برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    الحكومة تعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية        إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله        بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خصوصيات الشعر الأمازيغي بالمغرب
نشر في هسبريس يوم 03 - 05 - 2017

تشكل اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي واتفاقية عام 2005 لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي أداتين عمليتين تسعى اليونسكو من خلالهما إلى تشجيع نشر التراث الشعري العالمي، وحفز الإبداع الشعري الذي تنعقد فيه الصلة العميقة بين التنوع الثقافي والتنوع اللغوي، فالشعر يعد صناعة لغوية للتعبير عن ذواتنا، وعن إنسانيتنا.
انطلقت فكرة اليوم العالمي للشعر خلال فعاليات مهرجان ربيع الثقافة الفلسطينية في باريس عام 1997، حيث وجه الشعراء المشاركون (محمود درويش وفدوى طوقان وعز الدين المناصرة) نداءً إلى المدير العام لليونسكو آنذاك، فيديريكو مايور، وكان شاعرا أيضاً، مطالبينه بضرورة تسمية يوم عالمي للشعر.
وفي عام 1998 قدم مثقفون مغاربة منضوون في "بيت الشعر في المغرب" طلبا لمنظمة اليونسكو بهذا الصدد، فكان أن قرر الجمع العام لهذه المنظمة في دورته الثلاثين التي شهدتها باريس إعلان يوم 21 مارس يوما عالميا للشعر. وتضمنت وثيقة الإعلان عدة اعتبارات مرتبطة بواقع الإنسان المعاصر، ومدى حاجته إلى الشعر. ووفقا لمقرر اليونسكو، فإن الهدف الرئيسي من ذلك هو دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، وإتاحة الفرصة للغات المهدّدة بالاندثار كي يُسمع لها في مجتمعاتها المحلية.
وأشارت إيرنينا بوكوفا، مديرة منظمة اليونسكو، في إحدى رسائلها في اليوم العالمي للشعر، إلى أن "لكل لغة شعرها الخاص، ولكل إنسان في أعماقه شاعر مرهف الحس"، وزادت: "ويجسد الشعر، سواء كان بسيطا أو مزخرفا، أدق التفاصيل في بحور التجربة البشرية؛ فهو يعبر عما تعجز عن وصفه الكلمات، وعما يشكل الكنز المكنون للبشرية جمعاء".
ولعل اللقاءات التي تنظم تكريما للشعر والشعراء، كالتظاهرة الثقافية التي نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمقره يوم 27 أبريل 2017، تحت شعار "الهند- المغرب: حوارات شعرية"، بمشاركة شاعرات وشعراء من البلدين، تشكل إحدى اللبنات الأساسية للحفاظ على ذاكرة الإبداع المغربي؛ كما أنها محطة مهمة للتعريف بآداب وثقافة الشعوب الأخرى كما هو الحال بالنسبة للهند التي استضافت التظاهرة المذكورة شاعرها الكبير Javed Akhtar جافيد أختار.
خصوصيات الشعر الأمازيغي بالمغرب
يطرح الوضع الحالي للأدب الأمازيغي ضرورة انتقاء الشعر القديم، وذلك باختراق مجاهل الأصقاع للتنقيب عن هذا التراث النفيس، وكذا الحرص على جمعه ودراسته وتحليله، وتهيئة الأسباب التي تعطيه المكانة المرموقة على الصعيد العالمي، وهي الغاية المنشودة التي تهدف إليها التظاهرات الثقافية التي تعني بالموروث الشفهي الوطني، خاصة الأدب والشعر الأمازيغيين.
ويمثل الشعر المأثور الذي توارثته الجماعات والأجيال عن بعضها البعض، وفي جميع أشكاله، عصارة فكر المجتمع الأمازيغي ويحمل سماته الروحية والحضارية ويجسد ثقافته في مراحلها المختلفة وتطلعاته.
الشعر الأمازيغي وآفاقه
ظهرت نصوص أدبية أمازيغية منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي، وقد اهتمت بها دوريات أمازيغية رائدة كانت تدرجها على صفحاتها، ولعل أشهرها مجلة أمازيغ، وبعدها مجلات أخرى ك "تيفاوت" و"أناروز" وغيرها.
والشعر الأمازيغي سجل الأمازيغ، المكتنز لأخبارهم، المبين لمعاني كلامهم. فقد ظل للشعر موقعه، حيث يعد أحد الفنون النظمية التي ابتدعتها قرائح المبدعين الأمازيغ بلغتهم الأم، تتجلى حيويتها في الأغاني والقصائد التي يروجها شعراؤها. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد شفيق في كتابه لمحة عن ثلاثة وتلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين: منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ص 64: "وقد تعصب أحد أولائك الشعراء ل"لغة أمه" إلى درجة أنه زعم أن الغزل يستحيل بسواها، إذ قال:
في لغة أمي
بُحت إليك حبيبتي، بسرِّي!
كيف يفعل يا ترى
من يجهل لغة الأمازيغ؟
أبكلمة حبّ، أبدا، لا ينطقُ؟".
ويعد الشعر الأمازيغي من أقدم الفنون الأدبية في الثقافة الأمازيغية، وهو أكثر الأجناس الأدبية انتشارا وتداولا في المجتمع الأمازيغي منذ عهود مضت، فالشعر التقليدي يشخصه شعر أسايس/ المرقص "فن رقصة أحواش" (أسايس)، الذي تعرفه المناطق القروية، وخصوصا الجنوبية منها.
يقول الأستاذ المجاهد الحسين في مداخلته تحت عنوان "الأدب الأمازيغي بالمغرب" من كتاب (تاسكلا ن تمازيغت مدخل للأدب الأمازيغي أعمال الملتقى الأول للأدب الأمازيغي 17 -18 ماي 1991، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي) إن الشعر الأمازيغي غنائي في جوهره، ذلك أن الشاعر أو المغني لا يؤدي مهمته كاملة إلا في محفل جماهيري يتكامل فيه دورا المرسل والمتلقي، وفق طقوس معينة تقليدية يفرضها مقام الرقصة الجماعية (أحواش، أحيدوس). ص 15.
ومن جهة أخرى، شكل الشعر أقوى الأجناس الأدبية وأعرقها في تاريخ الأدب الأمازيغي، فهو الصيغة التعبيرية المتفردة التي ظهرت في حياة الإنسان الأمازيغي، وظل مرتبطا بالسيرورة التاريخية الحضارية للثقافة الأمازيغية ( تاريخ الأدب الأمازيغي مدخل نظري منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يوليوز 2004 . ص80).
وتتوزع فروع الشعر في منطقة سوس بين الشعر التعليمي والشعر الإبداعي وكذا الطقوسي، كشعر"أسالاّوْ" الذي يعد شعر طقوس حفلات الزفاف.
لقد أشار الأستاذ عمر أمرير في دراسته "رموز الشعر الأمازيغي وتأثيرها بالإسلام" مطبعة مكتبة دار السلام – الرباط- إلى أن المصادر المهتمة بالشعر الأمازيغي أجمعت على أن كلمة Amarg» « هي المصطلح الدال على الشعر في سوس والمؤشر على قدرة الإبداع الشعري، والمحيل على مجموعة من الإنتاجات الشعرية فضلا عن أنها عبارة عن الاحتفال الشعري.
كما أن كلمة أمارك أي الشعر غالبا ما لا تعني النظم بمفهومه التقني، أي الصنعة، بقدر ما تدل على الشعر كنتاج انفعال وجداني. ويعرف الشاعر (أنظام، أمارير) أيضا ب"بووْمَارك"، أي صاحب الشعر، كما تطلق الكلمة نفسها على القصيدة. والكلمة نفسها تطلق على الشوق والحنين الذي يشعر به الإنسان نحو أهله ووطنه وأحبائه، ومن الناحية الإصلاحية كما أشرت هو الشعر المتغنى به، سمي كذلك من حيث هو الوسيلة الأكثر تعبيرا عن المشاعر والأحاسيس، يضمنها الشاعر شعره محملة بلواعج النفس، وأشواق القلب وآماله، ومن هذا المعنى الأخير أخذ معنى الشعر المؤثر في النفس، فسمي "إموراك"، بمعنى الشعر المغنى. ويذهب الأستاذ محمد شفيق إلى القول إن "أماركَ" كلمة تتركب من عنصرين اثنين "أمَ" و"ارْكْ"، الأول أداة تلحق بالفعل فتجعله اسما.. ولأماركَ معنى آخر هو الشوق والحب.
و"أمرير" ربما جاء من "أورارن" أي: الأشطر الشعرية التي يرددها الشاعر في "أسايس"، ويتغنى بها أمام الجمهور.. فلما حان ترديد "أورارن" وقفا على الشاعر، سمي "أمارير"، كما سمي المكان الذي يردد "أورارن" والشاعرة "تاماريرت". وأمارير كما يشير الأستاذ عمر أمرير هو العنصر الذي تتأسس عليه كل عناصر الاحتفال. كما سمي المكان الذي يردد فيه أشعاره "أسرير".. إماريرن جمع أمارير ومعناه المنشد للأشعار أو المغني المطرب، وهو مصدر أرار.. وفعل أراتيري أي يغني. ويطلق لفظ إماريرن على شعراء أحواش الذين ينشدون أشعارهم ارتجالا في "أسايس"، كما يسمون أيضا "الروايس"، (انظر أماريرن، مشاهير شعراء أحواش في القرن العشرين أحمد عصيد منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية 2011 ص6).
كما تتعدد المصطلحات وتتوزع بتنوع الأشكال الشعرية، ومن أهم المصطلحات المتداولة بين الممارسين والمهتمين بالشعر الأمازيغي أمارك، وهو كما أشرت من الناحية اللغوية يحمل دلالات تجمع "بين الحزن والحنين والشوق إلى البلد الأم (تامازيت) أو إلى الأحبة الغائبين. (تاريخ الأدب الأمازيغي مدخل نظري سلسلة الدراسات الفنية والأدبية، أعمال مائدة مستديرة 20-21 يوليوز 2004 مداخلة الأستاذ الحسين أسكنفل ص، 91).
ومن الناحية الأدبية والفنية يستعمل أمارك للدلالة على مختلف أشكال التعبير الإبداعي والأدبي. وأمارك Amarg) ) كلمة تستعمل في الجنوب المغربي مثلا للدلالة على الشعر المًغَنّى المصاحب والمرتبط بالرقص والغناء أو الإنشاد والاحتفال.(دراسات في الأدب الأمازيغي، أحمد عصيد منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ص 8).
من جهة أخرى تتوزع فروع الشعر في منطقة سوس بين الشعر التعليمي والشعر الإبداعي وكذا الطقوسي؛ فقد ذهب الأستاذ عمر أمرير في كتابه المشار إليه أعلاه إلى أن الشعر الطقوسي أسْلاَّوْ نموذجا هو الذي يضرب في أعماق التاريخ، والذي توارثته الأجيال عبر العصور، متنا ولحنا في الأغاني بوظيفة تطورت بصور غير متساوية في مختلف المجموعات الأمازيغية.
ويضيف الأستاذ أمرير دائما أن طقوسية هذه المناسبات وحضور الشعر فيها يعتبر مزيجا احتفاليا يتشكل من الممارسات الفعلية، ومن المرددات القولية، لذلك أصبح من المستحيل أن نتصور أحدهما منفصلا عن الآخر، ونعتقد أن المرددات الطقوسية هي الشكل الوحيد الذي وصل إلينا من الشعر القديم.
إن الشعر في منطقة سوس يتداول في مناسبات عديدة كأشعار مناسبة الختان والزواج وغيرها كثير. يمكن في هذا الصدد أن نشير على سبيل المثال لا الحصر إلى شعر "تاماواشت"، وهو نوع من أنواع الشعر الغنائي، عبارة عن حوار غنائي وأدبي واجتماعي الموضوع، بطيء النغمة والوزن، تختلف ألحانه وأوزارنه باختلاف المناطق. و"تاماواشت" كلمة أمازيغية مفردة جمعها "تيماواشين"، وتطلق على لون من ألوان المحاورات الشعرية، وتكون مرتجلة ذات مستوى رفيع، سواء من حيث الشكل أو الإيقاع الصوتي المميز؛ كما تعد نوعا من أنواع الشعر الغنائي، بطيء النغمة والوزن تختلف ألحانه وأوزانه باختلاف المناطق، ومن حيث المضمون الذي كثيرا ما يتستر وراء الرمزية والألغاز. (مجلة تاوسنا العدد 1 ، 1994 ص50 تدوين الموروث الشفوي).
شعر القصيدة المطوّلة المغنّاة، سواء التي تصحبها آلات موسيقية أو لا تصحبها، كما هو شأن قصيدة "الروايس" Rways بسوس المسماة "أقصيد" .
لقد أشار الأستاذ عمر أمرير في كتابه محمد المختار السوسي والشعر الأمازيغي (ص 173) إلى أنه وردت كلمات كثيرة في المصادر المكتوبة والشفوية للدلالة على الشعر الأمازيغي، فجمع ما يلي:
"تازرارت- تاماواشت- تاهواريت- تاجرويحت- تامداحت- تامسوست- آوال ن ايسوياس- آدراس- نضم، تانضامت"، وهي المناظرة أو المبارزة أو المحاورة أو المناقرة بين إنظامن. ونجد كذلك "أورار، تاماريرت، آمارك، إيموريك، لهاوا- لغا- أقصيد، شيعر، لمغاني، إيزلي، عيلمولكرش، إيفري، إبناد، آسالاة، آشلحي- آمازيغ...". فتازرارت هو نوع من أنواع الشعر الإبداعي يأتي إما بشكل انفرادي أو جماعي، وهناك أشعار احتفالية تتناول في مناسبة رقصة أحواش.
و"تازرّارت" عبارة عن ثنائيات شعرية ترتبط بالطقوس الاحتفالية، وموضوعه تبادل كلمات الترحيب والمودّة والحب، (دراسات في الأدب الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد عصيد ص 6). واسم تازْرّارْت هو اسم مفرد مؤنث يجمع على "تيزْرارين"، وهو مشتق من الفعل "زْريرْ"، الذي يعني لغة التهنئة، أما اصطلاحا فيعني نوعا من أنواع الشعر الإبداعي الأمازيغي، على شكل إما مقطع منفرد، أو على شكل قصيدة مركبة من عدة مقاطع.
ولا ننسى شعر الحوار العفوي المرتجل كشعر "أنعيبار". وأنعيبار كلمة أمازيغية اشتقت من كلمة "عبر"، أي وزن الكلام، إذ من الشائع بين المغاربة أن يقول أحدهم للآخر "اعبر كلامك" بمعنى زنه.
وتاماواشت اسم مفرد مؤنث يجمع على "تيماواشين"، نوع من الشعر الغنائي على شكل حوار غنائي بطيء النغمة والوزن تختلف ألحانه وأوزانه باختلاف المناطق.
وللشعر الأمازيغي أوزان تسمى "تانانايت"، وكل وزن يتكون من أجزاء تسمى "تالالايت". و"تالالايت" هذه جاءت من الاسم المذكر "آلالاي".. من تكرار هذه الصيغة يتكون كل وزن مثل: آلالاي لالاي لا د آلال لالال (المختار السوسي والشعر الأمازيغي، الأستاذ عمر أمرير).
وتطلق على القصيدة الطويلة التي ينشدها "أمارير" في أحواش "الدرست"، يستعرض فيها أحداثا واقعية أو قصة عاطفية أو سيرة بطل من أبطال التاريخ أو حكاية أو أسطورة ...بسرد الأحداث بحبكة فنية. و"درست" كنوع احتفالي يتميز بشعره الحواري، وهو مصطلح مؤنث مذكره "أدراس"، الذي يعني في الأمازيغية الحلف الكبير (محمد شفيق المعجم العربي الأمازيغي سلسلة معاجم أكاديمية المملكة المغربية- النشر العربي الإفريقي).
وأشهر الشعراء في منطقة سوس الحاج بلعيد، الذي يعد من أكبر "الروايس"، ويحكى أنه كان راعيا وهو طفل صغير وكان يتقن الغناء بالمزمار، ما جعله يلفت انتباه شيخ رماة سيدي محمد أصالح أتزروالت، الذي أدمجه في فرقته؛ وقد عزف على آلات أخرى كالرباب كما تحدث في قصائده عن أحداث بلاد سوس أيام الحماية، والتي كانت تعبيرا عن رفض دخول المستعمر الفرنسي أراضي سوس.
اشتهر بتأليفه لموسيقى الأغنية الأمازيغية بالجنوب، وقد سجل أكثر من ستين قصيدة على أسطوانة أعيد تسجيلها على أسطوانات ميكروسيون قبل انتشار الشريط الصوتي، بالإضافة إلى قصائد أخرى غير مسجلة.. كان الحاج بلعيد معلما مشهورا. وحسب الدكتور عمر أمرير في كتابه الشعر المغربي الأمازيغي( لهجة سوس) طبع سنة 1975، فإن الحاج بلعيد من مواليد "إدا أوباعقيل" (تيزنيت)، وكان هذا الشاعر يبلغ 60 سنة عام 1933، ويرجح أنه توفي بعد سنة 1945 .
وتشير بعض الدراسات إلى أن الحاج بلعيد سافر إلى الشرق، ومكث فيه سنتين، حيث أدى فريضة الحج، ليعود بعدها ويتكلف بتكوين أفواج من "الروايس" وعدة فرق وأجواق موسيقية..وعلى العموم فقد تناول شعره قضايا وطنية ودولية، ويضاف إليه شعراء كالحاج عمر واهروش، الذي ازداد حوالي عام 1933 بناحية مراكش، والذي وصفته بعض الدراسات بصاحب حافظة عجيبة وذاكرة قوية. هذا دون أن ننسى شعراء محدثين، ومنهم صاحب الإبداعات الأدبية والنبرات الجميلة والرنانة الشاعر محمد مستاوي؛ وهو أول من أصدر ديوانا شعريا أمازيغيا سنة 1976، والراحل علي صدقي أزايكو، والأستاذة محمد أكوناض، ومحمد أشكوك وعمر الطاوس، وعثمان أوزليض، والشاعر أحمد الزياني، وهو مقيم بين هولندا والناظور، وقد أصدر خمسة دواوين شعرية، ومنهم أيضا أحمد حداشي من الجنوب الشرقي المغربي، ومحمد وركرار من أكادير.
وهناك شاعرات برعن في نظم الشعر، ومنهن شاعرة المقاومة "تاوكَرات أولت عيسى"، وفاطمة الورياشي، وخديجة إيكن، ولويزة بوسطاش، وحميدو الراقي، وسعيدة فرحان، وعائشة بوسنينة، وحنان كاحمو وأسماء بلقاسمي... والشعراء الذين استضافهم مركز الدراسات الفنية والتعابير الأدبية والإنتاج السمعي البصري التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمناسبة اليوم العالمي للشعر 2017 وهم السيدات والسادة: يطو زاقا، أسماء بلقاسمي، ومليكة بوطالب، ومحمد بورشان، ادريس اسرادي، وسعيد الرايس، والمصطفى سرحان، وسعيد مساوي وعلال أيت أحمد.
و"ثامديازت" هي مصطلح أمازيغي شائع الاستعمال في الأطلس المتوسط، وفي الناحية الوسطى للأطلس الكبير وواحات الجنوب الشرقي، وهي كلمة مفردة تجمع على تيمديازين أو ثيفرين، ومفردها "ثَايْفَّارت". وهناك من يسمى ذلك "أهلل"، والشاعر هو أمهلل. ويعني مصطلح تامديازت الأبيات الشعرية أو القصيدة الشعرية (المغناة) وقد يطلق على بيت شعري واحد أو على مجموعة من الحكم والأمثال والأقوال المأثورة. وأما الشاعر الذي ينشد أو ينظم تامديازْتْ، فيطلق "أمدياز"، وجمعه إمديازن، (معلمة المغرب الجزء ال7 ) هم شعراء جوالون بين القبائل المختلفة لنقل الحكم ونشر القصائد الشعرية. وقد لعب هؤلاء دورا أساسيا في توعية القبائل بالقضايا الوطنية كفضح الاستعمار والدعوة إلى المقاومة ضده.
إضافة إلى أن تامديازت موجهة للتغني والطرب، حيث يتم استقبال الشعراء استقبالا متميزا في جل القبائل التي يحلون بها.
وقد كان أمدياز يستخدم قدرته لإبداع الشعر بل وقدرته على ابتكار "النكت" المؤثرة في جماهير المواطنين من أجل إمتاعهم بالفرجة. وكانت تيمديازين سريعة الانتشار، نظرا لبساطة أسلوبها ودقة معانيها، بالإضافة إلى أنها موجهة إلى للتغني والطرب، ما جعل الجماهير الشعبية تٌقْبِلُ على حفظ هذه القصائد.
وأشهر شعراء هذا النوع أذكر على سبيل المثال لا الحصر الشاعر النابغة "أَكوراي" و"لوسيور"، اللذين تميز شعرهما بالمتانة والدقة.
وإمديازن هم إلى حد كبير مرآة تعكس ما يجري في المجتمع، يتطرقون لجل القضايا السياسية والاجتماعية.. ولغة الشعر تختلف عن لغة التخاطب اليومي، وتتميز بمعجم غني وصور بليغة وتشابيه ومجازات ورموز، وذلك وفق قوانين إيقاعية نظمية عروضية دقيقة تتمثل في: ( ثيط) أي العين، وهي وحدة صوتية من مقطع واحد يتشكل فيها القالب الإيقاعي، بالإضافة إلى حسن الصوت والقرض الفوري. والشعر الأمازيغي ما هو إلا تعبير عن أفراح وأحزان وانشغالات كونية وفلسفية، ويكون مقرونا بالمناسبات الاجتماعية والوطنية والدينية وحتى العالمية.
وفي اللغة الأمازيغية نجد أكثر من مصطلح يطلق على الشعر. يقول الأستاذ محمد شفيق: "هذه اللغة لها شعراؤها الذين يتغنون بها (إيماريرن وواحدهم أمارير وإيمديازن واحدهم أمدياز)".
هناك نمط آخر من الشعر الأمازيغي هو "تايفارت"، وتعني القيد. وسمي النمط الشعري "تايفارت" بهذا الاسم باعتبار النظم الذي يشبه الحلقة المتسلسلة.
وشعر تايفارت هو جنس أدبي قديم في الأطلس المتوسط يرجع إلى جذور الحضارة الأمازيغية التي تعود إلى أزيد من ثلاثين قرنا.
ومواضيع شعر تايفارت تشمل كافة المجالات، وهو نمط قديم ينشده الشاعر وهو يقف وسط الجمهور، ومعه شخصان يرددان البيت الشعري الأخير من القصيدة.
يبدأ الشاعر بمقدمة افتتاحية، وغالبا ما تكون دينية، وبعدها يدخل في صلب الموضوع ليعالج القضية المراد إسماعها للجمهور، وفي الأخير ينتهي باستنتاج عام. إلا أن هذا الفن الشعري له قواعد في الأداء من بينها: على الشاعر أن يدير وجهه يمينا وشمالا تجاه الجمهور المستمع والمتبع لفقراته، وكلما انتهى من فقرة يلتفت إلى المرددين إشارة لإعادة المقطع الأخير، ويسمى في العرف "ثِيوْنْثْ" أي بيت القصيد باعتباره زبدة وعصارة الفقرة من جهة، ثم فرصة لكي يأخذ الشاعر نفسه من جهة أخرى ليسترسل في الفقرة الموالية؛ ومع الانتهاء إخبارا من الشاعر للمرددين والجمهور معا يردد معهما المقطع الأخير.
وبخصوص "إرددان" أو "إنشادن"، وهما كلمتان عربيتان، وحضورهم في المجتمع الأمازيغي بالأطلس المتوسط كشعراء، يشير الأستاذ المصطفى فرحات في كتابه "طقوس وعادات أهل "أبزو" منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ص48 إلى أن "أصل كلمة "إنشادن" عربي، وتعني المنشدين، ولها بمنطقة "أبزو" مرادف آخر، هو من أصل إمداحن".. ويرتبط حضورهم بالمناسبات الدينية والدنيوية، إذ يعكس شعرهم عادات وتقاليد وحقائق ومعلومات ذات صلة بتاريخ المنطقة؛ فأنشاد مؤرخ أمين في تدوينه لأحداث تاريخ المنطقة التي ينتمي إليها ...".
ومن بين أنماط الشعر في الأطلس المتوسط نشير إلى تاماويت، هذا اللون الغنائي الذي يمارس في الأطلس، وهو عبارة عن ألوان المحاورات الشعرية، وتكون مرتجلة وذات مستوى رفيع سواء من حيث الشكل والإيقاع الصوتي المميز أو من حيث المضمون الذي كثيرا ما يوحي إلى الرمزية والألغاز.. يتحاور فتيان قرية وفتياتها في موسم أو عرس وتتمحور المواضيع حول القضايا المتعلقة بالحياة اليومية، إضافة إلى تأملات في الطبيعة. وأهم ما يميز تاماوايت أنها تردد بشكل عفوي وبصوت جد عال يسمع دويه في الجبال. وتاماوايت هو عبارة عن مقطع شعري يدور موضوعه حول تيمة عاطفية، بمعنى المرافقة أو المصاحبة، وهي عبارة عن "موال" طويل النفس، يظهر فيه حسن الصوت وتبرز كذلك براعة المغني أو المغنية. وأشهر الأسماء التي أدت هذا اللون الشعري المتميز "المرحومة يامنة ن عزيز، والفنانة ديفا الأطلس الشريفة كرسيت.
إضافة إلى إزلان ومفرده إزلي، وهو عبارة عن مقطع شعري قصير. وإزلي شعر مصحوب بالعزف، يردده إردّادن بعد الشعر المغني، في حلقات رقصة أحيدوس.. يقول الأستاذ محمد شفيق: "إن من تقاليد الأمازيغيين العريقة الرقص الجماعي المصحوب بالغناء، وهو الذي قال فيه أحد الخبراء الغربيين إنه من إيحاء تموجات السنابل...أو الكثبان في الصحراء، أو أعراف الجبال في الآفاق...وليس من المبالغة أن يقال إن الرقص الأمازيغي التقليدي هو الرقص الكلاسيكي المغربي؛ وليس للمغرب رقص غيره له ميزة تستحق الاعتبار يرشّح بها لأن يمثل الشخصية المغربية...".
وتذهب تسعديت ياسين، الباحثة والأنثربولوجية ومديرة المجلة العلمية أوال بالمدرسة العليا للعلوم الاجتماعية بباريز في كتابها:
Yacine Tassadit. L'Izli ou l'amour chanté en kabyle .Ed Bouchène-Awal.Alger1990 p15.30.
إلى القول إن إزلي فن شعري شفوي أمازيغي. وإيزلي مفرد جمعه إيزلان، وهي كلمة جذرها «زَلْ». وتذكر الأستاذة تسعديت ياسين أنها كلمة تعني الغناء أو الإنشاد. وإيزلان هي قصائد شعر غزلية قصيرة تنشدها غالبا النسوة وأحيانا الشباب في بلاد القبائل وبلاد الطوارق. والإنشاد يكون أحيانا مرفوقا بموسيقى، ويكون ذلك في الأعراس؛ وهو إنشاد يرافق المرأة في كل أعمالها .(مجلة الثقافة الشعبية).
كما نجد "أهلّلْ" و"ثغونوين" وهناك "أفرادي" كنمط شعري، ويتكون من عدة وحدات شعرية، و"ثمنادين": وهي فن شعري على شكل حوار ومبارزة فنية إبداعية بين شاعرين، حيث تعتمد على الحوارية كشرط أساسي لاكتمال المقومات الفنية. (الأنماط الشعرية الأمازيغية التقليدية، ص 25 منشورات مركز الدراسات الفنية والتعابير الأدبية والإنتاج السمعي البصري 18 2009 المعارف الجديدة).
وبهذه المناسبة برعت تاوكًرات أولت عيسى في فن نظم الشعر التي أشرت إليها سابقا، وتنتمي إلى قبيلة أيت سخمان المشهورة بصلابتها وشراستها. ثم هرا نايت هكو من قبيلة أيت عطا، التي رثت زوجها الذي استشهد في معركة بوكافر الشهيرة.
لا نعلم متى ولدت تاوكرات ومتى توفيت، ولكن حسب رينيي فقد كانت تاوكرات عجوزا حوالي سنة 1930 وصنفت كشاعرة فحلة وشبهت بالشاعر اليوناني الكبير "هوميروس". وتشير الدكتورة فاطمة صديقي إلى أن "رينيي" قال عن تلك المقاومة: "لم تكن نبية ولم تكن سحارة...وإنما كان لها خيال يندهش المرء لما فيه من قوة خارقة".
وفي أواخر أيام حياتها، هاجرت تاوكارت إلى قرية صغيرة تسمى "تونفيت" أشهر أحيائها قصر إيشمحان وتقطنه أغلب قبائل أيت يحيى نايت علي أبراهيم التي شاركت في معارك عديدة ضد الاستعمار في موقع تازكزاوت وغيرها حسب الرواية الشفوية.. وقد هاجرت إليها تاوكرات بعدما انتابها اليأس من الانتصار على المستعمر بأيت سخمان.
يقول المتمزغ الفرنسي، "فرانسوا ريني" (François REYNIERS، الذي جمع جزءا من أشعار "تاوكراتّ" حسب الأستاذ محمد شفيق في كتابه: "من أجل مغارب مغاربية بالأولوية" منشورات مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، الرباط، 2000: "لقد كانت عدوتنا "تاوكرات" غير ما مرة، هي التي أحيت الحماسة والشجاعة في نفوس سكّان "أغبالا". وبمجرد ما دخل الفرنسيون "أغبالا" غادرته "تاوكرات" والتجأت إلى "تونفيت" على العدوة الأخرى لنهر"ئورينّ"؛ ولقد ظل نفوذها كبيرا هناك، حيث كان الناس يقدّمون لها الهدايا... إنها شاعرة من طبقة الشعراء اليونانيين الأوائل الذين اتخذهم «هوميروس» نموذجا له؛ معاني شعرها صعبة". ونظمت "تاوكرات" في ذلك الحدث إحدى "تيماوايين" التي اشتهرت بها من بعد.
وقد ورد في كتاب الأستاذ محمد شفيق عن هذه الشاعرة أن "تاوكرات" أيقنت بأن قومها مقبلون على الرومي لا محالة، وقضت أن "آفة الشجاعة هي كثرة الرجال، واسترخت النساء للدفاع عن أرض الأجداد، في سلسلة من ثلاث "تيماوايين".
"دَّانْ – ديرومين، سْوان أخْ كْ وغبالوا نْ ثاسافث؛ ؤر كيذنْ، قَّنّ يِيْسان،
أها دزين تيوَّاس؛ نّانْ أش ا- نّمْيودجار كْ يخامن!"
***
"ثاوكَ آ يطو، غريذْ ي تودا ذ - يْزَّا؛ ثيوْ ثمين أمي – ذ ييّا
لحال اذا اسنيت يلافن ! ئمازيغن يمش كّوثن ذامِّي وْرْ لينْ!" (محمد شفيق، من أجل مغارب مغاربية بالأولوية، ص. 121.)
"جاءت الروم، ووردوا "عينَ السنديان" عجبا ما فرقوا! ضربوا الخيام، بعد أن ربطوا، وقالوا: "إنَّا لكم منذ اليومِ جيران!".
***
"أطلِّي، "يطو"، و"ثوذا"، و"يزَّةَ" واسترخن النساءَ!
عليهن أن يحملن للحرب لواءَها، فبكثرة رجالِ الأمازيغٌ ينعدم الأمازيغُ!"
***
إن أرضاً عن الفهودِ قِدماً ورثناهَا، لن تكون لعبَّادِ الشيطانِ مرتعا.
فإنْ يقتلوني والنهار جاهر، يطردهم، إذا ما جنَّ الليلُ، "صدايَ"!
إضافة إلى الشاعرة هرا نايت هكو من قبيلة أيت عطا.. لقد أشارت الأستاذة للاصفية العمراني الى أن الشاعرة والمقاومة الأمازيغة هرة حسين نايت بن هكو "شاركت في معركة بوكافر الخالدة، والتي استشهد فيها زوجها أمام أعينها بمعية طفليها الصغيرين؛ وتركت لنا أشعارا معبرة وعميقة المعنى، يمكن اعتبارها من وجهة نظر المؤرخ بمثابة وثائق تاريخية لا يمكن الاستغناء عنها في كتابة تاريخ المقاومة المسلحة في الجنوب المغربي؛ فلم تكتف في قصائدها بوصف الأحداث "كشاهد عيان"، بل ذكرت أسماء الضباط الفرنسيين الذين أطروا تلك المعارك أمثال العقيد شارضو POULAIN وCHARDON وبورنزيل BOURNAZEL وغيرهما.. والمعلومات التي وردت في أشعارها تعد بمثابة مصدر مهم في تاريخ المقاومة النسائية وخاصة ما يتعلق بمنطقة الجنوب الشرقي ("دور المرأة الأمازيغية في المقاومة ضد الاستعمار من خلال النصوص الشعرية"، ضمن أعمال الندوة الدولية حول تاريخ الأمازيغ المعاصر (الجزء الثاني) الدورة السادسة للجامعة الصيفية، ن. م.، ص.ص.141 – 160).
ومن بين أشعار هرة حسين نايت بنهكو في رثاء زوجها:
1 – أتاقموت – ن – بوكافر – أها- مي- ووجيلين
2 – هاتيفريت- ن – بوكافر أكي – عيد كوناو
3 – اتيقدنيس كو - ليينو – لليغ كاغ تيدينان
4 – أوا- كزاد – ك- بوكافر أها المجاهدين
5 – تيزى - ن- كونو – مايكان عطا أوريتيد إيفين
6 – أدييمزي – ءاديروو – إدييخو
7 – إيكا كو "مجران" إيكا "أجمو" إكا «تزارين"
8 – أشرضو تناك أوت – بوكافر إيود ألوط
9 – أوتاتن إيوو – حدادين اولا الكوم ن – بولا
10 – هات بوكافر أكنني – نودر إيكو دواتيكيناو
11 – ءوسينك ءايت بوكافر ءا صاغرو سي – كورارن
12 – ءاتيدغ – ءاورومي لليغ ك – ءايسكوان
13 – ءاتا- ن – نغ دو ءاورومي لليغ ك – ءايسكوان
وندرج ترجمة هذه القصيدة الشعرية إلى اللغة العربية، كما وردت في مداخلة الأستاذة العمراني.
1 – آه... يا قمة بوكافر أكثرتي من اليتامى
2 – في مغارتك استشهد رفيق حياتي
3 – آه... لن أنسى فاجعة استشهاده
4 – حين بلغني الخبر من طرف المقاومين
5 – أقسم ! لن يحل عطاوي مكانته في قلبي
6 – صغيراً كان أم كبيراً، وسيما كان أم قبيحا
7 – شارك في معارك أجمو وتازرين.
8 – أيها المستعمر شارضو (Chardon)
9 – المرأة البوكافرية تتحداك
10 – وتقول لك عفر وجهك بالطين
11 – وعفر به خيولك وقوة كوم بولا (POULAIN)
12 – افتخر يا جبل صاغرو الهمام
13 – فقد رفع المجاهدون صيتك في بوكافر إلى الأعالي.
دون أن ننسى الشاعرة الأمازيغية التي تألق بريقها في منطقة أزيلال مريريدا نايت عتيق أو مريريدا تنظامت، التي تعد أيقونة الشعر الأمازيغي في الأطلس الكبير الأوسط، والتي تمت ترجمة أشعارها من قبل René Euloge.
وبخصوص الشعر الأمازيغي في منطقة الريف فهو إبداع فني عالج تيمات مختلفة ركزت على وجه الخصوص على معاني المقاومة ضد الاستعمار وقضايا الهوية؛ ومن الناحية الفنية تميز بالبساطة. فالقصيدة بمنطقة الريف فشهدت تطورا طبيعيا حسب الظروف الثقافية والمسار التاريخي.
وخلافا لما هو شائع فإن القصيدة الريفية عرفت أنماطا عديدة من الإبداع، إذ عرفت غزارة في الإنتاج حسب المناسبات الاجتماعية.. وتميزت "إزران" الذي يعد منتوجا فكريا غنيا بالدلالات الثقافية والرمزية (انظر الشعر الأمازيغي القديم: جمالية البلاغة وسؤال الهوية لمحمد أسويق).. وتشكل اللازمة الشعرية أيارال- بويا لازمة للقصيدة الشعرية في منطقة الريف، لأنها ذات دلالة فنية متميزة، لأنها لصيقة بالذاكرة الشعبية، إضافة إلى "تيقسيسين" التي تشكل نمطا خاصا يكتسب جمالية في التعبير.
وقد حفظت الذاكرة الريفية أشعارا تناولت أمجاد وبطولات أبناء المنطقة، كمقاومة عبد الكريم الخطابي ضد الاحتلال الإسباني، إذ نجد قصائد تصف تحركات المقاومين وتحركاتهم وتفاصيل معركة أنوال الخالدة التي دارت رحاها في منطقة تاليليت. ويعد هذا الشعر الملحمي والقصصي من أروع ما جادت به قريحة الشعراء، معتمدين في ذلك الأسلوب الوصفي الذي يتميز بفخامة اللفظ والرموز التي تصف الحياة اليومية لأهل الريف. فإلى عهد قريب وثقت ثقسيسين و"إزران ن روبيوز "، حيث تتبارى النساء خلال حفلات الأعراس في إظهار محاسن أبنائهن أو بناتهن أو أخواتهن، وكذا أناشيد عديدة تتناول قضايا وطنية.
و"إزران" لفظة تدل على الشعر المغنى بشكل عام، سواء كان قصيدة أو مقطوعات شعرية قصيرة كما هو الحال في "تيقسيسين" Tiqssisinويعرف الأستاذ فؤاد أزروال في مداخلة تقدم بها خلال الملتقى الأول للشعر الأمازيغي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول بوجدة في مارس 2004،) "إزران" بأنها صيغة جمع مفردها "إزري"، وقد تقابله في اللغة العربية تسمية "البيت الشعري"، وهو نمط يعتمد على تجميع ارتجالي لأبيات متعددة لا روابط عضوية بينها، بل قد يتجاوز بيتين أو أكثر متضادي المعنى دون حرج؛ فالشاعر أو المنشد يردد أو يرتجل، حتى إنه في الغالب الأعم يتعذر عليه أن يعيد إنشاد نفس "النص" بذات الأبيات وذات الترتيب.
وندرج نموذجا من إزران.
أيا دهار أبران
أيا سوس ن يخسان
وني زايك إغران
أزايس أغارازمان
أم غرانتش ثبريغين ابيسانْ إفْرانْ
ما يغاريشن نْوَاشْ بنْ تعمانْ
ماذَا قرقاشْ ن غدْ حمو بوُيوْزَانْ.
لقد أشار الدكتور جميل حمداوي في مقال قيم تحت عنوان "أبحاث حول الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف" بموقع أرايفينو.نت" إلى أن الشعر الأمازيغي مر بثلاث مراحل رئيسية هي: المرحلة الشفوية، ومرحلة الكتابة والتدوين، ومرحلة التسميع. ومن ثم، كان الشعر (الإيزري) في المرحلة الشفوية يعتمد على الذاكرة والرواية الشفوية الجماعية، والتقيد بالإيزري، واحترام القافية والروي، وتمثل الميزان العروضي السداسي المقاطع الذي يتمثل في اللازمة الشعرية المعروفة في التراث الشعري الأمازيغي، وهي: لايارا لايارا لايارا لابويا.
ففي كتاب تحت عنوان "أيت ورياغل قبيلة من الريف المغربي دراسة إثنوغرافية وتاريخية" (الجزء الأول) للباحث دايفيد مونتكَمري هارت، ترجمة وتقديم وتعليق محمد أونيا، وعبد المجيد عزوزي، وعبد الحميد الرايس، الترجمة إلى العربية صدرت سنة 2007 ) ص... "تعتبر "أيَارَا لاَّ بُويَا" هذه اللازمة المشهورة والأبيات المقفاة لها "إزران" إحدى أكثر القيم الريفية والورياغلية استمرارية.. إنها أكثر من مجرد سمة ثقافية، فهي تقليد اجتماعي يحمل طابعا مؤسسيا. ويمكن القول دون مغالاة إن أي قبيلة لا تُغَنَّى بها "أيَارَا لاَّ بُويَا" لا تعتبر ريفية حقا ...".
وقد عرفت القصيدة في الشعر الأمازيغي في منطقة الريف تطورا مهما، وأثثت الساحة الأدبية بدواوين شعرية متميزة، نذكر من شعرائها على سبيل المثال لا الحصر سعيد موساوي، وفاظمة الورياشي، وعائشة بوسنينة، وكريم كنوف، ومصطفى بوحلسة، ومحمد العمالي، وأمنوس، والحسن المساوي، والطيب الزوهري، ومايسة رشيدة المراقي، ومحمد أسويق.
وإجمالا لا بد من الإشارة إلى أن الشعر الأمازيغي يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات التي من شأنها أن تبرز خصوصياته وجمالياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.