تضع اللجنة المكلفة بتعديل النظام الداخلي لمجلس المستشارين اللمسات الأخيرة على الوثيقة الداخلية للغرفة الثانية، وذلك بهدف فسح المجال أمام المواطنين لتقديم الملتمسات والعرائض، إثر صدور القانونيين التنظيمين الخاصين بهما بالجريدة الرسمية. وحسب ما أعلنه المجلس، فقد قطعت اللجنة المعنية أشواطا مهمة في تعديل النظام الداخلي قبل عرضه على المصادقة في الجلسة العامة للتصويت، مؤكدا أنه تم وضع الضوابط لاستقبال الملتمسات والعرائض، بتنسيق مع مجلس النواب، لبناء التكامل المطلوب بين المجلسين. ولم يبد العديد من الجمعويين كثيرا من الحماس للقوانين التنظيمية المنظمة لحق المواطنين في التشريع، الذي جاء تنزيلا لما تضمنته الوثيقة الدستورية في الفصل 14، وذلك بسبب ما اعتُبر شروطا تعجيزية جاء بها، قد تجعل إيصال المجتمع صوته مباشرة داخل قبة البرلمان أمرا بالغ الصعوبة. وترى العديد من الأصوات أن ربط الحكومة المبادرات التشريعية للمغاربة بتقديم ملتمسات ممهورة بتوقيع 25 ألف مواطن مقيم بالتراب الوطني أو خارجه، وقطع الطريق على غير المسجلين في اللوائح الانتخابية، من المقتضيات التعجيزية التي ستحد من هذه الآلية الدستورية. ويسعى مجلس المستشارين بهذه الخطوة إلى تطبيق مقتضيات القانون الذي اشترط القانون التنظيمي لتحويل الملتمس إلى مقترح قانون تبنيه من قبل عضو أو مجموعة أعضاء من البرلمان، وإحالته على لجنة برلمانية مختصة، كما ينص على ذلك القانونان الداخليان لمجلسي البرلمان. وحسب مراقبين، فإن ملتمسات المواطنين المقدمة أمام البرلمان لن تكون لها جدوى، خصوصا في ظل التجارب التي بصم عليها المجتمع في علاقته بالبرلمان، إذ قدم خلال هذه الولاية التشريعية مقترحات لم تر أي منها النور. وتقف القوانين التنظيمية في وجه تقديم المواطنين ملتمسات التشريع في "كل القضايا التي تمس بثوابت الأمة؛ ولاسيما تلك المتعلقة بالدين الإسلامي أو الوحدة الوطنية أو النظام الملكي للدولة، أو بالاختيار الديمقراطي للأمة"، مضيفة إليها "كل المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحقوق والحريات كما هو منصوص عليها في الدستور". ومن جملة الاستثناءات التي وضعت ك"فِيتُو" في وجه إقبال المغاربة على المجال التشريعي، القضايا التي تندرج ضمن اختصاصات المجلس الوزاري، طبقا للفصل 49 من الدستور، باستثناء تلك المتعلقة بالسياسات العامة؛ مع رفض كل الملتمسات التي من شأنها التعارض مع المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة، أو انضمت إليها.