بعدما كان أطفال وشباب الأحياء السكنية، في الأزمنة الماضية، ينظمون مباريات كرة القدم في الشوارع والأزقة والممرات، حرص القائمون على تدبير شؤون مدينة خريبكة، خلال السنوات القليلة الماضية، على تأهيل مجموعة من الفضاءات والمساحات المتفرقة، وتخصيصها لممارسة الأنشطة الرياضية، ضمن ما يُعرف بملاعب القرب؛ غير أن فئة من المستهدفين بتلك المشاريع لا تزال طامحة في المزيد من المشاريع المذكورة. ومن بين منتقدي أوضاع ملاعب القرب بخريبكة، أوضح عبد الغني بوسليم، بصفته فاعلا جمعويا، أن "عاصمة الفوسفاط تعيش الإقصاء والتهميش، من حيث إنجاز ملاعب القرب بالعشب الاصطناعي، حيث تفتقر لمرافق رياضية ذات جودة عالية وجمالية رفيعة"، مشيرا إلى أن "أغلب ملاعب القرب المنجزة إلى حد الآن لا ترقى لطموح الشباب الخريبكي". وأضاف المتحدث أن "النمو الديمغرافي وتسابق لوبيات العقار على الأراضي وتجهيزها للسكن، دون مراعاة النسب المئوية التي يخصصها قانون التعمير للمساحات الخضراء وملاعب الترفيه، كلها عوامل أسهمت في افتقار المدينة للأماكن المجهزة والخاصة باللعب، سواء لفائدة الشباب والأطفال"، ضاربا المثال بحيّ الهناء1 الذي أشار إلى أن "أرضية ملعبه فوتت بطريقة غير قانونية، وجرى إنجاز مركّب لذوي الاحتياجات الخاصة، في الوقت الذي لا يجد فيه أبناء الحي أي متنفس للعب، سوى اللجوء إلى الأزقة". ودعا بوسليم، من خلال تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، السلطات إلى "ضرورة إيجاد حلول بناءة، وتجاوز الخصاص المهول الذي تعرفه المدينة من حيث ملاعب القرب المعشوشبة، وإعادة النظر في ملاعب الأحياء السكنية الانبعاث والبيوت والفتح، نظرا لإنشاء أرضيتها من الإسفلت، ما يشكّل خطرا على صحة الأطفال والشباب وباقي الرياضيين". وطالب المتحدث ذاته المجلس البلدي لمدينة خريبكة بضرورة "وضع مشروع جديد، يروم إصلاح الملعب البلدي، وجعله في حلّة ومستوى يليقان باسم عاصمة الفوسفاط"، مشيرا إلى أن "الجامعة الملكية تتكفل بإنجاز العشب الاصطناعي بالملعب الرئيسي للمدينة، ومن المطلوب أن يتكلّف المجلس الجماعي بإصلاح ملعب التداريب، وملعب الكرة المصغرة المحاذي له". أما الفاعل الجمعوي يونس بشيرات، فقد أكّد أن "ملاعب القرب في مدينة خريبكة قليلة مقارنة مع باقي المدن المغربية، نظرا لتحويل المساحات الصالح للعب والترفيه إلى عمارات ومشاريع عقارية واستثمارية"، مشيرا إلى أن "غياب المتنفسات الترفيهية والرياضية يسهم بشكل واضح في انحراف الشباب، وتضييع أوقاتهم في المقاهي والملاهي؛ وهو ما يفرض على المسؤولين إعطاء الجانب الرياضي ما يستحقه من عناية واهتمام". وعن الملاعب المتوفرة بمدينة خريبكة، أوضح بشيرات أن "المدينة تتوفر على ملعب واحد مغطّى، يوجد بملحقة قاعة مولاي يوسف، ويتطلّب تنظيم مباراة كروية داخله أداء 150 درهما للساعة؛ وهو يُعتبر مبلغا باهظا لدى فئات واسعة من الشباب الممارس لكرة القدم"، مضيفا أن "ملعبا آخر أنشأته إحدى الشركات التركية لفائدة عمّالها السابقين بالمجمع الشريف للفوسفاط، يعمل صاحبه، في الوقت الراهن، على كرائه للرياضيين ب 200 درهم نهارا، و300 درهم ليلا". وبصفته رئيسا سابقا لإحدى الجمعيات المهتمة بكرة القدم، أكّد يونس بشيرات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحيّ السكني القدس يتوفّر على ملعب محروس وغير مغطى؛ لكن الاستفادة منه تتطلب أداء 150 درهما، في الوقت الذي قرّرت مدن مغربية أخرى جعل ملاعب القرب مجانية، أو من خلال أداء مبلغ لا يتجاوز 60 درهما فقط، مقابل الاستفادة من خدمات المرفق وكراء الكرة أيضا"، حسب تعبيره. وسجل المتحدث أن "أغلب ملاعب القرب مهجورة ومهملة، وتنعدم فيها شروط ممارسة الأنشطة الرياضية الآمنة والسليمة"، مضيفا أن "الملاعب الخاصة بكرة السلة قليلة أيضا، ولا تتوفر على الحراسة الضرورية؛ وهو ما يتسبب في تخريب معداتها، بالرغم من تدخل المكتب الشريف للفوسفاط لإصلاحها بين الفينة والأخرى"، خاتما تصريحه بالتأكيد على أن "أوضاع وأثمنة الملاعب بخريبكة تدفع الرياضيين إلى شدّ الرحال إلى مدينة بولنوار، نظرا لتوفرها على ملعب محروس وجيّد، ولا يتطلّب أكثر من 60 درهما". ومن جهته، أوضح محمد عفيف، نائب بلدية خريبكة، أن "المجلس البلدي سيعمل على إنشاء مجموعة من ملاعب القرب، انطلاقا من السنة الجارية؛ من بينها ملعب بشراكة مع قدماء اللاعبين، وملعبان آخران بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، مؤكّدا أن المجلس البلدي سيخصّص مبلغ 100 مليون سنتيم سنويا، من أجل إنشاء ملاعب القرب وتهيئتها". وكشف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن "الحسنية الرياضية ستعمل، بشراكة مع الجامعة الملكية، على تهيئة ملعب معشوشب؛ فيما سيعمل المجلس البلدي على إنشاء ملعب معشوشب جانبي، من جهة، وفتح القاعة الرياضية المغطاة الأمل بعد شهرين، من جهة ثانية، وإنشاء ملعبين بالعشب الصناعي بكل من إعدادية المسيرة وابن خلدون، مع تسييج ثلاثة ملاعب للقرب، بشراكة مع مجموعة العمران"، مؤكّدا أن "المجلس البلدي سيحرص، سنويا، على السير بالوتيرة المذكورة".