ازدادت حُمَّى التنافس بين شركات فرنسية وإسبانية عملاقة للفوز بعقد قطار الحرمين الذي يتضمن تشييد خطٍّ سريع للسكك الحديد بين جدة والمدينة المنورة ومكة المكرمة ورابغ. أحد الخبراء رأى أن عوامل "متشابكة" وليس اقتصادية فقط ستحدِّد الجهة التي ستحظَى بمشروع لا تقل تكاليفه عن 7 مليارات يورو، إلا أنّ أحد المسئولين في هيئة السكك الحديد السعودية جدّد نفيه ذلك. وأكد محمد السديري من قسم الإعلام في الهيئة ومقرها الدمام لوكالة الأنباء الفرنسية، توجيه الدعوة إلى مجموعة الشركات الإسبانية، لكنه أوضح أنّ هذا الأمر لا يعني أنها ستحظَى بالعقد. وأضاف في هذا الصدد: "ليس هناك قرار نهائي بمنح هذه الشركات العقد ولم يتم اتخاذ القرار. سبق وأن قلنا إننا سنعلن عن الجهة التي ستحظى بتنفيذ مشروع قطار الحرمين فور الانتهاء من ذلك". بدوره اعتبر خبير اقتصادي رفض الكشف عن اسمه للوكالة الفرنسية، أنّ "التنافس المحموم بين الشركات الإسبانية والفرنسية يفتح الباب واسعًا أمام القائمين على المشروع للحصول على الأفضل مما لدَى الطرفين من خدمات وبكلفة أقل إذا كان ذلك ممكنًا". ورجَّح المصدر أن تكون هناك "عوامل عدة متشابكة" وراء القرار النهائي بمنح العقد في إشارة إلى ظروف سياسية محتملة. ويبدو أن حمى التنافس للفوز بالعقد المهم أدّت إلى تخفيض قيمته من حوالي عشرة مليارات يورو في البداية إلى سبعة مليارات. وكانت صحف إسبانية أعلنت أن كونسرسيوم يضمّ "رنفي" و"تالغو" و"اديف" و"او اتش ال" وغيرها حصل على العقد. وأعلن المسئول في هيئة السكك الحديد نديم درويش الأربعاء الماضي أنّه "لم يتمّ منح عقد تشييد سكة القطار إلى الائتلاف الإسباني والقرار النهائي لم يتخذ بعد". وكانت مجموعة شركات فرنسية سعودية تضمّ الستوم و"اس ان سي اف" (السكك الحديد الفرنسية) وأخرَى تضمّ شركات إسبانية تقدمت بعروض لتنفيذ مشروع القطار السريع بين جدة والمدينة المنورة ومكة المكرمة. وتنافست خمس مجموعات على الأقل وضمنها شركات ألمانية وصينية وكورية جنوبية على الفوز بمشروع قطار "الحرمين" السريع البالغ طوله 450 كلم. ويساعد خط القطار السريع في نقل الحجاج بين المدن الثلاث في موسم الحج السنوي الذي تستقبل خلاله السعودية نحو 2.5 مليون مسلم من كافة أنحاء العالم. وتضم إحدى المجموعتين التي بقيت في السباق شركة الراجحي السعودية والتسوم و"اس ان سي اف" فيما تتشكل الأخرى من الشركات الإسبانية إلى جانب مجموعة الروسان السعودية. وستقدم المجموعة الفائزة العربات وتضمن صيانة الخط السريع طوال 12 عامًا. ولا يتجاوز طول خطوط السكك الحديدية العاملة حاليًا في المملكة 1378 كلم بينها 449 كلم مُخَصّصة للركاب بين الرياضوالدمام مرورًا بالأحياء وبقيق و556 كلم للشحن بين العاصمة ومرفأ الدمام مرورًا ببقيق والأحساء والخرج. كما أنّ هناك 373 كلم تربط بين مواقع صناعية وزراعية وعسكرية ومرافئ تصدير. لكن لدى هيئة السكك الحديدية الكثير من المشاريع المستقبلية التي تمتد لآلاف الكيلومترات لتغطية المملكة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. من جهته أكّد حبيب التركستاني رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق في جامعة الملك عبد العزيز ضرورة "الاستفادة من الخبرات الأوروبية من أجل تحقيق طموحات السعودية وأهدافها في المواصلات". وقال: إن "الشركات الفرنسية لديها خبرة عريقة وكبيرة في هذا المجال كما أنّ للأسبان قدرة تنافسية أيضًا"، وأضاف: إن "الدول الأوروبية استطاعت التغلب على مشاكل الازدحام وتوسع المدن بسبب تطور مواصلاتها". وردًا على سؤال حول انخفاض قيمة العقد قال تركستاني: "نأمل ألا يكون هذا الانخفاض على حساب الجودة والمقاييس كما نتمنّى أن يحظى بالمشروع الجهة التي تملك كفاءة عالية".