بدخول إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، إلى المناطق الحدودية على الشريط الساحلي بين المغرب وموريتانيا، يكون الانفصاليون قد توغلوا صوب المحيط الأطلسي، في مناورة يرومون من خلالها استفزاز المملكة، ومحاولة فرض واقع جديد في المنطقة العازلة، واختبار صبر المملكة على ما يجري. الخبير في ملف الصحراء الدكتور عبد الفتاح الفاتحي يرى في تصرفات جبهة البوليساريو الأخيرة أنها ممارسة لخرق مقصود لاتفاق وقف إطلاق النار، وتمادي في ذلك عنوة وتحت أعين بعثة المينورسو، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت هذه البعثة قد رفعت يدها عن مراقبة شروط وقف إطلاق النار، أو أنها عاجزة عن ذلك. الفاتحي أبرز، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "اعتزام جبهة البوليساريو فرض وضع جديد على العديد من الأراضي، وخاصة المتاخمة للشواطئ الأطلسية، ومساندة ذلك إعلاميا، فيما لا تحرك المينورسو ساكنا، يعتبر تواطأ مفضوحا من طرف البعثة الأممية لا يجب السكوت عنه". وتابع المحلل: "إذا كانت بعثة المينورسو في غشت الماضي قد أقامت الدنيا ولم تقعدها عن محاولة المغرب تعبيد طريق بري ما وراء الجدار الرملي، ما اضطر مجلس الأمن لعقد اجتماعات عدة حول أزمة الكركرات، فإنها التزمت الصمت حيال ما تقوم به جبهة البوليساريو في المنطقة". وبالنسبة للفاتحي، توغل البوليساريو في اتجاه المحيط الأطلسي يعني رغبتها في "اختبار درجة صبر المغرب على العودة إلى الحرب"، مضيفا أن "الجبهة تختبر المملكة حول قبول تقوية نفوذها الترابي من جهة، واستغلال الشواطئ الأطلسية لإقامة أنشطة كالصيد البحري، أو على الأقل لتناور بها سياسيا بالدعوة إلى إقامة منشآت على المحيط الأطلسي، كميناء للصيد البحري تموله الجزائر بسخاء". واستطرد المتحدث بأن "جبهة البوليساريو تتمادى في فرض وضع جديد في المنطقة العازلة بالتواطؤ مع بعثة المينورسو بطريقة مخطط لها؛ لأنها نجحت في هذه التجربة حين ترامت على منطقة تيفارتي دون أن يكلفها ذلك إدانة في مجلس الأمن الدولي، بل عدتها اليوم منطقة محررة واستقبلت فوقها الأمين العام للأمم المتحدة". وعزا الفاتحي رفع البوليساريو تحرشاتها ضد المغرب، عبر شروعها في تشييد نقاط مراقبة عسكرية، وربّما جمركية، وقد تقيم ميناء لصيد السمك، إلى إكراهات السياسة الخارجية الجديدة للمغرب في إفريقيا، وأيضا لأن المغرب لا يريد تمكين البوليساريو من المواجهة معه. وخلص الخبير ذاته إلى أنه "إذا كانت بعثة المينورسو في غشت الماضي قد اعتبرت أن تعبيد المغرب لطريق ما وراء الجدار الرملي، لوقف التحركات المشبوهة لجبهة البوليساريو في المنطقة، تغيير للوضع القائم، وخرق للاتفاق العسكري، فإننا اليوم أمام تواطؤ مفضوح للمينورسو مع البوليساريو".