يحتفل العالم في الخامس من دجنبر من كل سنة بمؤسساته المدنية والحكومية باليوم العالمي للتطوع، وذلك منذ أن اعتمدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا اليوم بتاريخ: 17 دجنبر 1985 ، واعتبرت أيضا حسب قرارها رقم 17/25 الصادر في: 20/11/1997 سنة 2001 عاما دوليا للمتطوعين. وتعتبر هذه المناسبة فرصة لتكريم المتطوعين العاملين في هذا الحقل الخيري، في وقت طغت فيه المصالح المادية، وسيطرت فيه ثقافة الأنانية والذاتية، كما أنها أيضا فرصة لإعادة طرح سؤال - قديم جديد - يتعلق بدور العمل التطوعي ومساهمته في الأنشطة التنموية، وعن أي شراكة ممكنة للمؤسسات التطوعية في بلورة البرامج الحكومية والدولية؟ وإذا كان العمل التطوعي يعني المشاركة العفوية في مختلف الأنشطة الاجتماعية والتنموية عبر مختلف المؤسسات الجمعوية باستحضار شرطي: الإرادة والمجانية، بما تعنية الإرادة من إيمان واستيعاب للقيم الوطنية والانسانية، وبما تعنيه المجانية من مسؤولية وتضحية، فإن ثقافة العمل التطوعي تبقى ثقافة راسخة في فكر مجتمعنا المغربي وان بدت منحصرة من حيث الممارسة والتطبيق على مستوى قطاع محدود من الجمعيات التطوعية التي تعمل على تقديم المساعدات والقيام بالخدمات المختلفة. وإذا كان العمل التطوعي في الغرب وفي أوربا على وجه الخصوص قد تبلور مع الحاجة الماسة إلى المساعدة والتعاون الإنساني، خاصة خلال فترة الحرب العالمية الأولى وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما خلفته هذه الحروب من دمار وكوارث إنسانية اقتضت احتياجات اجتماعية طارئة، فإن هذا العمل التطوعي أصيل في مجتمعنا المغربي وفي تراثنا الأمازيغي العربي الإسلامي، فالدين الإسلامي حث على ترسيخ قيم التعاون والتطوع بين مختلف أفراد المجتمع كبيره وصغيره، غنيه وفقيره ، كما أن بلادنا المغرب عرفت ضمن أعرافها وتقاليدها ومنذ القديم ما يعرف "بالتويزة" وهي شكل من أشكال تبادل الخدمات الاجتماعية التطوعية خاصة في الأوساط القروية . لقد عرف المغرب ومنذ فجر الاستقلال ظهور العديد من المنظمات التطوعية التي عملت على إشاعة ثقافة التطوع كممارسة وسلوك من خلال قيامها بالكثير من الأنشطة وتنظيمها للعديد من الأوراش التطوعية، بدءا بطريق الوحدة إلى مختلف الأنشطة في مجال المحافظة على البيئة والإسعافات الأولية وترميم المؤسسات العمومية والعمل مع المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وتنظيف الشواطئ ،وإعطاء دروس في محو الأمية وتنظيم المخيمات الصيفية لفائدة الطفولة. ولعل ضمن الحديث عن المؤسسات التطوعية ببلدنا المغرب التي أصبحت تتزايد سنة بعد سنة تبرز بعض المؤسسات التطوعية الوطنية التاريخية والتي شكلت - بحق – مدرسة تكوينية خرجت الكثير من المتطوعين، منهم من يؤطر الآن بعض الجمعيات التطوعية أو يتقلد بعض مناصب الحكومية المهمة ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر : المنظمات الكشفية والعصبة المغربية لمحاربة الأمية والتربية الأساسية و منظمات الاوراش التي ما زالت تؤطر عبر جمعياتها العديد من الاوراش التطوعية الدولية والوطنية مستقطبا الكثير من المتطوعين من المغرب وخارجه . فتحية لجميع المنظمات التطوعية بالمغرب وهي تحتفل باليوم العالمي للتطوع: المنظمات النسائية منها والحقوقية والثقافية والاجتماعية والتنموية والخيرية، وهنيئا لكل المتطوعين والمتطوعات الذين تعلمت منهم أن العمل التطوعي : إيمان وممارسة وليس خطابا ديماغوجيا استهلاكيا لتحقيق مكاسب مصلحية ؛ إنها مناسبة عالمية ووطنية لتقييم حصيلة منجزاتنا التطوعية واستحضار "القيم التطوعية" كقيم مضافة وداعمة لتكوين الطفولة والشباب على القيم الوطنية والانسانية، وكألية ضمن الرأسمال اللامادي من شأنها كسب رهان المسيرة التنموية والاستحقاقات الحضارية. * رئيس المرصد المغربي للحق في التكوين