يومين في العناية المركزة بمشفى الجوهرة الزرقاء، قدمت لها خلالها علاجات مختصة، قبل أن تغادر مصلحة الإنعاش وقد عادت ابتسامتها بعدما نجت من موت محقق وعاشت أسرتها أوقاتا عصيبة. "بغيت هادشي اللي عشتو مع بنتي ما يعشوش شي واحد آخر..الصحة فوزان منعدمة"، يقول التامي اليازغي لهسبريس، وأضاف أن "الوقت حان لتفاعل الوزارة والجهات المختصة مع مطالب ساكنة الإقليم لتوفير التطبيب والعلاج عوض الاكتفاء بتوجيه المرضى إلى مراكز استشفائية بعيدة تزيد من حجم المعاناة"، حسب تعبيره.