"نحن نستشعر فداحة هذا الرزء الذي ألمّ بأسرتكم وبكل من صادقوا الفقيد المبرور وعايشوه، نستحضر ما كان يتحلى به، رحمه الله، من دماثة الخلق، وما شهد له به من حكمة وحنكة وكفاءة، مقرونة بالنزاهة، ونكران الذات"، بهذه العبارات التي جاءت ضمن الرسالة الملكية، التي بعث بها الملك محمد السادس، تمت تعزية عائلة الراحل امحمد بوستة، مساء أمس الاثنين، ضمن العشاء الرسمي لوفاته. الراحل، الذي ووري جثمانه الثرى أول أمس الأحد بمدينة مراكش، وحّد ما اختلف في الطيف السياسي المغربي، الذي حضر منه إلى بيت الراحل بمدينة الرباط العشرات لتقديم واجب العزاء؛ وعلى رأسهم القيادات الحزبية. واختارت عائلة الفقيد تكليف القيادي في حزب الاستقلال محمد الخليفة بتلاوة التعزية الملكية، التي ذكر فيها الملك خصال الراحل وما تميز به من وطنية عالية وتفان في خدمة بلده. وكان لافتا الحضور المكثف للمنتمين إلى حزب الاستقلال، يتقدمهم الأمين العام حميد شباط، الذي تلقى تعازي الحاضرين، وأعضاء اللجنة التنفيذية، في وقت سجلت جل الأحزاب السياسية حضورها بقيادات الصف الأول إلا من تعذر عليهم ذلك، ومعظمهم يرافقون الملك محمد السادس في جولته الإفريقية. وفي الوقت الذي حضر فيه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران متأخرا لعشاء العزاء، سجل تواجد قوي لقيادة حزب العدالة والتنمية، وقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفِي مقدمتهم الكاتب الأول للحزب،إدريس لشكر، ورئيس مجلس النواب الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الإدارية لحزب "الوردة"، الحبيب المالكي. حزب الأصالة والمعاصرة سجل غيابا لقيادة الصف الأول؛ إذ لم يحضر لعشاء العزاء سوى بعض الوجوه غير المعروفة، في مقابل حضور بعض وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار، والوزراء المستقلين في حكومة تصريف الأمور الجارية، وفِي مقدمتهم الأمين العام للحكومة، ادريس الضحاك. عشاء العزاء أعاد إلى الواجهة العديد من الوجوه السياسية التي توارت عن الأنظار، أبرزهم القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد بنسعيد أيت إيدير، الذي حضر إلى جانب الأمينة العامة نبيلة منيب، بالإضافة إلى الأمين العام السابق لحزب الاستقلال والوزير الأول الأسبق عباس الفاسي. رسائل عائلة الراحل "سي امحمد بوستة"، التي نقلها القيادي الاستقلالي محمد الخليفة، عبّرت من خلالها عن "عظيم شكرها وامتنانها للملك محمد السادس على العناية الخاصة التي خَص بها فقيد الأسرة"، في حين كشف مقرب من الأسرة لهسبريس أن الملك محمد السادس كثف من اتصالاته ليل الجمعة، بعدما علم بحدة الوعكة الصحية التي ألمت بالراحل. واتفقت جل الآراء التي استقتها هسبريس من الحضور على ما تميز به الراحل بوستة من جمع بين السياسي الذي قاد حزب الاستقلال في مراحل حساسة من تاريخ المغرب، والدبلوماسي ذي الحس العالي الذي اكتسبه بفضل خبرته في المجال.