وجّه الملك محمد السادس انتقادات لاذعة إلى وزارة العدل والحريات، في الرسالة التي بعث بها إلى مصطفى الرميد، الوزير المكلف بالقطاع سالف الذكر في حكومة تصريف الأعمال، حسب ما كشف عنه هذا الأخير في ندوة عقدت اليوم الاثنين بالمعهد العالي للقضاء بالعاصمة الرباط، حول "الاستيلاء على عقارات محفظة ومسجلة في اسم الغير، لاسيما في اسم مواطنين أجانب وأشخاص متغيبين". وسجلت الرسالة، التي تلا الرميد مضامينها على الحاضرين، أن الاستيلاء على عقارات الغير أصبحت ممارسة متكررة يدل عليها عدد القضايا المعروضة على المحاكم؛ وهو ما يجسد ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير، وتستدعي التصدي الفوري والحازم لها، تفاديا لما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على مكانة القانون في صيانة الحقوق. ودفعت الشكاوى، التي وردت على الديوان الملكي حول الموضوع نفسه، إلى إثارة انتباه وزارة العدل والحريات "لخطورة هذه الظاهرة، من أجل حث الوزارة على مواجهتها بخطة حازمة ومتكاملة، تتيح تتبع المعالجة القضائية للحالات المعروضة على المحاكم، ضمانا للتطبيق السليم للقانون، والبت في الأجل المعقول، وكذا اتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتنظيمية وعملية، تسهم في تحديدها وتنفيذها كل الجهات والمؤسسات المعنية، وفق منهجية تشاركية تؤمن فعاليتها ونجاعتها". ورفعت رسالة الملك محمد السادس من لهجتها، موضحة أن استمرار التشكي بالموضوع نفسه دليل على تواصل استفحال هذه الظاهرة، ومؤشر على محدودية الجهود المبذولة لمكافحتها إلى حد الآن من خلال "ما يلاحظ من فتور في تتبع معالجتها القضائية أو على مستوى ما يتبين من قصور في تدابير مواجهتها الوقائية". ووجه الملك تعليماته إلى وزير العدل والحريات في حكومة تصريف الأعمال، من أجل الانكباب الفوري على هذا الملف، نظرا لما يشكل من مساس جسيم بحق الملكية الذي يضمنه دستور، داعيا في الآن ذاته إلى وضع خطة عمل عاجلة للتصدي للظاهرة والقضاء عليها، والسهر على تنفيذها شاملة لتدابير تؤمن الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين فيها. من جانبه، قدم الرميد إحصاءات تفيد بأن القضاء تداول في 37 قضية من هذا النوع، 25 منها لا تزال أمام أنظار القضاء إلى غاية اليوم، بالدوائر القضائية لمحاكم الاستئناف، و4 ملفات أمام قضاء التحقيق و6 ملفات أمام الغرف الجنائية الابتدائية، و10 ملفات أمام الغرفة الجنائية الاستباقية، بالإضافة إلى 5 ملفات أحيلت أو في طور الإحالة على محكمة النقض؛ وهو ما دفع بالرميد إلى القول إن "الأمر يكاد أن يصبح ظاهرة، لا سيما أن بعض حالاته تجاوزت إطار السلوكات الفردية لتتخذ صور جرائم منظمة". وفيما تواصلت المشاورات بين الوزير وبين ممثلين عن المؤسسات المعنية في اجتماع مغلق، لإيجاد سبل تحد من الاستيلاء على أملاك الغير، قدم الرميد بعضا من التدابير المتمثلة أساسا في إحداث آلية صارمة في التدابير والدينامية في الأداء، مع السهر على تنفيذ تدابير تؤمن الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية.