برزت خلافات حادة بين إلياس العماري رجل الريف القوي، داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وبين الأمين العام للحزب محمد الشيخ بيد الله، أثناء دورة المجلس الوطني التي عقدها الحزب نهاية الأسبوع الماضي بفندق حسان بالرباط، بفعل اختلاف الرؤى في قضايا جوهرية تخص مواقف الحزب منها، وطريقة تدبيره للمرحلة القادمة، بعد الضربات التي تلقاها "البام" طيلة الأسابيع الماضية، خصوصا بعد ابتعاد فؤاد علي الهمة عن دوره في قيادة سمفونية التدبير اليومي للحزب الذي يُعتبر عرّابه. مصادر من داخل حزب "البام" أكدت ل"هسبريس" أن الحزب يعيش لحظة "ضياع" بعد ابتعاد الهمة عن تسيير شؤون الحزب، وتقديم استقالته من على رأس لجنة الانتخابات ولجنة المتابعة التابعة لحزب "الأصالة والمعاصرة"، لهذا، يضيف نفس المصدر أن الخلافات أصبحت طاغية على طريقة تدبير هياكل الحزب ومواقفه من القضايا السياسية الكبرى التي تنتظر البلاد، كان آخرها طلب بيد الله من أعضاء الحزب أثناء دورة المجلس الوطني التصويت على مسودة الدستور بنعم، قبل أن تظهر بوادر الخلاف بعدما رفض أحد برلمانيي الحزب هذا المقترح، مطالبا بضرورة تطبيق الديمقراطية الداخلية، والوضوح مع الشعب في مثل هذه المواقف، دون تصريف مواقف للإعلام مخالفة ومغايرة، لما يَرُوج في كواليس الحزب. وشدد المصدر ذاته على أن عودة فؤاد علي الهمة، إلى تدبير شؤون الحزب ضرورة حتمية من اجل إنقاذ مشروع "البام"، الذي كان يهدف على حد تعبير المصدر ذاته إلى تغيير المشهد السياسي بعد الجمود الذي عرفته الساحة السياسية، بفعل ضعف الأحزاب وفقدان ثقة المواطنين في هذه الأحزاب، التي اتسمت مواقفها طيلة العقد الماضي بالجمود والاكتفاء بأنصاف الحلول، في أغلب القضايا الكبرى للبلاد، لهذا يقول مصدر "هسبريس" كانت نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية الماضية كارثية بكل المقاييس من ناحية مشاركة المواطنين فيها، إذ عكست إلى أي حد ابتعدت الأحزاب المغربية عن مشاكل وهموم المواطنين المغاربة، ولهذا أيضا يقول ذات المصدر جاء حزب الأصالة والمعاصرة ليخلخل هذا المشهد ويعطيه دفعة قوية بإبراز وجوه جديدة مع مرور الوقت واختمار التجربة، غير أن مشروع الحزب على المدى المتوسط أصيب بانتكاسة بفعل الأحداث المتوالية على الصعيد الجهوي والإقليمي للمنطقة العربية والمغاربية، وهي الأحداث التي انعكست بشكل مباشر على حزب "البام" بعد أن أصبحت الشعارات تُرفع ضده خلال احتجاجات الشارع، كما دخلت الصحافة بمختلف مكوناتها في جلد الحزب بشكل قاس، مما أثر في الحزب بشكل كبير وجعل أعضاءه يدخلون في صراعات داخلية وتجاذبات كان ممكنا تجنبها لو استمر الهمة في تسيير شؤون الحزب بقبضته الصارمة للقرارات الكبرى للأصالة والمعاصرة. مصدر آخر من داخل حزب "البام" أكد ل"هسبريس" أن فؤاد علي الهمة لم يبتعد عن الحزب إلا ليعود إليه، مؤكدا أن ابتعاده ليس نهائيا، مشددا بشكل يقيني أن الهمة عائد لحزب لقيادة دفة الأصالة والمعاصرة، وما هو الآن إلا في "خلوة" خاصة يعيد فيها ترتيب نفسه منتظرا مرور عاصفة الاحتجاجات، والتصويت على الاستفتاء، قبل أن يعود لتوجيه دفة "البام" في الانتخابات التشريعية القادمة، مبررا ذلك بأن الهمة استقال فقط من على رأس لجنة الانتخابات ولجنة المتابعة التابعة للحزب، وهو "تكتيك" سياسي لتفادي المزيد من الضغط على الحزب، مشيرا إلى أن الهمة لو كان ينوي الابتعاد عن تدبير شؤون "البام" لقدم استقالته من الحزب وليس من لجان فرعية ليس ذات قيمة عملية. المصدر ذاته انتقد من يحاول أن يُشيْطِن الحزب، لأن "البام" في الأول والأخير هو حزب كباقي الأحزاب السياسية المغربية ولا "يختلف عنها في شيء" رغم كل ما قيل ويقال، مشيرا إلى تسليط الضوء على فؤاد علي الهمة وقربه من ملك البلاد للإساءة إلى مشروع سياسي كامل. [email protected]