بعد أزيد من شهرين على انتخابات مجلس النواب، التي منحت حزب العدالة والتنمية صدارة المشهد السياسي المغربي بحصوله على 125 مقعدا برلمانيا، ظلت المؤسسة التشريعية متوقفة بسبب عدم انتخاب أجهزة المجلس. وفي الوقت الذي ترى فيه العديد من الأصوات أن حالة "البلوكاج" التي شهدتها المشاورات بين الأحزاب السياسية لتشكيل الحكومة حوّلت المؤسسة البرلمانية إلى ملحقة للسلطة التنفيذية، خرجت فيدرالية اليسار، ممثلة في البرلماني باسمها عمر بلافريج، بمراسلة إلى عبد الواحد الراضي، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب قيدوم البرلمانيين المغاربة، داعية إياه إلى عقد دورة لانتخاب رئيس المجلس وتشكيل باقي الهياكل والأجهزة. ويعطي القانون الداخلي لمجلس النواب الحق للكاتب العام لاتخاذ المبادرة لانتخابات رئيس المجلس، بعد توصله من رئيس الحكومة بنتائج الانتخابات التشريعية، التي تتضمن أسماء النائبات والنواب الفائزين ودوائرهم الانتخابية وتواريخ ميلادهم، في مستهل الفترة النيابية. وبحسب ما ينص عليه قانون مجلس النواب، فإن الكاتب العام للمجلس يقوم، فور توصله باللوائح الرسمية، بإشعار أقدم نائبة أو نائب الأكبر سنا من بين الذين مارسوا المهمة النيابية لأكبر عدد من الولايات التشريعية المتتالية، مضيفا: "إذا تعذر ذلك، يشعر الكاتب العام النائبة أو النائب الموالي في السن ثم في عدد الولايات التشريعية، للإشراف على تنظيم جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب". ويتولى الرئيس المؤقت، الذي لن يكون في هذه الحالة غير البرلماني عن الفريق الاشتراكي عبد الواحد الراضي، تشكيل مكتب مكون من نائبتين ونائبين الأصغر سنا، ويدعو، في بلاغ صادر عن المكتب المؤقت، النائبات والنواب إلى عقد جلسة عمومية لانتخاب رئيس المجلس، ويتولى تسيير الجلسات الخاصة بانتخاب الرئيس بمساعدة المكتب المؤقت. ويمكن، بحسب العديد من المهتمين، أن يكون للتوجه نحو انتخاب رئيس مجلس النواب دون تشكيل الأغلبية تأثيرات سلبية على سير المؤسسات، وبالخصوص في حال كان رئيس المجلس من خارج الأغلبية. وفي هذا الصدد، تدفع العديد من الأصوات الرافضة لانتخاب رئيس مجلس النواب قبل حصول رئيس الحكومة على الأغلبية البرلمانية بأنه لا تعتبر الحكومة منصبة إلا بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي. وتعليقا منه على هذا الأمر، يرى عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه "لا يمكن إجراء انتخابات رئيس مجلس النواب قبل حسم رئيس الحكومة للأغلبية البرلمانية الداعمة لحكومته"، مسجلا: "أننا أمام نظام برلماني معقلن، يؤكد على ضرورة التعاون بين السلط وليس الفصل الصارم بينها". وأضاف بنخطاب، في تصريح لهسبريس، أن المفاوضات التي يقودها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لتشكيل الحكومة محدد رئيسي من الناحية السياسية للحسم في رئاسة مجلس النواب، موضحا أن منصب رئيس مجلس النواب يعد إحدى الحقائب الخاضعة للتفاوض بين الأحزاب المشكلة للحكومة خلال التفاهم على تشكيلها. أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط أبرز أنه "من الناحية القانونية ليس هناك مانع يجعل الكاتب العام لمجلس النواب يتخذ المبادرة للدعوة إلى انتخاب رئيس مجلس النواب"، قبل أن يستدرك: "لكن من الناحية السياسية هذا الأمر غير ممكن؛ لأن الأغلبية البرلمانية التي تعد امتدادا طبيعيا للحكومة لم تتشكل بعد".