شق مساره بعزم وإرادة.. عاش في بدايته الفنية في الظل إلى أن خرج بأول ألبوم له "علمتني"، الذي منحه شرعية الوجود الفني، توج بلقب أحسن مغنّ بشمال إفريقيا، لتستمر رحلة العطاء بحثا عن التمييز من نافذتي الغناء والكوميديا. في حوار مع هسبريس، يتحدث الفنان غاني القباج عن بداية مساره الفني، وولوجه إلى عالم الفكاهة من خلال عرض "غاني بالفيتامين". توقفت عن الغناء منذ 2014، وعدت بأغنية "جابني مجيبة"، ما الأسباب التي دفعتك إلى ذلك؟ بالفعل، توقفت لثلاث سنوات عن الغناء، واتجهت نحو الكوميديا، ب"وا مان شو" "غاني بالفيتامين"، والذي يعد بمثابة زيارة عيادة أخصائي نفساني، حكيت فيها عن تجربتي الفنية ومساري الفني وطرائفي مع عدد من النجوم والسياسيين؛ وهو ما قربني أكثر من الجمهور، الذي كان يرى في غاني ذلك الفنان المتكبر البعيد عن الجمهور. وهنا، أؤكد أن التوجه إلى الكوميديا لا يعني أن غاني انتهت صلاحيته الفنية، العكس هو الصحيح، النجاح الذي تحققه اليوم أغنية "جابني مجيبة" أكبر دليل على الاستمرار في الغناء والكوميديا معا التي عشقتهما منذ الصغر. ينفرد غاني بستايل موسيقي يمزج بين الإيقاعات اللاتينية والشرقية والإفريقية، ألا تفكر في مواكبة الموجة الحالية؟ هذا ال"ستايل"، الذي انفردت به، لم أبحث عنه؛ بل فرض نفسه على حياتي الفنية. لقد أسهمت جذوري المغربية وهجرتي إلى الخارج في تكون هذا المزيج الفني، والهدف هو إخراج ثقافتنا المغربية من الإطار المحلي إلى عالم أرحب؛ فنجحت في تكوين رصيد فني متنوع يجمع بين الثقافة العربية والغربية، وعدم تقليد أي ستايل. صحيح أن هذا اللون الفني أخذ وقتا طويلا للوصول إلى البلدان العربية والخليج، وأخذ مني وقتا لوصوله إلى الجمهور. ومن ثمّ، لا أفكر أبدا في تغيير وجهتي إلى لون موسيقي آخر؛ لكن هذا لا يعني أن الألوان الأخرى سيئة، بالعكس يسعدني أن أجد في الساحة الفنية المغربية أنماطا موسيقية متنوعة ومختلفة، وهو ما يُحفز على التنافس، وبالتالي الرفع من مستوى الفن المغربي. تحرص غالبا على كتابة وتلحين أغانيك بنفسك، ألا يوجد في الساحة الفنية موهوبون في هذين المجالين؟ معظم الأغاني التي أديتها في السابق كتبها الأستاذ حفيظ شكير. وبعد انشغالاته الكثيرة، اضطررت في مرحلة معينة أن أكتب بنفسي، لأقترب من الجمهور ونبضه، وكنت أتوصل باقتراحات مواضيع وألحان لم أقتنع بها يوما، وكرست حياتي الموسيقية في الكتابة والتلحين؛ لكن اليوم الساحة الفنية غنية بالطاقات الشابة التي تتمتع بإبداع متميز، ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا مهما في التعريف بإبداعاتهم. كيف جاءت فكرة الانتقال من الغناء إلى الكوميديا؟ الكوميديا لم تنسلخ يوما عن حياتي الشخصية؛ فقد كنت، منذ الصغر، أقوم بتقليد أفراد الأسرة في أمسيات عائلية. وبعد 25 سنة من الغناء، اجتمعت بأصدقائي الفنانين (سعيد موسكير وليلى الحديوي) في برنامج "جزيرة الكنز"، فاكتشفوا حينها روح الفكاهة التي أتمتع بها، وشجعوني على اقتحام هذا المجال، واشتغلت لمدة سنتين من أجل صقل موهبتي بإشراف من الكوميدي عبد العالي لمهر المعروف ب"طاليس"، وبعدها جاء العرض الفكاهي "غاني بالفيتامين"، وسلسلة الخواسر، وبالتالي لا أتطفل على المجال. هل الانتقادات التي طالت سلسلة الخواسر، دفعت فريق العمل إلى التخلي عن نسخته الثانية؟ لا، أبدا، الانتقاد البناء آخذه دائما بعين الاعتبار. ولا يمكن اعتبار أن سلسلة الخواسر قد فشلت في نسختها الأولى، بدليل نسب المشاهدة التي حققتها، وأعتقد أنه من الطبيعي أن تثير جدلا ما دامت جاءت بفكرة جديدة وهي المزج بين الفصحى وبين الدارجة. شاركت، مؤخرا، في عروض "إيموغاجي"، كيف هي علاقتك بأعضائها؟ كل فرد من أعضاء مجموعة "إيموغاجي" أعتبره جزءا من عائلتي، وتجمعنا علاقة جد طيبة، وأعتبر أن المبادرة التي يقودها جميلة جدا، من أجل إعادة الروح إلى الكوميديا بالمغرب.