تعيش فلسطينالمحتلة منذ ثلاثة أيام على صفيح ساخن، بعد إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلية على حصار المسجد الأقصى بشكل كامل ومنع المصلين من ولوجه إلا عبر أبواب إلكترونية تم تنصيبها على عدد من مداخله. المقدسيون اختاروا، اليوم الأحد، عدم الولوج إلى المسجد إلى أن تتراجع إسرائيل عن حصارها المفروض، بحيث أدوا صلاة الفجر بأقرب مكان إلى المسجد الأقصى استطاعوا الوصول إليه. وجاء قرار فرض الحصار الشامل على أحد أبرز الرموز الدينية عند المسلمين بعدما جرى اشتباك مسلح الجمعة الماضية بين فلسطينيين وبين رجال أمن إسرائيليين، راح ضحيته ثلاثة شبان فلسطينيين وشرطيان من قوات الاحتلال الصهيوني. وزارة الأوقاف الإسلامية في القدس أبرزت، في بلاغ رسمي، فقدان سيطرتها على المسجد الأقصى كاملا، مضيفة أنه تم اقتحام مكاتب ومرافق المسجد من قبل قوات الاحتلال بدون وجود المسؤولين الفلسطينيين؛ وهو ما اعتبرته عدوانا "يمس عقيدة الأمة وتاريخها". وتابعت بأن "إغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين حدث خطير، واعتداء صارخ على حقنا الشرعي"، مطالبة الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤوليتها في ثني حكومة الاحتلال على هذه الخطوات التصعيدية. ودعا المصدر نفسه إلى المحافظة على الوضع التاريخي للأقصى قبل 1967، الذي اعترفت به كافة الهيئات الدولية. ومن جهتها، أعلنت لجان المقاومة الفلسطينية أن مقدسات المسلمين "تتعرض لهجمة صهيونية تهويدية ماكرة"، الشيء الذي وصفته بحالة الحرب، مبرزة أن "ما يحدث في القدسالمحتلة استخفاف بمشاعر المسلمين وإمعان في إهانتهم عبر تدنيس مقدساتهم والتخطيط للسيطرة عليها على مؤامرة التهويد الخبيثة". وفي الرباط، تفكر عدد من الهيئات في أشكال احتجاجية على هذا التصعيد، الذي وصفه عديد من المتابعين للقضية الفلسطينية بغير المسبوق. وفي هذا السياق، سجّل خالد السفياني، المنسق السابق للجنة العمل الوطنية من أجل فلسطين، أن المخطط الصهيوني للقضاء على المجلس الأقصى متواصل خطوة بخطوة، مناشدا كل المدافعين عن مقدسات المسلمين بفلسطين للتحرك العاجل لردع الكيان الإسرائيلي. وتابع السفياني، في تصريح لهسبريس، بالقول: "أنادي الملك محمدا السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، بأن يتحرك على أوسع نطاق في هذا الظرف بعد أن اتضحت حقيقة المخطط الصهيوني". وناشد المحامي والفاعل الحقوقي كذلك الملك عبد الله الثاني، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، بصفته وصيا على المسجد الأقصى، بإبداء موقف صارم حيال هذه التطورات، لإرغام إسرائيل على التراجع عن الإجهاز على المسجد الأقصى، وعلى المستوى الشعبي شدد المتحدث ذاته على ضرورة وجود تحركات قوية في مختلف البلدان العربية والإسلامية ردا على هذه المخططات التي وصفها بالدنيئة من قبل قوات الاحتلال. وزاد السفياني أن هذه التطورات التي يشهدها المسجد الأقصى عبارة عن بالون اختبار للوطن العربي برمته، على اعتبار أنها المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق المسجد بالكامل في وجه المصلين ومنعهم من أداء صلاة الجمعة داخله، فضلا عن تثبيت أبواب إلكترونية على مداخله؛ وهو ما يعتبر أمرا خطيرا بحسبه، على اعتبار أن "من يفرض المراقبة قبل دخول مكان ما يكون هو صاحب هذا المكان". من جهته، قال أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمحاربة التطبيع، إن الأحداث التي تهدها فلسطين خلال هذه الأيام قد تكون منعطفا تاريخيا في الصراع الفلسطيني الصهيوني؛ وهو ما "أسقط الأقنعة عن الجميع". وانتقد ويحمان، في تصريح خص به هسبريس، الإدانة التي عبّر عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعملية المسلحة التي سقط ضحيتها شرطيان إسرائيليان. وحمّل رئيس المرصد المغربي لمحاربة التطبيع المسؤولية لكل من يدعي الإسلام والدفاع عن المقدسات بالرغم من صمته على هذا العدوان الإسرائيلي، قائلا إن "ساعة الحقيقة قد دقت في هذا الصراع"، داعيا "كل أحرار العالم إلى التصدي لهذا المخطط الإسرائيلي القاضي بهدم المسجد الأقصى وتشييد ما يسمى بهيكل سليمان مكانه". وأرجع أحد أكبر المنتقدين بالمغرب للسياسة الإسرائيلية اتجاه الفلسطينيين هذه الحملة الجديدة لقوات الاحتلال على المسجد الأقصى لما سماه "التنبؤات الإسرائيلية القديمة، التي تزعم أن سنة 2017 ستكون حاسمة في عملية بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى الذي هدموا ما فوقه وما تحته وعددا من أهم الأمكنة المجاورة له".